3:20 مساءً / 27 أبريل، 2024
آخر الاخبار

هل أنتم قدر هذه المسؤولية؟ بقلم : طاهر المصري

هل أنتم قدر هذه المسؤولية؟ بقلم : طاهر المصري

هل أنتم قدر هذه المسؤولية؟ بقلم : طاهر المصري

منذ العام 2007، وحتى الآن، لا أعتقد أن أحداً يعلم بعدد اللقاءات والحوارات الفلسطينية – الفلسطينية التي عُقدت لإنهاء الانقسام، ولا أعتقد أيضاً بأن أحداً يذكر تفاصيل مُخرجاتها، بما فيها اللقاء الحواري الأخير الذي عُقد في موسكو، والذي لم يخرج عن إطار ما كان سابقاً من حوارات، رغم أن الظرف الذي عُقد بها هذا اللقاء، كان استثنائياً بحكم العدوان الحربي الإسرائيلي المستمر على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديداً على قطاع غزة، الذي دمرته آلة الحرب ولا زالت تعمل على تدمير ما تبقى منه، فكان لزاماً على هذه الفصائل التي ضمها اجتماع موسكو أن تكون على قدر ما يجري على الأرض، ولكن للأسف خرجت ببيان يؤشر على أنها ليست فقط بعيدة عن التوصل إلى اتفاق ينهي الانقسام، لا بل بعيدة عن الواقع بمتغيراته المحلية والعربية والدولية.

خلاصة ما وصل اليه اجتماع موسكو أن الفصائل “ستستمر في جولات حوارية قادمة للوصول إلى وحدة وطنية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”. وكأن ما حصل ابتداءً من اتفاق مكة، الذي كان قبل الانقسام، في شباط 2007، والورقة المصرية 2009، واتفاق القاهرة 2011، واتفاق الدوحة 2012، واتفاق الشاطئ 2014، واتفاق القاهرة 2017، واجتماعات القاهرة 1202، واجتماع الجزائر 2022، لم يكن كافياً للوصول إلى وحدة وطنية شاملة، ولا داعي هنا للحديث بأن الظروف وقتها لم تكن مواتية، لا بل لا يوجد لدى المجتمعين أي إرادة سياسية للوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام ويقود إلى مصالحة فلسطينية – فلسطينية، لأن من شأن هذا الفعل، – الذي يخدم المصلحة الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني -، أن يُنهي مصالح شخصية وحزبية لقوى لم يعد

لها تمثيل فعلي على الأرض، وبخاصة أن الطريق نحو إعادة بناء الوضع الداخلي الفلسطيني تمر عبر انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني أولاً، وهذا بحد ذاته خيار لا يمكن لقوى فلسطينية كثيرة أن تقبل به، وإن كانت تًصرح ليل نهار بأنها مع خيار الانتخابات.

قد لا يختلف أحد على ما جاء في بيان موسكو من تأكيدات على التصدي للإبادة الجماعية، وافشال محاولات التهجير، وفك الحصار وايصال المساعدات، والانسحاب من القطاع، ووحدة الأرض الفلسطينية، والحق في تقرير المصير، … الخ، ولكن كُنا ننتظر أن تقول لنا هذه الفصائل كيف ستتحقق هذه التأكيدات في ظل إصرارهم على استمرار الانقسام، وغياب استراتيجية وطنية، مفصلة بخطط قابلة للتنفيذ من أجل الوصول إلى كل ما جاء في هذا البيان.

عن قصد أو غير قصد، لم يتطرق بيان موسكو إلى موضوع الانتخابات، وأعني هنا انتخابات المجلس الوطني، ولم يتم حتى الإشارة إلى تمسك هذه القوى بما جاء في إعلان الجزائر الصادر عن ذات القوى في أكتوبر 2022، من حيث تكريس مبدأ الشراكة السياسية عن طريق الانتخابات، بما فيها انتخابات المجلس الوطني، و”تطوير المقاومة الشعبية وتوسيعها وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة”.

أعلم تماماً بأن ما جاء في إعلان الجزائر المذكور قد تم تجاوزه ونسيانه حتى قبل التوقيع عليه، وكذلك البيان الصادر في موسكو، ولكن السؤال الذي لم أجد له إجابه؛ متى سيتم “تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناته ولا بديل عنه”، إذا لم يكن الآن في ظل حرب الإبادة الجماعية، وسياسة التهجير القسري التي تتبعها دولة الاحتلال، سواء في الضفة الفلسطينية أو في قطاع غزة، فمتى إذن؟

قد يقول قائل بأن عدم التطرق لموضوع الانتخابات أو إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية في بيان موسكو، كان لكي لا يُفهم بأن المجتمعين هناك يناقشون موضوع “اليوم التالي” بعد الحرب، وهذا ليس سبباً ولا مبرراً، كان يمكن الحديث عن “اليوم التالي” برؤية فلسطينية خالصة، بحكم أنهم يمثلون الكل الفلسطيني، أو هكذا هم يعتقدون، وألا يُترك الحديث عن “اليوم التالي” لجهات ولأشخاص ليس لهم الحق، بحكم التمثيل و/أو بحكم الوظيفة، في الحديث عن مألات اليوم الذي ينتهي به العدوان.

نشرت بعض وسائل الإعلام تصريحات لأحد السفراء الفلسطينيين جاء فيها أن الحكومة المرتقبة ستكون حكومة تكنوقراط بحتة بدون فصائل،…، إنها مصممة لتوحيد الفلسطينيين وجغرافيتهم ونظامهم السياسي، …، لقد تغير المشهد السياسي، …، هذا هو الوقت المناسب لسماع شعبنا، …، وليس وقت الفصائل السياسية، …، تقع على عاتقنا مسؤولية توفير حكومة يمكنها توفير احتياجات شعبها، وتوحيد شعبنا ونظامنا السياسي.

إذا كان موظفاً برتبة سفير، يدلي بتصريحات من هذا القبيل، يستثني بها مُجمل “الفصائل” من أي “ترتيبات” قادمة، تتعلق بشأن فلسطيني بحت، فما قيمة اجتماعاتكم، وبياناتكم، وما قيمة الحديث عن شراكة سياسية، وما قيمة الحديث عن أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، إذا ما كان وجودكم في المشهد السياسي وفي إطار (م. ت. ف) لا يُساهم في توحيد “الشعب ونظامه السياسي”؟، ما القيمة التي تحملونها، وما هو نطاق تمثيلكم للشعب الفلسطيني؟.

لا أنتظر إجابة على أي سؤال، ولا اريد أن أعلق سلباً او ايجاباً على ما قاله السفير، لأن الواضح للعديد من الفلسطينيين، هو أن هذه الفصائل لم تعد تمثل إلا مجموعات مصالح صغيرة مرتبطة ببقاء النظام السياسي القائم على وضعه الحالي، وإن كان هذا القول يثير حفيظة هذه الفصائل، فإن القول الفصل بين الحقيقة والادعاء هو صندوق الاقتراع، وكلي أمل أن أكون مخطئاً بهذا الادعاء، فنحن بحاجة إلى قوى حقيقية تأتي بشرعيتها من صندوق الاقتراع، بعد أن فقد العديد منها “شرعيته الثورية”، وأصبحت هذه الشرعية شعار يتمسك به بعضاً من هذه الفصائل، ومن يجرؤ على التشكيك بهذه الشرعية يُعد في صف الأعداء، أو خائناً لدماء الشهداء الاكرم منا جميعاً.

من نافل القول أن العدوان الحربي على قطاع غزة يستهدف الوجود الفلسطيني ككل، ودولة الاحتلال تسعى إلى الحاق هزيمة ليس فقط عسكرية، وإنما سياسية تستهدف القضية الفلسطينية برمتها، ويساعدها بذلك الكثير من الدول بما فيها “دول شقيقة”، وغياب الفعل الفلسطيني، وأعني هناك منظمة التحرير الفلسطينية بكل مكوناتها، يقود حتماً إلى نتيجة سيلعَنُنا التاريخ عليها، وستتبرأ الأجيال منها ومنا. الوقت يمضي بسرعة، لكن لا زال هناك متسع منه يُمَكِنُنا من الاتفاق على الحد الأدنى سياسياً لنتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي.

وأولى هذه الخطوات أن تتحمل القوى والفصائل مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية والتاريخية وأن تبرهن عملياً بأنها حريصة، على الأقل، على وقف الانهيار الحاصل، وترجمة شعار “القرار الوطني المستقل” على أرض الواقع، وأن تتخلى عن مصالحها الحزبية والفردية، وتذهب باتجاه تطبيق قرارات المجلس المركزي (2015 و2018، و2022)، التي هي كفيلة بإعادة الاعتبار للمنظمة كهوية جامعة للشعب الفلسطيني، وأن تعيد صياغة العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من حيث إعادة تعريف وظائفها وتحديدها بكونها ذراع المنظمة لإدارة شؤون الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967.

هذا يمكن أن يكون استعداداً “لليوم التالي” ورسالة واضحة للصديق وللعدو بأن رؤيتنا لما سُمي باليوم التالي، هو حقنا غير المشروط في تقرير مصيرنا، وعدم المساومة عليه. فهل أنتم ايتها الفصائل والقوى على قدر هذه المسؤولية؟.

شاهد أيضاً

المستوطنات الاستيطان

تقرير : العقوبات الأميركية، مناورات مضللة، لا توقف استيطانا ولا تردع ارهاب المستوطنين

شفا – مديحه الأعرج – المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إشاعات كثيرة تتردد …