1:10 صباحًا / 4 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

لا مرجع لي إلا الله ، ثلاثية الوجدان الفلسطيني بين رحم الأمّ وحضن الأردن ، بقلم : د. وليد العريض

لا مرجع لي إلا الله ، ثلاثية الوجدان الفلسطيني بين رحم الأمّ وحضن الأردن ، بقلم: د. وليد العريض

لا مرجع لي إلا الله ، ثلاثية الوجدان الفلسطيني بين رحم الأمّ وحضن الأردن ، بقلم: د. وليد العريض

وبدايتنا : حين تنطق الأرض وتكتبنا الأقدار

في البدء كانت فلسطين
رحمًا للألم والكرامة ومهدًا يولد منه الضوء رغم الحصار.
من طينها وُلد أحمد أبو حليوة في دمشق واليرموك، يحمل لجوءه على كفّ الكلمة؛
ومن ترابها خرج محمد الدغليس من سلفيت، يرسم بالريشة صلاة الوطن؛
ومن جرحها وذاكرتها عبر وليد العريض من سلفيت إلى الكويت، فإسطنبول
فإربد، يحمل التاريخ في صدره كقرآنٍ مفتوحٍ على الصبر.
ثلاثتهم أبناء رحمٍ واحد، وإن تفرّقت بهم المنافي،
لكنّ الأمّ بقيت فلسطين والحضن صار الأردنّ
وحين التقت الأرضان انبثق النشيد الواحد:

لا مرجع لي إلا الله.

أبو حليوة… الأديب الذي جعل المخيم قصيدةً حيّة

في دمشق حيث تنام الذاكرة على ضفاف اليرموك،
ولد الأدب الفلسطينيّ في خيمةٍ تهتزّ بين الريح والصبر.
كتب أحمد أبو حليوة عن اللجوء كما تُتلى الفاتحة على جرحٍ مفتوح
عن الناس الذين حملوا أوطانهم في جيوبهم الصغيرة
وعن الحنين الذي صار وطنًا حين غابت الجغرافيا.

لم يكن أدبُه أدبَ نواحٍ، بل أدب كرامةٍ يرفض الانكسار
يكتب عن الغياب ليُعيد الوطن إلى القلب.

كان كلّ حرفٍ دعاءً وكلّ جملةٍ نداءً إلى السماء:

“ما دام الله مرجعي فلن يقتلني المنفى.”

محمد الدغليس… ريشة الزيتون وصوت اللون

من سلفيت الزيتون خرج
حاملًا “مغطاس اللبن ” الصباحيّ كما يحمل الفنان قدره.
وفي إسطنبول اكتشف أنّ اللوحة ليست سطحًا ملوّنًا، بل وطنٌ يُرسم بالحنين.
وحين استقرّ في عمّان، جعل اللون صلاةً على قماشٍ من ذاكرة.
وعلى لوحته كتبها دون أن يدري أنّها تعويذة الثلاثة جميعًا:

لا مرجع لي إلا الله.

كان يرسمها كما يكتبها العاشق في قلبه،
ويرى فيها الوطن يضيء الجدار كلّما اقترب منه الضوء.

وليد العريض… المؤرخ الذي جعل التاريخ ذاكرةً نابضة

من سلفيت البداية، إلى الكويت حيث الفكر
ثم إلى إسطنبول حيث التأمل
فإلى إربد حيث السكنى.
حمل العريض التاريخ على كتفه كما يحمل العاشق وصية الأرض.
كتب التاريخ بلغة الأدب
وروى الأدب بضمير المؤرخ
وجعل من قلمه جسرًا بين الذاكرة والعقيدة وبين الأرض والسماء.

كلّ ما خطّه كان صلاةً مؤرّخةً
وكلّ ما نشره كان نذرًا لفلسطين.

وفي نهاية كلّ سطرٍ من كتبه كان الحبر يهمس:

“ما دام الله مرجعي، فالتاريخ لا يُزوَّر.”

الأردن… حضن الأم الثانية

وحين ضاقت المنافي، فتحت الأردن ذراعيها كأمٍّ لم تلدهم ولكنها احتضنتهم.
في الزرقاء أقام أبو حليوة
وفي عمّان أزهرت ريشة الدغليس
وفي إربد كتب العريض صفحات الذاكرة.

هكذا صار الأردنّ رحمًا جديدًا لفلسطين،
وحضنًا ثانيًا للأمّ الأولى.

من اليرموك إلى سلفيت ومن عمان إلى إربد والزرقاء
يسري في الثلاثة نهرٌ واحدٌ من الإيمان والدم
ونبضٌ واحدٌ من الزيت والملح والماء.

الأمّ فلسطين… والحضن الأردن… والمرجع الله.

و خاتمتنا القصيدة التي كتبتها اللوحة

حين أُطفئت أضواء المعرض
بقيت اللوحة تلمع كقمرٍ على جدار القلب
وهمست بصوتٍ يشبه أصواتهم الثلاثة معًا:

وُلدنا من رحمٍ واحدٍ اسمه فلسطين
وعشنا في حضنٍ واحدٍ اسمه الأردن
عبرنا المنافي حفاةَ القلب
لكنّ الله ظلّ يمسكنا من اليد كي لا نسقط.

كتبنا بالحبر والدم
ورسمنا باللون والدمع
ووثّقنا بالوعي والوجدان
لأنّ الذاكرة لا تموت حين يكون مرجعها الله.

فسلامٌ على اليرموكِ حين يكتب
وسلامٌ على سلفيتَ حين ترسم
وسلامٌ على إربدَ حين توثّق.

وسلامٌ على الأردنّ – الأم الثانية –
حين فتحت صدرها لنا وأعطتنا اسمًا جديدًا للوطن: الأخوّة.

وسلامٌ على فلسطين – الأم الأولى –
التي ما زالت تُرضع أبناءها من حليب الزيتون والدمع والنور.

نحن الثلاثة… ولسنا ثلاثة
نحن الوطن حين يتجلّى في ثلاث صور:
قلمٌ وريشةٌ وتاريخ.

لا مرجع لنا إلا الله
لأنّ الله وحده يعرف أين تبدأ الأمّ وأين ينتهي الحضن
وأين يلتقي الزيت بالأردنّ ليصير دمًا واحدًا…
ورايةً واحدة…
ووطنًا لا يُقسم.

توقيع:
د. وليد العريض
مؤرخ، أديب، شاعر وكاتب صحفي
عمّان – فلسطين – نوفمبر 2025

شاهد أيضاً

مدفيديف : الغرب أرسل إلى أوكرانيا 500 مليار يورو ونظام كييف سرق كميات ضخمة منها

مدفيديف : الغرب أرسل إلى أوكرانيا 500 مليار يورو ونظام كييف سرق كميات ضخمة منها

شفا – أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن الغرب أرسل 500 مليار …