
الخطاب الإعلامي والبرنامج الانتخابي والدعاية: ثلاثية التأثير في وعي الناخب ، بقلم: د. عمر السلخي
في كل استحقاق انتخابي، لا يتنافس المرشحون فقط على الأصوات، بل يتنافسون على العقول والقلوب، وهنا تتقدّم ثلاث أدوات حاسمة في تشكيل خيارات الناخبين: الخطاب الإعلامي، البرنامج الانتخابي، والدعاية الانتخابية هذه الثلاثية، إذا أُحسن توظيفها، تصنع الثقة، وإذا أُسيء استخدامها، تُنتج الإحباط وتعمّق فجوة الشك بين المواطن والعملية الديمقراطية.
الخطاب الإعلامي… مرآة شخصية المرشح
الخطاب الإعلامي هو الصوت العلني للمرشح، ومن خلاله تتكوّن الانطباعات الأولى والأكثر رسوخًا، خطاب يتسم بالوضوح، والاتزان، واحترام عقل المواطن، يعكس شخصية قيادية ناضجة.
في المقابل، الخطاب المتشنج، أو الشعبوي، أو القائم على التخوين وتصفية الحسابات، يكشف عن أزمة في الرؤية، ويُضعف صورة المرشح حتى وإن امتلك برنامجًا جيدًا، فالناخب لا يصوّت للأفكار فقط، بل يصوّت للأسلوب والقيم التي يحملها صاحب الفكرة.
البرنامج الانتخابي… من الوعود إلى الخطط
البرنامج الانتخابي هو الاختبار الحقيقي لجدية أي مرشح، برنامج مكتوب بلغة واقعية، يلامس احتياجات الناس، ويحدد أولويات واضحة وقابلة للتنفيذ، يعكس فهمًا حقيقيًا لدور المجلس البلدي أو المحلي.
أما البرامج التي تكتفي بالشعارات العامة والوعود الفضفاضة، فهي غالبًا ما تُقرأ كوثيقة علاقات عامة، لا كخارطة عمل، البرنامج الناجح هو الذي يجيب بوضوح: ماذا سنفعل؟ كيف؟ وبأي إمكانيات؟ ومتى؟
الدعاية الانتخابية… بين الإقناع والتضليل
الدعاية الانتخابية أداة مشروعة إذا التزمت بالأخلاق العامة، وكانت هدفها التعريف بالمرشح وبرنامجه، لكنها تتحول إلى أداة سلبية عندما تُبنى على المبالغة، أو تشويه المنافسين، أو استغلال العصبيات العائلية والمناطقية.
الدعاية الذكية هي تلك التي تُعزّز الرسالة، لا التي تستبدلها، وتُقنع بالعقل قبل العاطفة، وتحترم وعي الناخب بدل محاولة خداعه.
تكامل الأدوات شرط للنجاح
لا قيمة لخطاب إعلامي قوي بلا برنامج واضح، ولا لبرنامج متين بلا خطاب مقنع، ولا لكليهما دون دعاية أخلاقية تنقلهما إلى الناس، نجاح المرشح يكمن في التكامل بين هذه الأدوات، بحيث تخدم هدفًا واحدًا: بناء ثقة حقيقية ومستدامة مع المجتمع.
وعي الناخب… خط الدفاع الأول
في نهاية المطاف، يبقى وعي الناخب هو العامل الحاسم، فكلما ارتفع مستوى الوعي، تراجع تأثير الخطابات الانفعالية والدعاية المضللة، وتقدّم المرشحون القادرون على تقديم رؤية حقيقية وخدمة عامة صادقة، الانتخابات ليست سباق شعارات، بل اختبارًا للنضج السياسي والمسؤولية الوطنية.
الخطاب الإعلامي المسؤول، والبرنامج الانتخابي الواقعي، والدعاية الأخلاقية، ليست أدوات للفوز فقط، بل هي معايير للحكم على أهلية المرشحين لإدارة الشأن العام، وفي زمن الأزمات، تصبح هذه المعايير أكثر إلحاحًا، لأن البلديات والمجالس المحلية لم تعد مجرد مؤسسات خدماتية، بل خط الدفاع الأول عن المجتمع واستقراره.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .