11:08 مساءً / 29 أبريل، 2024
آخر الاخبار

“وعد كاميرون” فلتذهب بريطانيا إلى مجلس الأمن، بقلم : نبيل عمرو

"وعد كاميرون" فلتذهب بريطانيا إلى مجلس الأمن، بقلم : نبيل عمرو

“وعد كاميرون” فلتذهب بريطانيا إلى مجلس الأمن، بقلم : نبيل عمرو

قبل أكثر من مئة سنة وضعت بريطانيا العظمى حجر الأساس السياسي لإنشاء دولة إسرائيل من خلال ما عُرف بوعد بلفور.

وبين عام 1917 إلى عام 1948، لم تكتفِ بريطانيا بالوعد، بل عملت بكلّ ما لديها من قدرات ودهاء، لتمكين اليهود من إقامة الدولة، وذلك جسّد فعل خيانة للشعب الفلسطيني من جانب الدولة التي كانت منتدبة عليه.

منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا كانت كلفة الوعد البريطاني باهظة جداً، إذ أدخلت منطقة الشرق الأوسط، ذات الأهمّية الاستراتيجية لجميع دول وشعوب العالم، في دوّامة حروب واضطرابات لا تتوقّف، وفرضت على الفلسطينيين تشرّداً قسرياً من خلال المذابح الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية آنذاك، تحت سمع وبصر بريطانيا وبتسهيلات منها.

منذ تأسيس الدولة العبرية وتوسّعها الاحتلالي على أربع جغرافيات عربية هي فلسطين ومصر وسوريا ولبنان، و”دولة الوعد” تقدّم الدعم والرعاية لوليدتها إسرائيل منكرةً على الشعب الذي كان ضحيّتها من خلال وعدها المشؤوم أبسط حقوقه الإنسانية والسياسية والوطنية.

سنواتٌ طويلةٌ مرّت على الوعد، وفصول تحقيقه ورعاية مولوده، إلى أن وصلنا هذه الأيام إلى وعدٍ شفويّ قدّمه السيد ديفيد كاميرون، وزير خارجية بريطانيا حالياً، ورئيس حكومتها قبل 10 سنوات، مفاده بأنّ دولته تدرس إمكانية “الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، وهذا أوّل تصريح يختلف عن إطار المصطلح الدارج “حلّ الدولتين” الذي بدا كما لو أنّه صُمّم للامتناع عن الإشارة صراحة إلى الدولة الفلسطينية.

الاعتراف يكون في مجلس الأمن

وعد بلفور تحقّق، ووعد كاميرون ما يزال مجرّد كلام، والأصحّ قبل أن نتّخذ كفلسطينيين وعرب موقفاً من هذا التصريح يتعيّن علينا وضع سلوك “دولة الوعد” تحت رقابة دقيقة، ليس لما تقول، وإنّما لما تفعل، والأمر بالنسبة للفلسطينيين في غاية البساطة إذا ما احتكمنا إلى المنطق وبديهيّات السياسة. فهو يفترض، إذا ما كانت النوايا صادقة وتنطوي على قرار، أن يبدأ الأمر بإعلان مباشر عن اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية المستقلّة، والذهاب إلى هذا الاعتراف إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بذلك. وهنا يفترض أن يكون الأمر متّفقاً عليه مع الولايات المتحدة لتحييد “الفيتو” هذه المرّة. ومثلما مكّنت “دولة الوعد” من قيام دولة إسرائيل على الأرض يتعيّن على الدولة ذاتها أن تلتزم بالعمل الجدّي على تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم على الأرض، ورعايتها وتقديم كلّ ما يستحقّه الفلسطينيون من تعويضات على الخسائر التي لحقت بهم منذ عام 1917 إلى أيّامنا هذه.

الموقف من الدولة الفلسطينية الذي أعلنه السيد كاميرون سيحكم عليه سلباً أو إيجاباً اعتماداً واستناداً إلى ما سيلحقه من مواقف عملية تصبّ في قيام الدولة وليس كثرة الحديث عنها منذ سنوات طويلة، وربما إلى سنوات آتية. فقد سعدنا بمصطلح “حلّ الدولتين”. غير أنّ تحويل المصطلح إلى مجرّد شعار لفظي دون السعي إلى تنفيذ الجزء الفلسطيني منه، ولّد يقيناً بأنّه كان مجرّد حقن تخدير للفلسطينيين كي يتبعوا سراباً على أنّه ماء.

الدولة لا تقوم بالوعود

لقد نضج الفلسطينيون على نار مأساتهم التي تزداد اشتعالاً وحرقاً مع كلّ سنة تمرّ، لذا فإنّ التصريحات والوعود لم تعد تقنعهم أو تخدّرهم، فالدولة الفلسطينية المنشودة، التي يتنامى اقتناع العالم بأساسيّتها لتوفير الاستقرار في المنطقة، لن تقوم بالوعود والتصريحات ومواقف المناسبات، ولن يكون الحديث عنها مقنعاً إذا لم يقترن بإنهاء الاحتلال لأرضها ورفع الظلم عن شعبها وإنهاء الاستيطان، الذي ما وجد أصلاً إلا لمنع ولادة الدولة الفلسطينية. فهل يصدق أهل وعد بلفور القديم في وعدهم الجديد للفلسطينيين؟

هذا ما لا يُجاب عنه بالتصريحات والمناورات ولا بإطلاق بالونات الاختبار وانتظار إذنٍ من إسرائيل للمضيّ فيه قدماً، إنّما يصدق الوعد مع الفلسطينيين مثلما صدق مع الإسرائيليين، وكلمة السرّ في هذا الأمر دولة فلسطينية مستقلّة على أرضها وعاصمتها القدس الشرقية وفتح ملفّ اللاجئين على حلّ وفق قواعد القانون والقرارات الدولية.

شاهد أيضاً

وزير الثقافة عماد حمدان يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة أوريدو سامر الفارس

شفا – استقبل وزير الثقافة عماد حمدان الدكتور سامر الفارس الرئيس التنفيذي لشركة أوريدو في …