
تجمع .. قراوة – بديا – مسحة … ، المركز التجاري والصناعي الأبرز في محافظة سلفيت ، بقلم : د. عمر السلخي
يُعتبر الشارع الرئيسي الذي يبدأ من قراوة بني حسان مرورًا بسرطة وبديا ومسحة شريانًا اقتصاديًا يجمع بين الصناعة والتجارة والحِرف في قلب محافظة سلفيت، إذ أصبح خلال السنوات الأخيرة مقصدًا اقتصاديًا مهمًا لسكان المحافظة والقرى المجاورة، لما يحتضنه من مصانع وحِرف ومحلات تجارية متنوعة تشكّل ركيزة للاقتصاد المحلي وتدعم عجلة التنمية في المنطقة.
قطاع صناعي متنوع ومتين
تنتشر على الشارع الرابط عشرات المصانع التي أسهمت في تعزيز مكانة التجمع كمركز صناعي متقدم على مستوى المحافظة، وتشمل مصانع الحجر والرخام، والأثاث، والمنظفات، والمواد الغذائية، والبلاستيك، والألمنيوم، والحديد والباطون والطوب.
وقد وفّرت هذه المصانع مئات فرص العمل لأبناء المنطقة والبلدات المجاورة، وأسهمت في تقليل نسب البطالة وتحسين مستوى المعيشة، رغم ما يواجهه هذا القطاع من تحديات ناجمة عن القيود الإسرائيلية وصعوبة حركة البضائع بين المحافظات.
نشاط حرفي يحافظ على التراث
ما زال الحضور الحرفي في بديا فاعلاً من خلال عدد من الورش الصغيرة التي تُعنى بـ الصناعات التقليدية مثل التطريز، وصناعة الخشب، والقش، والمعادن الخفيفة.
ويعمل العديد من الحرفيين على تطوير منتجاتهم لتلبية متطلبات السوق المحلي، مع المحافظة على الطابع التراثي الذي يميز بديا كبلدة فلسطينية عريقة تجمع بين الأصالة والحداثة.
حركة تجارية نشطة تخدم المنطقة
تُعتبر بديا الوجهة التجارية الأولى لسكان القرى المجاورة، حيث تضم شبكة واسعة من المحلات التجارية في مختلف المجالات، من الألبسة والأدوات المنزلية، إلى الخدمات الهندسية والمطاعم وورش الصيانة.
كما تتوفر في البلدة فروع للبنوك، ومحلات للصرافة، ومحلات لبيع الذهب والمجوهرات،ومحلات الاثاث والكهربائيات ما يسهم في تعزيز الثقة التجارية وتسهيل المعاملات المالية للسكان والمستثمرين على حد سواء.
وتشهد البلدة حركة اقتصادية نشطة على مدار العام، خصوصاً في المناسبات والأعياد، الأمر الذي يعكس الثقة العالية التي يوليها المستهلكون لأسواق بديا.
من المعالم الحديثة : عمارة الغرفة التجارية
ومن أبرز المعالم الاقتصادية الحديثة في بديا، عمارة الغرفة التجارية التي تعكس روح التطور والتنظيم في المنطقة.
تتكوّن العمارة من خمس طبقات، وتضم في طوابقها السفلى محلات تجارية في مختلف المجالات تخدم سكان البلدة والزائرين، فيما تحتضن الطوابق العليا مكاتب لمهندسين ومحامين وشركات خدمات واستشارات.
وقد أصبحت العمارة مركزًا حيويًا يجمع بين الأنشطة الاقتصادية والمهنية، ما يجعلها نقطة التقاء بين التجارة والخدمات الحديثة، ومؤشرًا على نمو وازدهار بيئة الأعمال في بديا.
تحديات وإصرار على التنمية
رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها محافظة سلفيت عمومًا، استطاعت بديا أن تفرض نفسها كـ نموذج للريادة المحلية من خلال الاستثمار في الطاقات الشبابية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتطوير بنية تحتية تجارية وصناعية متقدمة.
رؤية مستقبلية
تتطلع بديا إلى مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا من خلال تنظيم المناطق الصناعية وتوسيعها، واستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، إضافة إلى تشجيع المشاريع الريادية للشباب والنساء. كما تسعى المؤسسات المحلية إلى تعزيز البنية التحتية الداعمة للقطاعين التجاري والصناعي، بما في ذلك تحسين الطرق والمواصلات، وتطوير الخدمات اللوجستية والرقمية.
وإذا ما توافرت بيئة دعم حكومية ومجتمعية فعالة، فإن بديا مرشحة لأن تصبح خلال السنوات القادمة منطقة اقتصادية رائدة على مستوى شمال الضفة الغربية.
بديا اليوم تمثل نموذجًا للتنمية الاقتصادية المحلية في ظل الظروف الصعبة، ومركزًا حيويًا يربط بين الريف والمدينة، ويؤكد قدرة الفلسطيني على البناء والإنتاج رغم كل المعيقات.