
ما وراء فيلم “الموت من أجل الحقوق” …ألبوم صور تتناقله الأجيال ، بقلم : تشن تسه رون
في الآونة الأخيرة، يُعرض في دور السينما فيلم “الموت من أجل الحقوق”، المأخوذ من صور حقيقية التقطت إبان مذبحة نانجينغ. يعيد الفيلم سرد قصة مأساوية وحقيقية من خلال ألبوم صور نادر، يحمل أدلة حية تنتقل عبر الأجيال، تؤكد على أهمية حفظ الذاكرة وعدم نسيان الماضي.
في ديسمبر 1937، احتل الجيش الياباني مدينة نانجينغ الصينية، واندلعت واحدة من أبشع المجازر في التاريخ الحديث. في قلب هذه الأحداث، كان لو جين، شاب يبلغ من العمر 15 عامًا، يعمل متدربًا في استوديو “هوا دونغ” للتصوير في نانجينغ.
وفي يناير 1938، أجبره الجيش الياباني على تحميض صور لمشاهد مروعة لجرائم الحرب: قطع الرؤوس، ودفن الأحياء، وغيرها من الفظائع. بدافع الغضب والرغبة في توثيق هذه الجرائم، خاطر لو جين بحياته وصنع سرًا أكثر من 30 نسخة من الصور، ثم اختار 16 صورة منها وجمعها في ألبوم كتب على غلافه كلمة “عار” بخط كبير.
احتفظ لو جين بالألبوم سرًا لأكثر من عامين، حتى فقده ذات يوم واضطر لمغادرة نانجينغ. وجد الألبوم صدفة زميله وو شيوان، الذي حمله معه رغم تنقلاته المتعددة، محافظًا عليه كدليل على جرائم الحرب.
في عام 1946، عندما بدأت المحكمة العسكرية لمحاكمة مجرمي الحرب في نانجينغ بجمع الأدلة، سلّم وو شيوان الألبوم ليصبح من الوثائق الأساسية التي أدانت المسؤولين عن المذبحة، وعلى رأسهم هيساو تاني.
واليوم، يُحتفظ بالألبوم في الأرشيف التاريخي الصيني الثاني في نانجينغ، وقد أُدرج في 9 أكتوبر 2015 ضمن سجل “ذاكرة العالم” لمنظمة اليونسكو، مع باقي أرشيف مذبحة نانجينغ.
يعتمد فيلم “الموت من أجل الحقوق” على سرد القصة عبر هذا الألبوم الفوتوغرافي، حيث تظهر الحقيقة التاريخية تدريجيًا من خلال تفاعل الناس مع الصور: تحميضها، إخفاؤها، ونقلها. بهذا الأسلوب، تنتقل القصة من السرد التاريخي العام إلى التجارب الإنسانية الفردية، معبرة عن آلام أبطال القصة وآمالهم وقرارتهم المصيرية.
في الفيلم، تتداخل صور نانجينغ القديمة مع مشاهد المدينة الحديثة، حيث تُظهر الصور التي ضحّى الأبطال بحياتهم لحمايتها مشاهدَ السماء الصافية والمباني الشاهقة التي يمكن التقاطها اليوم. هذا الألبوم هو دليل حي على تضحيات الأرواح وذاكرة تاريخية لا يمكن للأمة أن تنساها.
“الموت من أجل الحقوق” ليس مجرد سرد لتاريخ مؤلم، بل هو نداء صادق للتأمل في صفحات التاريخ وفهم ما جرى لتفادي تكرار المآسي، فالتذكر لا يعني تغذية الكراهية، بل يستوجب التعلم من دروس الماضي من أجل صون السلام.
(جميع الملصقات الواردة في النص من الفيلم نفسه و الإنترنت)
- – تشن تسه رون، إعلامي صيني – الصين
- إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

