مؤرخ فلسطيني ينسحب من جامعة كولومبيا ، حين تصبح الأكاديمية شريكة في جريمة العصر ، بقلم : د. وليد العريض

مؤرخ فلسطيني ينسحب من جامعة كولومبيا: حين تصبح الأكاديمية شريكة في جريمة العصر ، بقلم : د. وليد العريض

في موقف جريء

يُسجّل للتاريخ، أعلن المؤرخ الفلسطيني-الأمريكي رشيد خالدي انسحابه من تدريس مقرر دراسي في جامعة كولومبيا، بعد عقود من التعليم والبحث، رفضًا لما وصفه بـ”الخضوع المهين من إدارة الجامعة لضغوط سياسية تتواطأ مع جريمة الإبادة في غزة”.

وفي رسالة مفتوحة وجّهها إلى رئيسة الجامعة بالوكالة، كلير شيبمان، عبّر خالدي عن صدمته من قرارات الجامعة الأخيرة، التي قال إنها “جاءت بتنسيق مباشر مع إدارة ترامب”، وأنتجت واقعًا جديدًا يجرّم كل نقد موجّه لإسرائيل، ويُلبِسُ أي تحليل علمي لتاريخ فلسطين أو جرائم الاحتلال عباءة “معاداة السامية”، استنادًا إلى تعريف فضفاض فرضته الجامعة بلا نقاش.

وقال خالدي بوضوح:

“تدريس تاريخ الشرق الأوسط أصبح مستحيلاً، بعدما بات كل توصيف للحقيقة، وكل كشفٍ للتمييز العنصري، وكل إشارة للنكبة أو القانون الإسرائيلي لعام 2018، يُعدّ عداءً لليهود. وهذا تزوير فجّ للعلم والتاريخ.”

ولفت إلى أن الجامعة لم تكتفِ بموقف سلبي، بل تحوّلت إلى ما يشبه المؤسسة الأمنية، حيث جرى تعيين نائب عميد خاص لمراقبة دراسات الشرق الأوسط وإلزام الأكاديميين بدورات “إعادة تأهيل أيديولوجي”، إضافة إلى مراقب خارجي من شركة سبق أن كرّمت إسرائيل، أوكلت إليه مراقبة سلوك الأساتذة والطلبة حتى داخل الفصول، في سابقة تهزّ أركان الحرية الأكاديمية.

وأكد خالدي أن هذا المناخ القمعي دفعه لإلغاء المقرر الذي كان سيحضره أكثر من 300 طالب هذا الخريف، رغم شعبيته الكبيرة لعقود. وأعلن عزمه تعويضهم بمحاضرات عامة مفتوحة في نيويورك تُبثّ عبر الإنترنت وستذهب عائداتها – إن وُجدت – إلى دعم الجامعات في غزة، التي تم تدميرها بالكامل بأسلحة أمريكية، في ما وصفه بأنه “جريمة صمتت عنها كل الجامعات الأمريكية”.

واختتم رسالته قائلاً:

“جامعة كولومبيا التي كانت ذات يوم منبرًا حرًا للتفكير والبحث صارت اليوم ظلًا باهتًا لما كانت عليه. مكانًا تحكمه الرقابة والخوف، ويُحاسَب فيه الأستاذ والطالب لا على ما ارتكب، بل على ما فكّر أو تساءل أو ألمح. وما هذا إلا تواطؤ صريح مع جريمة هذا العصر: الإبادة في غزة.”

• – د. وليد العريض – مؤرخ واديب وشاعر وكاتب صحفي