4:22 مساءً / 4 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

التراث في حجر ، رحلة بين مقامات الأولياء في قرى محافظة سلفيت ، بقلم: د. عمر السلخي

التراث في حجر ، رحلة بين مقامات الأولياء في قرى محافظة سلفيت ، بقلم: د. عمر السلخي


عبق التاريخ في طرقات الريف


في قلب القرى الفلسطينية التابعة لمحافظة سلفيت، تنبثق مقامات الأولياء كنجوم صغيرة على خريطة ممتدة من الإيمان الشعبي والذاكرة الجماعية. ديراستيا، كفر الديك، بديا، قراوة بني حسان، كفل حارس … أسماء قرى توارثت حفظ المقامات في قلبها، لا كأماكن عبادة فقط، بل كعلامات تراثية تحفظ قصص الناس والمكان والزمن.


أوتاد المكان… شواهد الإنسان


كل مقام يحمل اسمًا، وقصة، وضريحًا أو قبة، وأحيانًا مجرد جدار من حجارة قديمة. في كفر حارس، يُذكر “مقام النبي كفل”، بينما في ديراستيا ينتصب مقام “الشيخ خاطر”، وفي بديا نجد مقام “الشيخ حمدان” تحت شجرة سدر ضخمة، يكاد ظلها يروي حكايات آلاف الزوار، وفي الزاوية مقام الشيخ قاسم والشيخ هلال.


تتوزع المقامات بطرق فريدة؛ منها ما شُيّد في أعالي الجبال أو بين المغر، وبعضها في قلب المقابر أو على حواف الوديان، تراها أحيانًا مجرد بناء صغير بباب خشبي وراية خضراء، لكنها تحوي داخلاً عميقًا من رمزية وإرث ديني.
الناس والمقامات… علاقة وجدانية


لا تنفصل المقامات عن حياة السكان المحليين، في مناسبات كثيرة، كانت هذه الأماكن قبلة لطلب الشفاء، أو التبرك، أو حتى عقد النذور، وتحت ظلال المقامات عُقدت حلقات الذكر، واحتفالات موسمية تُغرس فيها العلاقة بين الأرض والسماء.


لكن الأهم من كل ذلك هو أن هذه العلاقة ليست عفوية فقط، بل موثقة تاريخيًا ومعماريًا، ومنقوشة على الحجارة والمنحدرات التي حملت أسماء وأدعية وآثار أقدام بشر تركوا بصماتهم قبل أن يمضوا.


ما وراء القبة والحجر


ان الكثير من المقامات في محافظة سلفيت لم تكن مجرد قبور أو مواقع تبرك، بل كانت مراكز اجتماعية، ومرتكزات عمرانية أثرت في توزيع السكان والأنشطة الزراعية، فلكل مقام قصة، ورواية شعبية، وارتباطًا بزمن النكبات أو المواجهات مع الاستعمار أو الاحتلال، هذه المقامات ليست جدرانًا فقط، بل هي نصوص من حجارة، تروي من سكن الأرض، ومن مرّ بها، ومن دعا عند بواباتها، وإن بدت المقامات مهجورة أحيانًا، الا انها تحمل بين جدرانها أرشيفًا غير مكتوب، لا يُكتشف إلا إذا سار الباحث على دروبها الترابية، وجلس في ظلها الصامت.


القرى الفلسطينية في محافظة سلفيت ليست مجرد تجمعات سكانية، بل متاحف مفتوحة تحفظ في جنباتها موروثًا دينيًا وشعبيًا متجددًا، والمقامات التي تنتشر فيها ليست أطلالًا منسية، بل محطات حية في سردية وطنية وروحية أوسع.

شاهد أيضاً

اللواء علام السقا يستقبل وفداً من قيادة الشبيبة الفتحاوية ويؤكد على تعزيز الشراكة لخدمة الشباب والجامعات

اللواء علام السقا يستقبل وفداً من قيادة الشبيبة الفتحاوية ويؤكد على تعزيز الشراكة لخدمة الشباب والجامعات

شفا – استقبل اللواء علام السقا مدير عام الشرطة، اليوم الإثنين، وفداً من ممثلي سكرتارية …