11:49 مساءً / 25 أبريل، 2024
آخر الاخبار

لنتعلم فنون الرد بالهدوء ! بقلم : فاطمة المزروعي

نواجه في حياتنا كثير من المواقف التي تؤلمنا نفسيا، لعل منها سماعنا لكلمات من البعض تأتي كالعاصفة المفاجئة فتلجمنا وتدعونا إلى لزوم الصمت التام، فلا نقوى على التوضيح أو حتى مجرد رد عابر. أكاد أجزم بأن معظمنا قد مر بمثل هذه الحالة، عندما يفاجئك شخص ما بكلمات جارحة دون سبب، أو بهجوم لفظي غير مبرر، والمعضلة أن مثل هذه المواقف لا تحدث إلا أمام آخرين. فيكون صمتك بمثابة إقرار وموافقة على كلماته، أو أن يأتي ردك ضعيف ولا يتناسب مع ما تلفظ به ضدك.
قد يفهم البعض أن خير وسيلة للدفاع الهجوم، خاصة في مثل هذه المواقف، لكن لنعطي مثالا لشخص وجه لك كلمات متدنية أخلاقيا، لا يمكنك الهبوط أخلاقيا لمستواه للرد عليه، غني عن القول أن هناك مواقف يكون الصمت حكمة، وكما يقال الصمت لغة، وقد تكون لغة بليغة، لكن إذا أردت أن توجه رسالة تأديبية لذلك الشخص الذي تفوه بكلمات لا تنم عن الأدب والاحترام، أو على الأقل لا تنم عن إنسانية وأخلاق، فإن هذا يتطلب منك سرعة البديهة والهدوء وأيضا اختيار الكلمات حسب الموقف والموضوع، سأضرب مثال بقصة تروى عن المؤلف والكاتب الشهير جورج برنارد شو، الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م، حيث قال له كاتب مغمور في بداية مسيرته في مجال التأليف: “أنا أفضل منك، فأنت تكتب وتبحث عن المال، وأنا أكتب عن الشرف، فقال له برنارد شو: صحيح كل منا يبحث عما ينقصه”. غني عن القول أن هذا الرد جاء ليوجه عدة رسائل منها أهمية الاحترام، وأيضا عدم التعالي وتصنيف الآخرين والنظر لهم بدونية ونحوها من الهالات التي يمنحها البعض على أنفسهم. كتب التاريخ والتراث محملة بالعديد من القصص التي تروي عن ردود لفلاسفة وكتاب وسياسيين وغيرهم، كانت كلماتهم في غاية الايجاز والمباشرة والقوة، فمن التراث العربي، تروى قصة عن الشاعر بشار بن برد، وقد كان كفيف، أنه بينما كان جالسا مع رفاقه، جاءه رجل وسأله قائلا: ما أعمى الله رجلا إلا عوضه. فما الذي عوضك به الله. فقال له بشار بن برد: بأن لا أرى أمثالك. وفي هذا الرد تأديب لهذا الرجل بألا يحاول مرة أخرى أن يؤذي الآخرين بذكر ما يعتقد أنه نقص فيهم، والأمثلة والقصص في هذا الجانب عديدة ومتنوعة، وتبقى قدرة الحكم على الموقف ومن ثم القرار بالرد أو بالصمت، هي التحدي الحقيقي، ففي أحيان يكون الصمت الخيار المناسب، وفي أحيان يكون الرد غير مبرر بل يسبب في فقد الأصدقاء، أو في زيادة سوء الفهم، فالهدوء وعدم الانفعال والتخلص من العصبية وعدم تحميل الموضوع أكبر مما يحتمل هي أولى الخطوات التي تمكننا من سرعة البديهة ومن ثم الرد المناسب على الموقف بشكل راق ومقنع.

شاهد أيضاً

مسؤول أممي : إذا أردنا بناء غزة من جديد فسيتطلب الأمر 200 سنة ولغاية اليوم مطلوب 40 مليار دولار

مسؤول أممي : إذا أردنا بناء غزة من جديد فسيتطلب الأمر 200 سنة ولغاية اليوم مطلوب 40 مليار دولار

شفا – قال المدير الإقليمي بالبرنامج الأممي الإنمائي عبد الله الدردري، اليوم الخميس، إن كل …