12:21 مساءً / 5 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا بعد عشرة أعوام: مسيرة مشتركة نحو آفاق أبعد ، بقلم : ريماس الصينية

الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا بعد عشرة أعوام: مسيرة مشتركة نحو آفاق أبعد

الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا بعد عشرة أعوام: مسيرة مشتركة نحو آفاق أبعد ، بقلم : ريماس الصينية

عشرة أعوام مضت، لتشكل محطة تاريخية جديدة في مسار العلاقات بين الصين وأفريقيا. فمنذ أن رفعت الصين مستوى علاقاتها مع الدول الأفريقية إلى شراكة استراتيجية شاملة قبل عقد من الزمن، اكتسبت هذه العلاقة بعدا أعمق ورؤية أوضح. واليوم، باتت هذه الشراكة نموذجا لتعاون يقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة ويركز على التنمية المشتركة، بما يقدم دلالات مهمة لشركاء أفريقيا كافة، بما في ذلك الدول العربية ودول غرب أفريقيا.


إن الأساس المتين للعلاقات الصينية الأفريقية ينبع من التجارب التاريخية المتشابهة للطرفين ومن المهمة المشتركة لتحقيق التنمية. هذه الروابط الأخوية تطورت بصورة شاملة ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية، لتتوسع من السياسة والاقتصاد إلى مجالات الأمن والصحة العامة والتبادل الثقافي والابتكار العلمي، وهو ما أسس لشبكة تعاون أكثر توازنا وعمقا.


وقد تجسد هذا التطور في سلسلة من المشاريع التي انطلقت خلال السنوات العشر الماضية. ففي التجارة والاستثمار، حافظت الصين لسنوات طويلة على كونها الشريك التجاري الأول لأفريقيا، وتجاوزت التعاملات التجارية بين الجانبين إطار تبادل المنتجات الأولية. فالصناعات الإلكترونية والآلات والمعدات الصينية تلبي احتياجات الأسواق الأفريقية، بينما تجد المنتجات الأفريقية مثل القهوة والكاكاو والزهور طريقها إلى المستهلكين في الصين عبر منصات التجارة الإلكترونية. كما أن النمو السريع للاستثمار الصيني في أفريقيا أسهم في دعم مساعي الدول الأفريقية لتنويع اقتصاداتها، وامتد التعاون من التعدين إلى التصنيع والاقتصاد الرقمي والقطاعات الخضراء.


وفي مجالات الصحة والمعيشة، كان التعاون وثيقا وملموسا. فالمستشفيات والمدارس التي بنتها الصين أو قامت بترميمها في مختلف الدول الأفريقية أصبحت جزءا أساسيا من خدمة المجتمعات المحلية. وخلال جائحة كورونا، كانت الصين في طليعة الدول التي قدمت اللقاحات والمستلزمات الطبية وأرسلت الفرق الطبية المتخصصة، في تعبير واضح عن روح التضامن الحقيقي. كما ساهمت المشاريع الصغيرة في مجالات المياه والزراعة في تحسين حياة السكان وتعزيز صلتهم بثمار التعاون. وتستمد هذه الجهود قوتها من المبادئ التي تلتزم بها الصين في تعاونها مع أفريقيا، وفي مقدمتها الصدق والشفافية ووضع المصالح المشتركة قبل أي اعتبار آخر. ومن خلال احترام الأولويات الوطنية للدول الأفريقية ودعم قيادتها لمسارات التنمية، نجحت الصين في بناء ثقة واسعة وعلاقات مستقرة.


وعلى أعتاب العقد الثاني من الشراكة، تبرز ثلاثة مجالات رئيسية كركائز للنمو المستقبلي: التصنيع وتطوير سلاسل القيمة، الأمن الغذائي وتحديث الزراعة، والبنية التحتية المستدامة.


أولا، يمثل تعزيز قدرة أفريقيا على الإنتاج الصناعي هدفا مشتركا للطرفين. وسيركز التعاون في المرحلة المقبلة على إنشاء مراكز تصنيع في الدول الأفريقية، ودعم تحويل الموارد الطبيعية والمنتجات الزراعية إلى منتجات ذات قيمة مضافة داخل القارة، بما يتماشى مع تطلعات الأفارقة لتحقيق استقلالهم الاقتصادي.


ثانيا، يأتي الأمن الغذائي على رأس التحديات التي تواجه القارة. وتمتلك الصين خبرات واسعة في مجالات التكنولوجيا الزراعية والري وإنتاج البذور،حيث يمكن توظيف وتكامل تلك الخبرات مع إمكانات دول مثل بوركينا فاسو وغيرها. ومن خلال تطوير مناطق زراعية حديثة وتعميم تقنيات الري الموفر للمياه والزراعة الدقيقة، ستتمكن الدول الأفريقية من تعزيز إنتاجها المحلي وبناء منظومة غذائية أكثر استقرارا.


ثالثا، يشكل تطوير البنية التحتية عاملا حاسما في تجاوز العقبات التي تعرقل التنمية. وسيتم التركيز على إنشاء ممرات لوجستية تربط الدول الحبيسة بالموانئ الساحلية، مثل دعم بوركينا فاسو في تطوير طرقها نحو ميناء تيما في غانا أو ميناء أبيدجان في كوت ديفوار، مما يعزز اندماجها في الاقتصاد العالمي. كما أن الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح سيساهم في التغلب علي نقص الكهرباء الذي يحد من تقدم الصناعة ويحسن حياة السكان، مع الحفاظ على البيئة الأفريقية.


لقد أثبتت السنوات العشر الماضية أن الشراكة الصينية الأفريقية ليست مجرد تعاون اقتصادي، بل هي رؤية مشتركة لمستقبل أكثر ازدهارا. وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، تزداد الحاجة إلى ترسيخ الثقة وتعميق العلاقات. وبالنظر إلى المستقبل، ستواصل الصين وأفريقيا، بما في ذلك الدول العربية ودول غرب أفريقيا، العمل معا لرسم ملامح شراكة أكثر قوة واتساعا، ولبناء طريق جديد نحو تنمية مشتركة وحداثة شاملة تعود بالنفع على الجميع.

  • – ريماس الصينية – صحفية في CGTN العربية – الصين

شاهد أيضاً

مستوطنون يشرعون بحراثة أرض زراعية جنوب شرق بيت لحم

شفا – شرع مستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، بحراثة أرض وزراعتها، في منطقة …