8:40 صباحًا / 13 مايو، 2024
آخر الاخبار

الحجر بكى من وجع غزة، بقلم : ريما محمد زنادة

ريما محمد زنادة

الحجر بكى من وجع غزة، بقلم : ريما محمد زنادة

كنت أسير في إحدى شوارع غزة وأنا التفت يمينا ويسارا حيث الدمار الهائل الذي لحق بالبيوت والمحلات، وكنت أنظر بوجع لحال غزة، فالمصاب كبير، وكل بيت كان يحتضن في أحشائه عائلة غيبتهم جميعا صواريخ الاحتلال.


الكثير منهم لايزال متواجدا مع حجارة بيته أو بالأصح تحت ركام البيت، فالعديد من الجثامين إلى الآن ما زالت مغيبة عن تواجدها في القبور.

كانت خطواتي مثقلة بالألم، خففتها حينما سمعت صوتا ينادي بإسمي، فالتفت حيث وجدت صديقتي أسماء تستقبلني بالأحضان والاشتياق، حيث لم أكن رأيتها منذ زمن بعيد. هذا اللقاء رسم في قلبي فرحة حينما علمت أنها بخير، رغم وجود بعض الاصابات التي كانت واضحة على وجهها بعد تعرض منزلها للقصف .

ملامح الصبر كانت واضحة عليها، لكن نبرات صوتها كانت تؤكد بأن هناك مصابا شديدا حل بها، أكد هذا الشعور حينما سألتها عن شقيقتها أسمهان، لتخبرني بأنها استشهدت مع زوجها وجميع أبنائها، وكذلك ابنتها التي ما زالت عروسا، حيث زفت إلى عريسها الذي استشهد معها قبل فترة قصيرة من بدء الحرب الغاشمة على غزة.

كان من الصعب علي مواساتها أمام جرحها العميق، خاصة أنها حرمت من وداعها أو حتى رؤيتها ولو لحظة واحدة، حيث استشهدت شقيقتها في الجنوب حيث نزحت هناك، وهي تسكن في شمال غزة ومنع الاحتلال التنقل، الأمر الذي جعلها عاجزة عن احتضانها للمرة الأخيرة.

في هذا الوقت اقتربت منا شابة لم تكن ملامحها غريبة علي مباشرة قلت لها “أنت أمل صح؟!” ابتسامتها وسلامها العميق كان يؤكد الإجابة فقد كانت زميلتي في المرحلة الثانوية، وغاب اللقاء سنوات طويلة، تجدد في لقائها الان.

أخبرتها بأن اسمها أمل ولعله بارقة أمل وتفاؤل وسط وجع قطاع غزة المظلوم.

سألتها عن عائلتها وحالها فكانت الإجابة غير متوقعة، حينما أخذت تسرد لي قائمة طويلة من شهداء عائلتها، من بينهم والدها ووالدتها، والقائمة طويلة حيث قصف الاحتلال المنزل على عائلتها بدون سابق إنذار.


وهذه سياسة الاحتلال في عملية الإبادة، فالكثير من العائلات محيت من السجل المدني ولم يعد لها اسم بعد استشهاد كافة أفرادها.

حاولت أن لا أطيل الوقف معهن فالوضع لا يحتمل الأمان، فالاحتلال بالنسبة له كل شيء مباح ومستهدف.


وأنا أسير لأكمل طريقي استوقفتي رؤية د.عبدالخالق، هو من المحاضرين الأفاضل الذين تتلمذت على أيديهم في المرحلة الجامعية، فكان دائم التشجيع لي ويفتخر بأنني من طالباته كلما وجد تقريرا أو مقالا يحمل اسمي.


كانت ملامح وجهه تتكلم الكثير، وإنحناءة ظهره تؤكد لي بأنه موجوع، وأردت سؤاله عن حاله وعائلته لكنه بادرني بالقول “بتعرفي ابني محمد …محمد استشهد”.

كنت كلما أسير تتثاقل خطواتي، فكان يوما ثقيلا على قلبي، الأمر الذي جعلني أخشى أن التقي بأحد أعرفه أو حتى لا أعرفه، فغزة كلها بالنسبة لي هي أهلي وعائلتي، فمن أصابه شيء فقد أصاب قلبي كذلك.

كلما سمعت أو رأيت شيئا في غزة، من استشهاد أو دمار، كنت أقول لو كان الحجر يتكلم لسمعت بكاءه وأنينه على حال غزة ووجعها، فحال الدمار كان يرسم ملامح حزينة تؤكد ذلك.

شاهد أيضاً

رئيس الوزراء يشكر القائمين على مبادرة "سند" لجمع 2 مليار دولار لإغاثة أهلنا في غزة

رئيس الوزراء يشكر القائمين على مبادرة “سند” لجمع 2 مليار دولار لإغاثة أهلنا في غزة

شفا – شكر رئيس الوزراء محمد مصطفى، خلال اتصال هاتفي، اليوم الأحد، رئيس مجلس إدارة …