من ديوان عشتار  ، بقلم : وليد العريض

من ديوان عشتار  ، بقلم : وليد العريض

مذاقكِ… يُشبه أمي

بقلم: وليد العريض

ذروة العشق في فطيرةٍ خبزَتها أمي

حين قَرّبتِ إليّ الفطيرة الساخنة
وفتحتِ شهيّتي على العالم
لمحتُ أمي هناك
تمسح الجوع عن قلبي كما كانت تفعل في طفولتي.

خبزتِها كما خبزَتْها
بنفسِ الحنان بنفس الحنين
بنفس البخار الذي يرتفع من الرغيف ويبلّل الذاكرة.

قلت لكِ:
أشهى ما فيكِ أنكِ تُشبهينها.
فابتسمتِ
وسكبتِ فوق الفطيرة ملعقة عسل
كأنكِ تسكبين قلبها عليّ.

أكلتُ من يدكِ
ولم أدرِ:
هل أقبّل أصابعكِ
أم أقبّل يدها التي غابت وبقيت فيكِ؟

في ذروة اللقمة
بكيتُ.
لأن طعمكِ
كان طعم أمي
حين كانت تطهو لي الحياة
في رغيفٍ صغير ومحبّةٍ كبيرة.

رغيفكِ
ورضاعتي الأولى

مذاقكِ يشبه أول قطرة حليب من صدر أمي
حين بكيتُ جائعًا ذات حياة
فأرضعتني وأرضَتْني.
شفاهكِ حين أطبع عليها قُبلةً دافئة
تشبه رغيفها الطريّ حين تخرجه من الفرن
تقسّمه بيديها
وتقول لي:
كُلْ يا حبيبي هذا خُبزُ قلبي.

حين أذوقكِ
لا أرتوي فقط
بل أعود رضيعًا
أختبئ بين نهدين من الطمأنينة.
لم تعودي أنثى فقط
أنتِ ذاكرتي المخبوزة
رائحتكِ تحمل روائح الأمومة والحنان
مذاقكِ نُسخة من بيتٍ ضاع
ووُجد فيكِ.

كلّما أذقتني شهوتكِ
أذقتني معها
جزءًا من حضنها.
يا لدهشتكِ
كيف امتزجتِ بين أمّي وأنوثتكِ؟
كيف صرتِ فطيرتي وحضني وشهقتي
وداري؟