8:20 مساءً / 2 مايو، 2024
آخر الاخبار

نمو التعاون الصيني العربي في صناعة السيارات الكهربائية ، بقلم : فاتن دونغ

نمو التعاون الصيني العربي في صناعة السيارات الكهربائية ، بقلم : فاتن دونغ

نمو التعاون الصيني العربي في صناعة السيارات الكهربائية ، بقلم : فاتن دونغ

بدأت شركات السيارات الكهربائية الصينية الناشئة تجذب استثمارات من الشرق الأوسط بشكل متزايد، حيث أنه خلال شهر يونيو الماضي وحده تم الإعلان عن التوصل إلى ثلاث صفقات في المجال وهي مع الإمارات والأردن والسعودية.
أعلنت شركة “نيو” الصينية لتصنيع السيارات الكهربائية عن توقيع اتفاقية الاشتراك في الأسهم مع شركة “سي.واي.في.إن” القابضة المدعومة من حكومة أبوظبي، وسيقوم الأخير باستثمار إجمالي نحو 1.1 مليار دولار أمريكي لشركة “نيو”. كما أعلنت شركة “تشيان تو” الصينية أن شركتها الأم وقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع مجموعة المناصير الأردنية لتأسيس مشروع مشترك لصناعة السيارات الكهربائية في الأردن. وقبل أسبوعين تقريبا وخلال انعقاد مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب في الرياض، ذكرت تقارير إعلامية عن توقيع اتفاقية بقيمة 5.6 مليار دولار أمريكي بين وزارة الاستثمار السعودية وشركة “هيومان هورايزونز” لتصنيع السيارات الكهربائية الصينية لإنشاء مشروع مشترك للأبحاث في صناعة السيارات وتطويرها وتصنيعها وبيعها.


مما لا شك فيه، في ظل إيلاء الاستهلاك العالمي مزيدا من الاهتمام للاعتدال والصحة وانخفاض الكربون والاستدامة وعناصر التكنولوجيا والموضة والترفيه، فإن سيارات الطاقة الجديدة لديها إمكانات كبيرة في المستقبل، لأنها تلبي احتياجات المستهلكين العالميين وخاصة الشباب.


إن استثمار دول الشرق الأوسط في شركات صناعة السيارات الصينية سيجلب لدولهم محركات جديدة للتنويع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، سيمكِّن الشركات الصينية من دخول السوق العالمية، كما أنه سيوفر فرصا جديدة لتطوير الصناعة نفسها. من هذا المنظور، فإنه وضع يربح فيه الجميع.

من العوامل المساهمة في شراكات الاستثمار هذه هو أن العلاقات الصينية العربية في أفضل حالاتها في التاريخ. حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية العربية الأولى في ديسمبر من العام الماضي، حيث اتفق قادة الصين والدول العربية بالإجماع على بذل جهود شاملة لبناء مجتمع المصير المشترك الصيني العربي في العصر الجديد، وتعزيز التضامن والتنسيق، ودعم تجديد الشباب الوطني لدى الجانبين.


ثانيا، يتماشى الانتقال إلى الطاقة الجديدة مع التخطيط المستقبلي واتجاهات السوق في الشرق الأوسط. تهدف الإمارات إلى خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، ويمثل نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة أحد الركائز الرئيسة في تحقيق ذلك. من المتوقع أن تلعب السيارات الكهربائية دورا رئيسيا في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، تصنف الإمارات ضمن المراتب العشرة الأولى على مستوى العالم في جاهزية الأسواق للتنقل الكهربائي، ومن المتوقع أن يشهد تطورا بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 30% بين عامي 2022 و2028، وفقا لتقرير أصدرته “آرثر دي ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية العالمية.


أما السعودية فتستهدف أن تصبح مركزا لتصنيع السيارات، سينتج 500 ألف مركبة كهربائية سنويا بحلول عام 2030، وأن يكون ما لا يقل عن 30% من السيارات في الرياض كهربائية بحلول عام 2030. وفي أواخر نوفمبر عام 2022، أطلقت السعودية أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، بالتعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة فوكسكون وبي إم دبليو، ومن المقرّر أن تكون سيارات شركة «سير» متاحة للبيع خلال عام 2025.
بالنسبة للمستثمرين في الشرق الأوسط، التمويل ليس الشغل الشاغل. إن أكثر ما يتوقون إليه في التحول إلى الطاقة الجديدة هو التكنولوجيا والخبرة، وهذا بالضبط ما تمتلكه الشركات الصينية الناشئة التي دخلت المعركة مبكرا نسبيا من نظرائها العالمية.


إن تطوير الصين النشط لمركبات الطاقة الجديدة ليس أمرا على أساس لحظة، بل إنه بدأ منذ عام 1992، حيث تم إدراج مشروع السيارة الكهربائية كمشروع بحث علمي وتكنولوجي على مستوى الدولة. وفي عام 2012، حددت أن المحرك الكهربائي النقي هو اتجاه تحول صناعة السيارات، وأصدرت “خطة توفير الطاقة وتطوير صناعة سيارات الطاقة الجديدة”. وفي عام 2020، ثم أصدرت خطة تطوير صناعة مركبات الطاقة الجديدة (2021-2035)، وتم تشكيل أنظمة سياسات داعمة كاملة من حيث التكنولوجيا والصناعة والتمويل والضرائب، مما يوفر ضمانا قويا لتطوير ونمو الصناعة.
تخطت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية 10 ملايين سيارة في 2022، واستحوذت الصين على نحو 60% من السوق.

احتل إنتاج ومبيعات سيارات الطاقة الجديدة في الصين المرتبة الأولى عالميا لمدة ثماني سنوات متتالية. وتمثل طلبات براءات الاختراع في الصين 41.2% من الإجمالي العالمي. يمكن القول إن علامات السيارات الكهربائية الصينية اكتسبت القدرة التنافسية على نطاق عالمي من حيث حجم الصناعة والنظام الصناعي.


التقنيات الأساسية لمركبات الطاقة الجديدة هي المحركات الكهربائية والتحكم الإلكتروني والبطاريات. تكمن ميزة الصين الحالية في البطاريات، حيث حققت مكانة رائدة في العالم سواء كانت من حيث الريادة التكنولوجية أو الحصة السوقية. حتى نهاية عام 2021، شكلت الطاقة الإنتاجية الصينية لبطاريات الليثيوم للسيارات حوالي 70% من الإجمالي العالمي. وتتحسن أنواع منتجات بطاريات الليثيوم في الصين باستمرار، كما تتحسن المؤشرات الفنية مثل كثافة طاقة البطارية وعمرها وتكلفة التصنيع والسلامة.


وتتصدر قدرة الصين دوليا في كفاءة الشحن والتحكم الذكي ومراقبة السلامة. وشهدت الصين التطوير والتحسين المستمرين لسلسلة إمداد صناعة سيارات الطاقة الجديدة في هذه السنوات. على سبيل المثال، قد وصل معدل توطين سلاسل التوريد لمصنع تسلا في شانغهاي إلى 95% بحلول أبريل 2023.


لكل شركات السيارة الثلاث التي اجتذبت الاستثمارات العربية هذه المرة خصائصها. “هيومان هورايزونز” هي شركة مخصصة في سيارات كهربائية ذكية فاخرة. بمفهوم الخيال العلمي والتكنولوجيا المتطورة والأفكار المتقدمة، أصبحت قوة ناشئة لا يمكن تجاهلها في سوق السيارات الكهربائية الحالي، وتمتلك سياراتها تصميمات مميزة وملفتة للنظر مثل نظام الأبواب الجناحية.


أما شركة “تشيان تو” لها طرازان في السوق الصينية كلاهما سيارات رياضية كهربائية. في أكتوبر الماضي، أعلنت الشركة أنها ستبدأ البيع المسبق لمنتجاتها في ماليزيا مع شريكها المحلي. وفي مارس هذا العام، أعلنت الشركة أنها وقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع شركة سيارات أمريكية وتخطط لبدء الإنتاج والبيع في سوق أمريكا الشمالية.


تكون شركة “نيو” التي تم تأسيسها في عام 2014، مألوفة أكثر من الشركتين الأخرين بالنسبة للمستهلكين الصينيين. وقد كانت ينظر إليها على أنها أكبر ثلاث شركات سيارة كهربائية صينية ناشئة إلى جانب “لي شيانغ ” و”شياو بنغ”.


خلاصة القول، فإن هذه الجولة من الاستثمار واسع النطاق في السيارات الكهربائية الصينية من دول الشرق الأوسط تعتبر الاستفادة من نقاط القوة لكل الجانبين. فهي لن تفيد فقط في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، وتسريع تحقيق الاختراقات التكنولوجية وتطبيقها بشكل صناعي، ولكن أيضا توفير الفرص للتكنولوجيات والمنتجات الصينية لدخول السوق العالمي، مما يسمح لمزيد من الناس بالتمتع بثمار التقدم العلمي والتكنولوجي.

شاهد أيضاً

وزارة الاتصالات والحديقة التكنولوجية مذكرة تفاهم لتعزيز وتطوير قطاع التكنولوجيا

وزارة الاتصالات والحديقة التكنولوجية مذكرة تفاهم لتعزيز وتطوير قطاع التكنولوجيا

شفا – وقع وزير الاتصالات والاقتصاد الرقمي عبد الرزاق النتشة، مع نائب رئيس مجلس إدارة …