10:02 مساءً / 26 أبريل، 2024
آخر الاخبار

“ريغافيم” وجرائم “خط المحراث” في محافظة سلفيت بقلم: اللواء د. عبد الله كميل

“ريغافيم” وجرائم “خط المحراث” في محافظة سلفيت بقلم: اللواء د. عبد الله كميل

أود أن أوجه رسالة إلى العالم بأكمله بشأن التطورات الأخيرة في محافظة سلفيت، التي تمثل تحديًا كبيرًا لحقوق شعبنا الفلسطيني وتهدد استقرار المنطقة بأسرها، منذ الإعلان عن وثيقة “خط المحراث” التابعة لمنظمة “ريغافيم” الاستيطانية، ازدادت مخاوفنا وتنامى القلق بشأن مستقبل محافظتنا وسكانها. تهدف هذه الوثيقة إلى تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية التي تم تصنيفها (ج) وتقييد التمدد الفلسطيني فيها، نحن ندين هذه الخطة بشدة ونعتبرها انتهاكًا صارخًا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، إنها محاولة سافرة لتغيير الواقع الجغرافي في المنطقة وانعكاس للفكر العنصري التطرفي والاحتلالي الإحلالي للحكومة الإسرائيلية وقطعان المستوطنين.

“ريغافيم” وخطة “خط المحراث”

سعت ريغافيم لتنفيذ خطتها الاستراتيجية في الضفة الغربية من خلال وثيقة عرفت باسم “خط المحراث” تم توزيعها على السياسيين في إسرائيل، تستهدف من خلالها مناطق “ج” في الضفة الغربية، والتي تم التعبير عنها حسب الوثيقة بالمناطق المفتوحة في “يهودا والسامرة ” .

وجاءت توصيات الوثيقة للحكومة والتي دخلت حيز التنفيذ، القرار الحكومي الإسرائيلي بفتح “المعركة على المناطق المفتوحة” أي مناطق ما يسمى “ج” في الضفة الغربية على افتراض أنها ليست مناطق فلسطينية، بل هي مناطق مفتوحة للتمدد الاستيطاني وبناء البؤر الاستيطانية الجديده وتشكل أراضي احتياطية لإسرائيل لذلك تم تغيير إجراءات إنفاذ القانون من قبل الإدارة المدنية فيما يتعلق بهدم البيوت الفلسطينية وارتفاع عدد إنذارات الهدم ووقف البناء في مناطق “ج”، إضافة إلى تسريع عمليات المصادقة على خطط البناء للمستوطنات وتوسعتها وتزويدها بالبنية التحتية .

تنفيذ “خط المحراث”

تسعى “ريغافيم” لتنفيذ خطتها في الضفة الغربية فيما اطلقت عليه اسم ” المناطق المفتوحة ” من خلال ملاحقة اي نشاط فلسطيني في تلك المناطق، سواء عمليات البناء أو الغرف الزراعية أو آبار الجمع أو بركسات صناعية أو زراعية أو استخدام أي آليات لاستصلاح الأراضي وحتى سيارات جمع النفايات، بهدف تحويل التواجد الفلسطيني في الريف لكانتونات محاصرة تعيش حياة الاختناق، بينما يتمتع المستوطنون بحق التملك والبناء والتنزه في الأرضي الفلسطينية.

تعمل “ريغافيم” على تنفيذ هذه المتابعات من خلال شراء صور جوية بين حين وآخر إضافة إلى تجنيد متطوعين وتزويدهم بسيارات رباعية الدفع وتنفيذ زيارات ميدانية في معظم المناطق، والمناطق التي يصعب الوصول لها تستخدم “ريغافيم” حوامات خاصة لتصويرها بشكل دوري، واستطاعت “ريغافيم” أن تشغل “أقساماً أرضية” من خلال المجالس الإقليمية للمستوطنات تقوم بعمليات المراقبة والإبلاغ عن بناء ونشاطات فلسطينية.

استطاعت “ريغافيم” الحصول على تمويل في فترة الحكومة السابقة التي خصصت لهم نحو 20 مليون شيقل مؤخراً، نشرت وزارة الاستيطان نشرة جديدة كتب فيها أنها ستخصص 40 مليون شيقل من أجل دعم هذه الأقسام.

“ريغافيم” و “الإدارة المدنية”

إن تأثير “رغافيم” كمجموعة ضغط آخذ بالتصاعد والتأثير على “الإدارة المدنية” مع الوقت، من خلال الشكاوى الممنهجة والتي ارتفعت بشكل كبير جدا في الفتره الأخيرة مقارنة مع عدد بسيط من الشكاوى الفردية التي كانت سابقا . إضافة إلى انخفاض تأثير منظمات اليسار مثل حركة “السلام الآن” أو “يوجد حكم”، وانخفاض في تأثير الدبلوماسيين الذين يعملون في القضية الفلسطينية وفي المساعدات الإنسانية في مناطق “ج”، هذا الأمر مرتبط بالطبع بصعود قوة اليمين الاستيطاني في السياسة.

إن وصول قادة “ريغافيم” لسدة الحكم جعل منها “أحد قادة السياسات الحكومية الإسرائيلية في الضفة الغربية”، حيث يشغل المدير التنفيذي للمنظمة الاستيطانية “يخيم زيك”، منصب رئيس مكتب وزير النقب والجليل “إسحق فيسرلاوف”، وفي المقابل يشغل عضو مجلس المنظمة “ساريا ديمسكي” منصب رئيس مكتب الوزير “بتسلئيل سموتريتش”.

مناطق “ج” في محافظة سلفيت

في الوقت الذي تشكل فيه مناطق “ج” ما نسبته 61% من أراضي الضفة الغربية، تعتبر محافظة سلفيت هي الأعلى في تصنيف الأراضي المصنفة “ج” والتي تشكل حوالي 75% من مساحتها الكلية وهي التي تعتبر مناطق التطور الطبيعي والتوسع للبلدات والقرى الفلسطينية في المحافظة وتطوير التجمعات السكنية وتوسعة حدودها وبناء البنى التحتية (كمكبات النفايات، محطات معالجة المياه العادمة أو المناطق الصناعية، حظائر الحيوانات والطيور… إلخ) التي تتعذر إقامتها بجوار المنازل السكنية، إضافة إلى أن هذه الأراضي تعتبر ضرورية لغرض تطوير اقتصاد المحافظة، إضافة لإقامة الكسّارات واستخدام مصادر المياه والزراعة وأراضي الرعي وتطوير السياحة فيها، كما إقامة البنى التحتية المشتركة للبلدات كافة، مثل الشوارع وشبكات المياه والكهرباء كمشاريع الطاقة الشمسية.

وتعتبر أراضي بلدة دير بلوط الأعلى من حيث نسبة مناطق ما يسمى “ج” تليها قرى حارس، مسحة، رافات، وبلدة قراوة بني حسان وأن هناك ما يقارب 1441 منزلا و45 منشأة تمت إقامتها في مناطق ما يسمى “ج” في مختلف تجمعات المحافظة يقطنها حوالي 1040 مواطنا لذا هنالك حاجه لتوسعة حدودها لتشمل تلك الأبنية وبشكل خاص (قراوة بني حسان، بروقين، الزاوية، دير بلوط، حارس، سرطة، كفر الديك، ياسوف، ديراستيا).

جرائم “خط المحراث” في محافظة سلفيت

إن محافظة سلفيت ضحية لـ “خط المحراث” ونشاطات “ريغافيم” المتصاعدة في كافة البلدات والقرى والتي تمثلت خلال الثلث الأول لعام 2023، بـ 70 إخطارا ما بين إخلاء ووقف بناء، إضافة إلى 8 عمليات تجريف لأراضٍ زراعية بمساحة 1560 دونما، ومصادرة 90 دونما من خلال عمليتي مصادرة، و8 عمليات تخريب وتقطيع أشجار نتج عنها تدمير 515 شجرة زيتون، ومصادرة 14 آلية ما بين جرافة وخلاطة وسيارة نقل نفايات، وتنفيذ 5 عمليات هدم لمنشآت .

إن الحملة المسعورة التي تتعرض لها محافظة سلفيت من قبل قطعان المستوطنين والحكومة الإسرائيلية تعكس حجم الاستهداف والأطماع الإسرائيلية في المنطقة، فتصاعد الانتهاكات في الثلث الأول من هذا العام، والذي تمثل في اعتداءات المستوطنين الذي بلغ 83 اعتداء، و17 اعتداء من قبل جيش الاحتلال، و14 إغلاقا، و61 اعتقالا للمواطنين، وإقامة 107 حواجز مؤقتة، وتنفيذ 162 اقتحاما ومداهمات لمنازل المواطنين في المحافظة، ليصل مجمل الانتهاكات في الثلث الأول من هذا العام حوالي 585 انتهاكا.

رسالة محافظة سلفيت

إن تصاعد الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان في محافظة سلفيت من قبل الاحتلال وقطعان مستوطنيه، تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، وتعرقل بشكل كبير الاستقرار في المنطقة. نطالب بوقف فوري لهذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا للقانون الدولي.

نحث المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على التصريح بموقف واضح وقوي تجاه هذه الخطة الاستيطانية، واتخاذ إجراءات فعالة لمنع تنفيذها، وحماية الشعب الفلسطيني من أي محاولات للتهجير القسري أو التمييز العنصري.

نحن بحاجة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي وحقوق الإنسان. يجب أن يتحمل الجميع مسؤوليتهم في حماية الحقوق والكرامة الفلسطينية.

إننا نؤكد على حق شعبنا الفلسطيني في الحياة الكريمة والحرية والعدالة، وندين بشدة أي محاولات لتهجيرهم أو تجريف أراضيهم أو تدمير ممتلكاتهم. وسنواصل العمل الحثيث للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم و العمل على تعزيز التنمية ودعم المواطن وتثبيته في أرضه، وتوفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية، وتعزيز القدرات الاقتصادية والاجتماعية.

ختاما، أدعو الشعب الفلسطيني وكافة القوى الوطنية والمؤسسات المحلية والدولية إلى التماس الوحدة والتضامن في مواجهة هذا التحدي الكبير، إن الوحدة والتكاتف هما سلاحنا الأقوى في مواجهة أي محاولة للقضاء على حقوقنا وحرياتنا.

لن يثنينا أي تحد عن مواصلة النضال من أجل الحق والعدالة.

شاهد أيضاً

الخارجية الروسية ترد على اتهامات أمريكية لبوتين بتنظيم احتجاجات مؤيدة لفلسطين

الخارجية الروسية ترد على اتهامات أمريكية لبوتين بتنظيم احتجاجات مؤيدة لفلسطين

شفا – اعتبرت متحدثة الخارجية الروسية اتهام رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي الرئيس …