10:09 مساءً / 10 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

“أدب الفتيان والأطفال : القيم والتخييل والتأويل: دراسة في إبداعات د. مصطفى عطية جمعة”، عنوان الكتاب الجديد لسعادة البروفيسورة الدكتورة سعاد بسناسي

"أدب الفتيان والأطفال : القيم والتخييل والتأويل: دراسة في إبداعات د. مصطفى عطية جمعة"، عنوان الكتاب الجديد لسعادة البروفيسورة الدكتورة سعاد بسناسي

شفا – “أدب الفتيان والأطفال: القيم والتخييل والتأويل: دراسة في إبداعات د. مصطفى عطية جمعة”، عنوان الكتاب الجديد لسعادة البروفيسورة الدكتورة سعاد بسناسي

( ‏الأستاذة في جامعة وهران١ أحمد بن بلة، ‏رئيسة أكاديمية الوهراني للدراسات والتفاعل الثقافي، مديرة مخبر اللهجات).
الكتاب صادر عن دار متون المثقف للنشر والتوزيع بالقاهرة، 2025، ويقع في (230) صفحة، ويعد دراسة رائدة في مجال أدب الفتيان والطفولة، جمعت ما بين التنظير المعمق، والتطبيق على مجموعة من كتب الأطفال واليافعين من تأليف د. مصطفى عطية جمعة.

ملخص الكتاب (المقدمة):


يُعدّ أدب الأطفال والفتيان من أبرز الحقول الأدبيّة التي شهدت تطوّرًا لافتًا في الثّقافة العربيّة الحديثة، نظرًا إلى ما يقدّمه من أدوار متداخلة بين التّنشئة والتّثقيف والتّسلية، وما يفتحه من آفاق للتّخييل والتّفكير النّقديّ في آن. ورغم أن
هذا الأدب لم يحظَ بعناية منهجيّة واسعة في بداياته لدى العرب، إلاّ أنّه سرعان ما أثبت حضوره بوصفه وعاءً معرفيًّا وجماليًّا يستجيب لحاجات الطّفولة المتجدّدة، ويندرج ضمن الرّهانات الكبرى لتكوين الأجيال القادمة في ظلّ عالم متغيّر.
ويُعتبرُ أدب الفتيان تحديدًا، وهو الشّريحة المتوسّطة بين الطّفولة واليفاعة، من الفضاءات التّعبيريّة التي تُمثّل امتدادًا نوعيًّا لأدب الطّفل؛ إذ يركّز على موضوعات تتعلّق بالهويّة والانتماء، والاكتشاف، والتّمرّد، والتّفاعل مع قضايا المجتمع والكون. كما يُقدّم هذا الأدب، من خلال الرّواية والقصّة والمسرحيّة، أدوات سرديّة وتخييليّة تُعزّز بناء الشّخصيّة النّاشئة، وتفتح أفقها على الحياة من خلال نماذج متنوّعة من الأبطال والأحداث والعوالم الرّمزيّة.
تبرزُ – ضمن هذا السّياق – تجربة الكاتب المصريّ مصطفى عطيّة جمعة بوصفها نموذجًا متكاملًا لأدب الفتيان الملتزم والهادف؛ إذ تُظهر أعماله توجّهًا واضحًا نحو بناء سرد تأويليّ تخييليّ يدمج بين المتعة والمعرفة، وبين التّرفيه والتّربية القيميّة، في توازن دقيق لا يُخلّ بالبعد الجماليّ للنّص. ومن أبرز أعماله التي يمكن أن تُدرَج ضمن هذا التّوجّه: رواية “أصدقاء في عالم الفضاء”، ورواية “صندوق الألعاب”، ومسرحيّة “جزيرة الفئران”، وهي نصوصٌ تُمثّل مراحل مختلفة من وعي الكاتب بقضايا الطّفولة، وتُجسّد تصوّره لوظيفة الأدب كأداة للتّنشئة وتوسيع الخيال.
يستثمرُ الكاتب في رواية “أصدقاء في عالم الفضاء”، الخيال العلميّ بوصفه بوّابة للانفتاح على مفاهيم العلم والتّواصل الكونيّ، من خلال مغامرة فضائيّة خياليّة لكنّها محمّلة برموز معرفيّة وقيم إنسانيّة، تُحفّز القارئ الصّغير على التّفكير في مفهوم “الآخر”، والسّلام، والانتماء إلى عالم أوسع من الذّات الضيّقة. أمّا رواية “صندوق الألعاب”، فتُجسّد رحلةً رمزيّةً داخل عالم الطّفولة نفسه، حيث تتحوّل الألعاب إلى مرايا للنّفس، وتُعيد ترتيب علاقتها بالعالم من منظور طفوليّ نابض بالحياة، يرصد الانفعالات والتّجارب والتّحدّيات بطريقة شفّافة وعميقة. في حين تقدّم مسرحيّة “جزيرة الفئران” نموذجًا دراميًّا يحمل قضيّة معاصرة تتعلّق بالتّوازن البيئيّ، والعدالة بين الكائنات، وتُثير تساؤلات حول السّلطة، والهيمنة، والحوار بين الإنسان والطّبيعة، في قالب فنّيّ حيويّ يتّسم بالحركة والدّيناميّة الفكريّة.
ولعلّ ما يميّز هذه الأعمال هو أنّها لا تتوقّف عند حدود التّخييل، بل تنخرط في مشروع تربويّ ثقافيّ واضح المعالم، يسعى إلى تنشئة الطّفل العربيّ في ضوء قيم كونيّة وإنسانيّة، مثل الحريّة، والعدل، والوعي بالذّات والآخر، من خلال نصوص مفتوحة على التّأويل ومتعدّدة المستويات. فهي نصوص تُراعي الخصائص النّفسيّة واللّغويّة للفتى، وتُقدّم له شخصيّات إيجابيّة قريبة من واقعه، كما تدفعه للتّفكير في قضايا وجوديّة واجتماعيّة بلغة محبّبة لا تفرض نفسها، بل تدعوه إلى الاكتشاف الذّاتيّ.


تُتيحُ قراءة أعمال مصطفى عطيّة جمعة في ضوء هذه الأبعاد، الوقوف على مشروع أدبيّ متكامل، يربط بين التّأويل والتّخييل القيميّ والسّرد التّربويّ من جهة، وبين الجماليّات الحديثة لأدب الفتيان من جهة أخرى، ممّا يجعل من هذا الكاتب واحدًا من الأصوات المميّزة في هذا المجال على مستوى العالم العربيّ. إنّ اختياره للمواضيع، وبنائه للّغة، واستثماره للأشكال السّرديّة والمسرحيّة المختلفة، كلّها عناصر تؤكّد أنّه لا يكتب للطّفل من منطلق تبسيطيّ أو فوقيّ، بل يكتب مع الطّفل وضدّ كلّ ما يُقيّد حريّته وتفتّحه العقليّ والوجدانيّ.


وهكذا، فإنّ النّصوص التي نُعالجها في هذا البحث لا تمثّل إنتاجات أدبيّة ناجحة، فقط، بل تكشف عن تصوّر ثقافيّ للتّربية عبر الأدب، وتُرسي دعائم فكريّة لبناء علاقة جديدة بين الطّفل العربيّ والكتاب، بين الخيال والواقع، وبين الذّات والعالم. ومن ثمّ، فإنّ دراسة هذه الأعمال ليست قراءة فنيّة، فحسب، بل هي أيضًا دعوة لتثمين هذا المسار الأدبيّ الذي يمزج بين الوظيفة التّربويّة والقيمة الإبداعيّة في خدمة أدب الفتيان العربيّ المعاصر.


وفي ضوء ذلك، يمثّل أدب الفتيان مجالًا بالغ الأهمّية في الثّقافة العربيّة المعاصرة، نظرًا إلى ما ينطوي عليه من إمكانيّات تربويّة وتخيليّة وتكوينيّة عميقة، تُسهم في صقل شخصيّة النّشء، وتوسيع مداركه، وتعزيز وعيه بذاته وبالآخرين وبالبيئة المحيطة به. ورغم أنّ بدايات هذا الأدب لدى العرب لم تكن مبكّرة بالمقارنة مع ما عرفته الثّقافات الغربيّة، فإنّ تطوّره في العقود الأخيرة شهد ديناميّة لافتة، تمثّلت في تعدّد أشكاله وتنوّع موضوعاته، إلى جانب انفتاحه على قضايا العصر، بما فيها العلوم والتّكنولوجيا والبيئة وحقوق الإنسان. وقد أبدع عدد من الكتّاب العرب في هذا المجال، من بينهم مصطفى عطيّة جمعة، الذي أسهم بأعماله في إغناء مكتبة الطّفل العربيّ، واضعًا بين يديّ النّاشئة روايات وقصصًا ومسرحيّات تتّسم بالبعد القيميّ والتّربويّ، دون أن تغفل الجانب الجماليّ والتّخييليّ.


وإذا كانت روايات الفتيان وقصصهم ومسرحيّاتهم تشكّل رافدًا حيويًّا من روافد التّربية غير المباشرة، فإنّها، في الآن ذاته، أدوات فاعلة لغرس القيم وتنمية الخيال وتحفيز التّفكير النّقديّ والابتكار لدى القارئ النّاشئ. وهذا ما نجده جليًّا في الرّوايات الثّلاث “أصدقاء في عالم الفضاء”، و”صندوق الألعاب”، و”جزيرة الفئران”، التي يمكن قراءتها بوصفها وحدات نصيّة متكاملة، تتقاطع في كونها تخاطب عقل الطّفل وقلبه، وتستبطن رسالة ذات بعد إنسانيّ وتربويّ عميق.
تأخذ قصّة “أصدقاء في عالم الفضاء” القارئ الشّاب إلى عوالم الخيال العلميّ، من خلال مغامرة كونيّة يخوضها أبطال صغار يستكشفون الفضاء، في تجربة سرديّة تستثمر التّقدّم العلميّ كأفق للتّساؤل القيميّ والمعرفيّ. فالموضوع لا يتوقّف عند حدود الرّحلة الفضائيّة، بل يتجاوزها إلى التّأمّل في قيم الصّداقة، والتّعاون، واحترام الكائنات الأخرى، مع التّلميح إلى قضايا البيئة والسّلام، وهو ما يمنح النّص أبعادًا تربويّة وفكريّة متشابكة.


أمّا قصّة “صندوق الألعاب”، فتندرج ضمن أدب الطفل الواقعيّ الرّمزيّ، حيث يعالج الكاتب بأسلوب حكائيّ مشوّق قضيّة الانتماء، وتقدير الذّات، والتّعامل مع العالم من زاوية الخيال الطّفوليّ المبدع. إذ تتحوّل الألعاب هنا إلى شخصيّات حيّة، تتفاعل فيما بينها، وتكتسب وعيًا تدريجيًّا، يُفضي إلى إبراز معانٍ عميقة حول قيمة الأشياء والوفاء والحريّة. ويظهر الكاتب قدرة واضحة على توظيف الرّمز لإثارة خيال الطّفل وتحفيز حسّه التّأويليّ، ممّا يجعل القصّة تجربة تربويّة بامتياز، لكنّها مغلفة بلغة سرديّة محبّبة ومؤثّرة.


في حين أنّ مسرحيّة “جزيرة الفئران”، الموجّهة أيضًا للفتيان، تُقدَّم في قالب دراميّ يقوم على المفارقة والرّمز والجدل الحيويّ بين الإنسان والطّبيعة، وتطرح مسألة التّوازن البيئيّ وتدخّل الإنسان في المنظومة الحيويّة للكائنات الأخرى. وقد اختار الكاتب الفئران لتكون مركز الحكاية، لتسليط الضّوء على معنى العيش المشترك، والعدالة الطّبيعيّة، وحقّ الكائنات الأخرى في الحياة. وبذلك، تتحوّل المسرحيّة إلى منبر لعرض الأفكار البيئيّة بشكل دراميّ، يتيح للمتلقّي الصّغير أن يستوعب قضايا كبرى مثل الأنانيّة البشريّة، ومفهوم السّلطة، والعدالة، في إطار سرديّ – تمثيليّ يجمع بين المتعة والتّأمّل.


تكمن أهمّية هذه الأعمال مجتمعة في قدرتها على تكوين وعي سرديّ وجماليّ لدى القارئ الصّغير، يدمج بين التّسلية والتّعليم، وبين الخيال والتّفكير النّقديّ، وهو ما يجعل من أدب الفتيان مجالًا خصبًا لإعادة التّفكير في أدوات التّربية الثّقافيّة والمعرفيّة للأجيال الصّاعدة. كما أنّ هذه النّصوص تبيّن كيف يمكن للكتابة الموجّهة للفتيان أن تتجاوز التّنميط والوعظيّة، لتغدو مجالًا للإبداع الفنّيّ والتّوجيه التّربويّ المتوازن، في ضوء احتياجات الطّفل العربيّ المعاصر، وتحدّيات العالم المتغيّر من حوله.


والحال هذه، لا يمكن قراءة أعمال مصطفى عطيّة جمعة في معزل عن التّحوّلات الكبرى التي شهدها أدب الطّفل العربيّ في العقود الأخيرة، من حيث الموضوعات والأساليب والمضامين. فهذا الكاتب لا يكتفي بسرد القصص من أجل التّسلية، بل يعيد تشكيل العالم الطّفوليّ من الدّاخل، مُعتمِدًا على لغة حيويّة، وصور رمزيّة، وشخصيّات مرسومة بعناية، لتقديم نصوص تُحاور عقل الفتى وقلبه في آن. ويظهر في مجمل أعماله توجّهٌ واضح نحو التّأسيس لأدب فتيان يقوم على الوعي والتّأويل والتّخييل والمسؤوليّة القيميّة، دون الوقوع في شرك الوعظ المباشر أو الإملاء الأخلاقيّ الجافّ.


يمتاز مصطفى عطيّة جمعة بقدرته على المزج بين البنية التّخيليّة والبنية المعرفيّة في خطابه السّرديّ، إذ لا تخلو أعماله من بعد فلسفيّ وتربويّ عميق، يجعل من كلّ نصّ تجربة فكريّة من نوع خاصّ. ففي رواية “أصدقاء في عالم الفضاء”، نلمس رغبة الكاتب في إشراك الطّفل العربيّ في الفضاء الإنسانيّ والعلميّ العالميّ، بعيدًا عن الانغلاق الثّقافيّ، من خلال توظيف أدوات الخيال العلميّ لخدمة قيم التّواصل، والتّسامح، واحترام الآخر. وفي قصّة “صندوق الألعاب”، نلمح قدرة عالية على التّعبير عن التّحوّلات النّفسيّة للطّفل، والتقاط اللّحظات المفصليّة التي يكتشف فيها ذاته وسط عالم يزخر بالتّحدّيات والأسئلة. أمّا في مسرحيّة “جزيرة الفئران”، فإنّنا أمام مشروع بيئيّ وإنسانيّ متكامل، يُربّي الذّائقة الجماليّة لدى الطّفل، ويحثّه على التّفكير في العلاقة بين الإنسان والكون، بين القوّة والعدالة، بين الذّات والآخر.


ومن الجدير بالتّنويه أنّ أسلوب مصطفى عطيّة جمعة يقوم على بساطة الظّاهر وعمق الباطن؛ إذ يحرص على أن تكون لغته سهلة ميسّرة، تراعي المستوى العمري للقارئ، دون أن يتخلّى عن الرّمز، والتّلميح، وبناء الشّخصيّات المركّبة، ممّا يجعل من نصوصه أرضيّة خصبة للتّأويل والتّفكيك، سواء من قبل القرّاء الصّغار أم من قبل النقّاد والباحثين في أدب الطّفل.


وفي سياق المقارنة مع كتّاب أدب الفتيان المعاصرين، يحتلّ مصطفى عطيّة جمعة مكانة متميّزة، لا من حيث تنوّع إنتاجه فحسب، بل من حيث التزامه الجادّ بقضايا الطّفولة وتربية الخيال، وهو التزام نابع من رؤية ثقافيّة واضحة، تسعى إلى تجاوز الفجوة بين الأدب وواقع الطّفولة العربيّة، في زمن تتصارع فيه المؤثّرات الرّقميّة، والتّحدّيات البيئيّة، والتّبدّلات القيميّة المتسارعة. فكتابة عطيّة جمعة هي كتابة مقاومة للصّمت، مقاومة للتّفاهة، ومقاومة للانفصال بين المتعة والمعرفة.


لهذا، يمكن القول إنّ أدب مصطفى عطيّة جمعة يمثّل نموذجًا حيًّا لأدب الطفل وأدب الفتيان المعاصر ذي رؤية شموليّة، لا يكتفي بترفيه الطّفل، بل يعمل على بنائه: وجدانيًّا، وعقليًّا، وجماليًّا. ومن ثمّ، فإنّ دراسة أعماله ليست مجرّد وقوف على نصوص سرديّة، بل هي قراءة في مشروع ثقافيّ وتربويّ متكامل، يستحقّ المتابعة والتّحليل، باعتباره يُسهم، بشكل ملموس، في بلورة وعي جديد بأدب الفتيان في العالم العربيّ.


بناءً على هذا التّقديم الثّريّ والمتكامل، الذي يرسم صورة بانوراميّة دقيقة لمشروع مصطفى عطيّة جمعة في أدب الفتيان، يمكن الوقوف على مجموعة من الخصائص المتميّزة التي وسمت هذه الدّراسة، لتُشكّل مرجعًا وإضاءة منهجيّة لكلّ من يروم الخوض الجادّ والمسؤول في هذا الحقل الإبداعيّ والمعرفيّ الحيويّ. وتُعدُّ هذه الخصائص – في نظرنا – نموذجًا يُحتذى في الكتابة عن أدب الفتيان، سواء من حيث الرّؤية أم من حيث المنهج أم من حيث آليّات التّحليل. وهي في تقديرنا على النّحو الآتي:

المنهج التّكامليّ بين الجماليّ والتّربويّ: تميّزت الدّراسة بقدرتها على المزاوجة المتوازنة بين التّحليل الجماليّ للنّصوص والوعي بوظيفتها التّربويّة، دون الوقوع في فخّ الوعظ أو الإملاء المباشر، ممّا يعكس نضجًا في الوعي النّقديّ بأدب الفتيان كأدب له خصوصيّته المركّبة.

الوعي بالفئة العمريّة المخاطبة: أظهرت الدّراسة إدراكًا عميقًا لخصائص الفتى النّفسيّة والعقليّة والوجدانيّة، حيث تمّ تحليل النّصوص من منظور يلائم قدرات المتلقّي النّاشئ، ما يعكس اهتمامًا حقيقيًّا بالقارئ المستهدف في هذا النّوع الأدبيّ.

استحضار البعد الثّقافيّ والتّاريخيّ للأدب: لم تُقرأ النّصوص بمعزل عن سياقها، بل تمّ ربطها بالتّحوّلات التي عرفها أدب الطّفل العربيّ الحديث، وبالرّهانات الكبرى التي يواجهها هذا الأدب في زمن التّحوّلات الرّقميّة والقيميّة، ممّا أضفى على الدّراسة بعدًا تأويليًّا نقديًّا ممتدًّا.

استثمار التّنوّع النّصيّ في المقاربة: استندت الدّراسة إلى تنوّع أجناسيّ ملحوظ (رواية، قصّة، مسرحيّة)، ما أتاح لها أن تكشف عن مرونة مشروع الكاتب من جهة، وعن قدرة التّحليل على مقاربة أنماط سرديّة مختلفة بأدوات نقديّة مناسبة من جهة ثانية.

تركيز على رمزيّة الخطاب وتعدّد مستوياته: قاربت الدّراسة النّصوص بوصفها عوالم رمزيّة حافلة بالإيحاءات، فسلّطت الضّوء على تعدّد مستويات القراءة فيها (الواقعيّ، الرّمزيّ، الفلسفيّ، القيميّ)، ممّا يعكس قدرة تحليليّة تأويليّة تتجاوز السّطح النّصيّ.

بناء تصوّر شامل حول الكاتب ومشروعه: لم تقتصر الدّراسة على التّحليل الجزئيّ لأعمال مشتّتة، بل قدّمت رؤية نسقيّة متكاملة لمشروع مصطفى عطيّة جمعة، موضّحة توجّهه الثّقافيّ والإنسانيّ والتّربويّ، وملامحه الأسلوبيّة والثّيميّة (Theme)، ممّا يمنحها صفة “الدّراسة المشروع.”

تجاوز التناول التّقريريّ إلى الفعل النّقديّ الواعي: تجنّبت الدّراسة الطّابع الوصفيّ التّقريريّ، واعتمدت مقاربة نقديّة عميقة تُنير النّص وتُحاوره وتُفكّكه، ما يجعلها تقدّم إضافة حقيقيّة للباحثين في أدب الفتيان.

استحضار البعد الإنسانيّ والكونيّ للأدب: بيّنت الدّراسة كيف أنّ أدب الفتيان يمكن أن يُشكّل وسيلة لتعزيز القيم الكونيّة، مثل الحريّة، والتّسامح، والحوار، والانفتاح، وهو ما يمنحه بعدًا إنسانيًّا يوسّع من أفق التّلقّي والنّقد معًا.

شاهد أيضاً

وزير الخارجية الصيني: على الصين والولايات المتحدة العمل معا من أجل السلام والازدهار العالميين

شفا – قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم الأربعاء إنه في هذا العصر الجديد، …