11:45 مساءً / 4 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

وداعا يا رمز الصمود ..، اللواء زهير مناصرة ، سيرة وطن وعهد ثائر ، بقلم : د. منى أبو حمدية

وداعا يا رمز الصمود ..، اللواء زهير مناصرة ، سيرة وطن وعهد ثائر  ، بقلم : د. منى أبو حمدية


“نعي من آل أبو حمدية – ابو سنينة – في الوطن والشتات”

بقلوب يعتصرها الحزن، ويغمرها الفخر، تنعى عائلة آل أبو حمدية في الوطن والشتات، رحيل المناضل الوطني الكبير اللواء زهير مناصرة، الذي وافته المنيّة اليوم السبت، بعد مسيرة طويلة من النضال والكفاح، جسّد فيها معنى الإيثار والوفاء والانتماء الصادق لفلسطين، وعاش عمره مؤمنا بأن الأرض لا تُسترد إلا بالعزم والإصرار.


إن رحيل اللواء زهير ليس فقدانا لشخص، بل غياب لصفحة مضيئة من تاريخ الحركة الوطنية، ورحيل لرفيق دربٍ جمع بين الشجاعة والتواضع، وبين الانتماء والوفاء لأبناء شعبه وقضيته.

  1. الجذور والبدايات
    ولد اللواء زهير مناصرة في بلدة بني نعيم قضاء الخليل، وكان منذ فجر شبابه مشدوداً إلى نداء الوطن. التحق مبكراً بـ حركة فتح أثناء دراسته الجامعية في سوريا، وهناك تشرّب روح الثورة وحمل في قلبه الإيمان بأن فلسطين هي البوصلة التي لا تضلّ.
    نال دورات عسكرية متقدمة في قواعد الثورة الفلسطينية، وكان من طلائع المناضلين الذين واجهوا الصعاب بإيمان لا يلين.
  2. مسيرة نضالية حافلة بالتضحيات
    لم يكن زهير مناصرة من أولئك الذين يكتفون بالشعارات، بل كان في الميدان، في قلب المعركة، وفي تفاصيل النضال اليومي.
    عمل مديراً لمكتب القائد الشهيد خليل الوزير “أبو جهاد” في جهاز القطاع الغربي، وكان شاهدا على محطات مفصلية من مسيرة الثورة.
    وبعد عودته إلى أرض الوطن، تولّى مهام وطنية متعددة، فكان محافظا لجنين، ثم مسؤولًا لجهاز الأمن الوقائي، قبل أن يتولى محافظة بيت لحم.
    وفي كل موقع، بقي صوت الحق حاضرا ، والراية مرفوعة، والوجه مفعما بالإيمان بالوطن والإنسان.
  3. رفيق الشهيد اللواء ميسرة ابو حمدية وصديق الدرب
    كان اللواء زهير مناصرة صديق الشهيد اللواء ميسرة أبو حمدية ورفيق دربه الطويل.
    جمعتهما علاقة أخوية صادقة توثّقت في ساحات النضال، سواء في تونس حيث الغربة المؤقتة، أو في العراق حيث امتزجت التجارب والأحلام والذكريات.
    وكان اللواء مناصرة أول من استقبل الشهيد ميسرة أبو حمدية عندما وطئت قدماه أرض فلسطين بعد اتفاقية أوسلو، إذ ذهب بسيارته الخاصة إلى معبر الكرامة في أريحا ليستقبله بالعناق والدموع، كأنهما يستقبلان معا الوطن الذي حلما به طويلًا.
    وحين استشهد ميسرة أبو حمدية في العام 2013، وقف زهير مناصرة على منصة رابطة الجامعيين في يوم العزاء، يخاطب الحضور وقلبه مثقل بالفقد، وقال بتأثر بالغ أمام آل أبو حمدية والمعزّين الكرام:
    “لم أنحنِ لشخصٍ قط من قبل، ولكن اليوم أنحني لك يا ميسرة”
    ثم رفع صورة الشهيد ميسرة التي كانت إلى جانبه، وقبّلها بحرارة، كأنما يودّع نصف روحه الذي غادره إلى الأبد.
    كان ذلك الموقف خلاصة علاقةٍ لم تجمعها المصالح ولا المناصب، بل جمعتها فلسطين… وجمعتها كرامة الرجال الذين لم يبدّلوا تبديلا.
  4. الإرث الوطني
    انتُخب اللواء زهير عضوا في المجلسين الوطني والثوري لحركة فتح، وظل حتى لحظة رحيله مواظبا على دوره الوطني والتنظيمي، مؤمنا أن النضال لا ينتهي إلا بزوال الاحتلال وعودة الحرية إلى أرضها.
    ترك وراءه إرثا من الصدق والنقاء، وإيماناً راسخا بأن الوفاء للرفاق هو شكل من أشكال الانتماء للوطن.
  5. رحيل لا يُمحى من الذاكرة
    إن رحيل اللواء زهير مناصرة خسارة فادحة لشعبنا الفلسطيني، لكنه يترك في الوجدان بصمة لا تزول، وذكرى رجلٍ ظلّ وفيّا لعهده حتى النهاية.
    من آل أبو حمدية في الوطن والشتات، نتقدّم بأحرّ التعازي والمواساة لذوي الفقيد، ولرفاق دربه في حركة فتح، ولجماهير شعبنا الفلسطيني في كل مكان، مؤكدين أن الرجال العظام لا يرحلون، بل يخلّدهم التاريخ وتبقيهم الذاكرة حيّة في وجدان الأحرار.

خاتمة الوداع …


يا زهير…
نمْ قرير العين، فالأرض التي أحببتها تحفظ خطاك،
والراية التي رفعتها ما زالت ترفرف في ريح الوطن،
تقول للأجيال: هنا مرّ رجلٌ آمن بفلسطين حتى آخر نبضة.
نودّعك كما يودّع الفجر قمراً غاب،
ونشهد أنك كنت أخا ورفيقا وصوتا لا يساوم،
كنت ظلّ “ميسرة “في الميدان، وصدى صوته في الغياب،
وحين رحل، انحنيت له… واليوم ننحني نحن لك،
عرفانا بما قدّمت، ووفاءً لرحلةٍ كانت أنقى من الندى.
يا ابن الخليل وبني نعيم، ويا وجه جنين وبيت لحم،
سلامٌ على خطاك في جبال الخليل،
سلامٌ على الدرب الذي مشيتَه بالعزم والكرامة،
سلامٌ على صداقتك التي تجاوزت الموت،
وعلى روحك التي ما زالت تمشي بيننا،
تعلّمنا أن الوفاء للوطن لا يشيخ،
وأن الرجال العظماء يولدون مرتين:
مرةً من رحم الأرض، ومرةً في ذاكرة الوطن.
من آل أبو حمدية في الوطن والشتات
نرثيك بالكلمة، ونودّعك بالدعاء،
راجين من الله أن يسكنك فسيح جنّاته،
مع رفيق دربك الشهيد ميسرة أبو حمدية،
وأن تبقى سيرتكما معا .. حكاية وفاءٍ خالدةٍ .. في سفر فلسطين الأبدي.

  • – د. منى أبو حمدية – أكاديمية وباحثة

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم السبت 4 أكتوبر كالتالي :عيار 22 81.300 دينارعيار 21 …