12:22 صباحًا / 20 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

لماذا نحتاج إلى برنامج وطني لقياس ميول طلبة التخصصات الإنسانية في الجامعات الفلسطينية ؟ بقلم : خليل ابراهيم ابو كامل

لماذا نحتاج إلى برنامج وطني لقياس ميول طلبة التخصصات الإنسانية في الجامعات الفلسطينية؟ بقلم : خليل ابراهيم ابو كامل

في كل عام، تلتحق أعداد كبيرة من الطلبة الفلسطينيين بكليات الخدمة الاجتماعية، وعلم النفس، وبقية التخصصات الإنسانية، مدفوعين بأسباب متعددة؛ منها المعدل، أو القرب الجغرافي، أو ضغط الأسرة، أو الاعتقاد بأن هذه التخصصات “أسهل” أو “أكثر إنسانية”.


لكن السؤال الجوهري الذي نغفله غالباً هو:
هل يمتلك هؤلاء الطلبة الميول والاستعداد النفسي والشخصي الحقيقي للعمل في هذه المهن؟

التخصصات الإنسانية ليست مجرد مواد دراسية، بل هي مهن حساسة تمس الإنسان في أضعف لحظاته؛ مريض نفسي، طفل معنف، أسرة مفككة، شخص من ذوي الإعاقة، أو مجتمع واقع تحت صدمة الاحتلال. العمل في هذه المجالات يتطلب أكثر من شهادة جامعية؛ يتطلب ميولاً، وقناعة، وقدرة على التعاطف، والتحمل النفسي، والالتزام الأخلاقي.

من هنا، تبرز الحاجة الملحّة لأن تقوم الجامعات الفلسطينية ببناء برنامج علمي ومنهجي لقياس الميول والرغبات والاستعدادات النفسية للطلبة الراغبين في الالتحاق بتخصصات مثل الخدمة الاجتماعية وعلم النفس، وذلك قبل القبول النهائي أو في السنة الأولى على الأقل.

هذا البرنامج لا يهدف إلى الإقصاء أو المنع، بل إلى:

مساعدة الطالب على فهم ذاته واكتشاف مدى ملاءمته للتخصص.

تقليل حالات النفور، التسرب، أو الاحتراق النفسي التي تظهر لاحقاً.

رفع جودة الخريجين العاملين في القطاعات الإنسانية.

حماية المجتمع من ممارسات غير مهنية ناتجة عن أشخاص لم يختاروا هذا المجال عن قناعة.

إن غياب مثل هذه البرامج يجعلنا نخرّج أحياناً أخصائيين اجتماعيين أو نفسيين غير مؤمنين بدورهم، أو غير قادرين على تحمّل أعبائه، وهذا ينعكس سلباً ليس فقط على الخريج نفسه، بل على الفئات الهشة التي يُفترض أن يتولى دعمها.

في السياق الفلسطيني، تزداد أهمية هذا الأمر، لأن التخصصات الإنسانية ليست ترفاً أكاديمياً، بل خط دفاع اجتماعي ونفسي في مواجهة آثار الاحتلال، والفقر، والعنف، والصدمات الجماعية. لذلك، فإن الاستثمار في اختيار الطلبة المناسبين لهذه التخصصات هو استثمار في صمود المجتمع كله.

ختاماً، فإن بناء برنامج وطني أو جامعي لقياس الميول والقدرات للطلبة المتقدمين للتخصصات الإنسانية لم يعد خياراً، بل ضرورة أخلاقية وأكاديمية ومجتمعية. جامعاتنا مطالبة اليوم بأن لا تكتفي بتعليم الطلبة، بل أن تُحسن اختيار من سيحمل رسالة الإنسان والإنسانية في المستقبل.
خليل ابراهيم ابو كامل

شاهد أيضاً

أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي تٌنظم مؤتمر دولي حول الخطاب الشعري بين التحول والرؤيا

شفا – تحت شعار : حين يتكلم الشعر ..تصغي الأرواح تحت سقف واحد تنظم أكاديمية …