11:22 مساءً / 20 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

تقرير : تعزيز التعاون مع الصين يساعد دول الشرق الأوسط على تحقيق أهداف التنمية

تقرير : تعزيز التعاون مع الصين يساعد دول الشرق الأوسط على تحقيق أهداف التنمية

شفا – شينخوا – مع اقتراب عام 2025 من نهايته، واصل التعاون العملي بين الصين ودول الشرق الأوسط نمواً في عمقه ونطاقه، وذلك في وقت لا تزال فيه المنطقة تعاني عدم الاستقرار بسبب الصراعات وحالة عدم اليقين.

خلال العام الجاري، أطلق مستثمرون صينيون مشروعات جديدة أو وسّعوا استثمارات قائمة بالفعل في نطاق يمتد من منطقة الخليج إلى شمالي إفريقيا، ما أسهم في مساعدة حكومات المنطقة على تسريع وتيرة النمو، وخلق فرص العمل، وتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة الهيدروكربونية.

وفيما تظل قطاعات البنية التحتية والنفط والغاز ركائز مهمة للتعاون الصيني-الشرق أوسطي، اتجه التعاون بين الجانبين بشكل متزايد إلى مجالات الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، والذكاء الاصطناعي، والفضاء الجوي، وغيرها من القطاعات المحورية لمستقبل المنطقة.

–فرص متزايدة

“الفرص هنا في كل مكان”، جملة قالها لي شوي جين، رئيس شركة لمعدات الحفر من مقاطعة قويتشو الصينية، في حديث لوكالة أنباء ((شينخوا)) بمطار الملك خالد الدولي في المملكة العربية السعودية، وهو يتذكر جولة عمل استمرت أسبوعا قام بها في أنحاء المملكة.

وأضاف قائلاً “منتجاتنا ستجد بالتأكيد سوقا لها. ومع التطور السريع في منطقة الشرق الأوسط وعلاقاتها الودية مع الصين، فإن السوق هنا أشبه بكعكة تكبر يوما بعد يوم”.

ويعكس هذا التصور اتجاها أوسع، إذ تتجه أعداد متزايدة من الشركات الصينية إلى الشرق الأوسط بحثا عن الفرص في اقتصاد المنطقة سريع النمو.

ووفقا للهيئة العامة للجمارك في الصين، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول جامعة الدول العربية 240 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من شهر يناير إلى شهر يوليو من عام 2025، بزيادة قدرها 3.2 بالمئة على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله خلال هذه الفترة مقارنة بالأعوام الماضية.

وفي نوفمبر، أفاد مركز الأبحاث البريطاني ((آسيا هاوس)) بأن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري لدول الخليج، متجاوزة بذلك إجمالي حجم تجارة دول الخليج مع الولايات المتحدة وبريطانيا ومنطقة اليورو معاً.

ويتمثل أحد أبرز ملامح هذا التعاون في أنه – إلى جانب حفاظه على متانته في المجالات التقليدية مثل الطاقة والبنية التحتية – شهد أيضاً شراكات في القطاعات التكنولوجية المتقدمة حققت زخماً متسارعاً.

فقد أطلقت شركات تكنولوجية صينية مثل ((بايدو)) و((وي رايد)) مشروعات للقيادة الذاتية في كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية. وفي ديسمبر، نجحت شركة ((كاس سبيس))، إحدى أبرز شركات الصواريخ التجارية الصينية، في إطلاق الصاروخ الحادي عشر من طراز “كينتيكا-1” حاملا أقمارا اصطناعية تملكها الإمارات ومصر. وفي السعودية، تُستخدم حاليا روبوتات صينية مزودة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي في صيانة محطات الطاقة الشمسية الكبرى.

وقال أبو بكر الديب، الباحث الاقتصادي والمستشار في المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، إن “التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط يشهد قفزة نوعية نحو الصناعات عالية التقنية والصناعات المستقبلية”.

ولا تقتصر هذه المشروعات على جانب الأعمال فحسب. يقول مشري عادل، وهو مهندس يعمل في مشروع صيني لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الجزائر: “من خلق فرص العمل إلى تحسين المرافق، يمكن لمس نتائج التعاون مع الصين في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. لقد أصبحت نتائج هذا التعاون جزءا أساسيا من نمط حياتنا”.

— تعاون قائم على تكامل المزايا

وأشار مراقبون إلى أن العامل الذي يدفع هذه الشراكة التي تتنامى نتائجها المثمرة، هو التكامل القوي بين الجانبين. في الوقت الذي تتجه فيه اقتصادات الشرق الأوسط نحو البنية التحتية الرقمية والطاقة المتجددة والنمو المستدام، تقدم الصين حلولا ناضجة وذات تكلفة معقولة.

وقال محمد الجبوري، أستاذ في الجامعة العراقية ببغداد، “أعتقد أن قطاعات التكنولوجيا والاتصالات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومشاريع الطاقة والبنية التحتية الرقمية والطاقة المتجددة والمدن الذكية والرقائق الذكية وتكنولوجيا الفضاء، ستشهد نموا كبير في التعاون العربي الصيني، فالصين متطورة بهذه المجالات وتواصل تطورها في هذه المجالات المهمة، بينما الدول العربية هي بحاجة ماسة لهذه القطاعات، فأعتقد أن مستوى التعاون سوف يكون أكبر وأوسع في المستقبل للطرفين في هذه القطاعات”.

ويجسد الانتشار المتزايد للمركبات الكهربائية الصينية هذا الاتجاه. فبفضل الريادة العالمية التي حققتها الشركات الصينية في تقنيات المركبات الكهربائية وبفضل التكلفة المعقولة لهذه المركبات، نجحت هذه الشركات في ترسيخ حضور قوي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مسهمةً في دفع التحول الأخضر في المنطقة.

وفي الوقت ذاته، جذبت النهضة التكنولوجية الصينية استثمارات متزايدة من دول الشرق الأوسط. وخلال الفترة من يناير إلى أكتوبر من العام الجاري، شارك مستثمرون من المنطقة في أكثر من عشر صفقات استثمارية في الصين، بقيمة إجمالية تجاوزت 4 مليارات دولار، شملت قطاعات مثل المالية والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.

وقال تشن في، نائب مدير إدارة تطوير الأعمال في شركة ((سيبكو 3)) الصينية المحدودة لإنشاءات الطاقة الكهربائية، إن “سعي دول الشرق الأوسط لتحقيق نمو عالي الجودة يتوافق بشكل وثيق مع الخبرات التي راكمتها الصين من خلال مسيرتها في التحديث”. وأضاف قائلا: “ما بدأ كمطلب مشترك يتطور الآن إلى تقارب في الذهنيات وفلسفات التنمية، ما يضع أساسا متينا لتعميق العلاقات في السنوات المقبلة”.

من جانبها، أشارت هبة عباس، عضو اللجنة التنفيذية للمؤتمر العالمي للمرافق 2026، إلى أن “التعاون السابق بين الجانبين أثبت أنه عندما تلتقي قدرة الصين على التنفيذ مع إصرار الشرق الأوسط على تحقيق التنمية، تنشأ معادلة تنموية استثنائية قادرة على توليد مشروعات في شتى القطاعات، وتحويل الفرص إلى واقع، وترجمة الطموحات إلى أفعال ملموسة”.

— شراكة من أجل المستقبل

مع تراجع حدة التوترات في بعض أجزاء الشرق الأوسط، لاحظ محللون وخبراء في مجال الأعمال أن مزيدا من الدول تحول تركيزها نحو التنمية، وفي هذا السياق يُنظر إلى الصين على نحو متزايد باعتبارها شريكا محوريا.

وقال أحمد قنديل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر، في مقال رأي حديث، إن “منطقة الشرق الأوسط تدخل مرحلة يطغى فيها التأثير الاقتصادي على الأولوية العسكرية، وتُدار المنافسة الاستراتيجية بشكل متزايد عبر التجارة والتكنولوجيا والاستثمار”. وأضاف أن الصين توفر للمنطقة “فرصة غير مسبوقة للسعي نحو التكامل والاستقرار والنمو”.

ويتفق الكثير من المحللين الإقليميين مع هذا الرأي، مؤكدين أن الإمكانات الهائلة للتعاون بين الصين والشرق الأوسط لم تُستغل بعد بشكل كامل. وقال شراجا بيران، رئيس معهد الإصلاحات الهيكلية في إسرائيل إن “الصين، التي تعد بالفعل شريكا رئيسيا ذا حضور شامل وإيجابي في الشرق الأوسط، يمكن لإنجازاتها الأسطورية في التخطيط والهندسة أن تحقق المزيد من النتائج التي تُحدِث تحولات كبيرة في المنطقة”.

وأشار محللون آخرون إلى وعي الصين بالواقع المحلي واحترامها لفلسفات التنمية الخاصة بكل دولة. وقال الجبوري في حديثه إلى (( شينخوا)): “على عكس الدول الغربية، لا تحتكر الصين شركاءها ولا تستغلهم، بل تعمل على تعزيز اقتصاداتهم وتنمية صناعاتهم”.

ووافقه في الرأي أبو بكر الديب، معتبرا أن تمسك الصين بمبدأ عدم التدخل في شؤون شركائها والتزامها بنهج المنفعة المتبادلة، وهو ما يحظى بتقدير كبير لدى صانعي القرار وقادة الأعمال في الشرق الأوسط، يمنحان هذا التعاون حيوية مستدامة.

وتابع الديب قائلاً: “وانطلاقا من هذه الأرضية من حسن النية والثقة، فإن كل مشروع وكل اتفاق بين الجانبين يقربنا خطوة إضافية من بناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي”.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم السبت 20 ديسمبر كالتالي :عيار 22 90.700 دينارعيار 21 …