
أشكال التنافس بين الطلاب وأثره الإيجابي ، كيف يعزز التفوق والتميز ؟ ، بقلم : د. محمود حسين
التنافس بين الطلاب يُعتبر سلوكاً طبيعياً ومُتكرراً في البيئات التعليمية، حيث يُمارس الطلّاب هذا السلوك بهدف تحقيق أهداف مُعيَّنة، مثل التفوُّق الأكاديمي أو الحصول على أعلى الدرجات. ومع ذلك، يجب أن يتم توجيه هذا التنافس ضمن إطار من الإرشادات التربوية، لضمان تحصيل فوائده بشكل إيجابي ومُثمر.
ورغم أن التنافس في المدرسة غالباً ما يُحفّز الطلاب على التطوُّر وتحقيق النجاح، إلّا أنَّه في بعض الحالات قد يؤثِّر سلباً على شخصية الطالب وقدرته على التعلُّم والنمو. الفهم الخاطئ لمعنى التنافس، وتحويله إلى صراع للحصول على العلامات فقط بدلاً من الاستفادة الحقيقية من العملية التعليمية، قد يؤدي إلى خلق بيئة غير صحية تُؤثِّر في مسار الطالب ومستقبله.
*أشكال التنافس بين الطلاب
تتنوَّع أشكال التنافس داخل البيئة التعليمية، ويمكن تناول أبرزها كالآتي:
التنافس الأكاديمي:
يُعتبر هذا النوع الأبرز والأكثر شيوعاً بين الطلاب، حيث يسعى كلّ طالب لتحقيق أعلى النتائج في الاختبارات، أو التألُّق في الواجبات والمشاريع الدراسية. التنافس الأكاديمي يرتبط غالباً بالرغبة في التفوُّق على الزملاء سواء في الصفوف الدراسية أو بين مجموعات العمل.
وعادةً ما يزداد هذا النوع من التنافس عندما تُقدّم المؤسسات التعليمية امتيازات للطلاب المُتميِّزين، مثل مِنَح دراسية أو جوائز تحفيزية. هذه المكافآت تُعزِّز الروح التنافسية بين الطلاب، حيث يتسابقون للحصول على هذه الفرص التي تُعزِّز مكانتهم وتميّزهم داخل البيئة التعليمي
التنافس الإبداعي:
يُركِّز هذا النوع من التنافس على الإبداع والابتكار في المجالات؛ الفنّية، والأدبية، والعِلمية؛ إذ يتنافس الطلّاب فيما بينهم على تقديم أفكار جديدة، أو حلول مُبتكَرة، أو إنتاج أعمال فنّية مُتميِّزة، وتتجلّى صُوَر هذه المنافسة في المسابقات المختلفة التي تطرحها المؤسسة التعليمية، مثل: أو المسابقات الأدبية، وكتابة القصص القصيرة، والشِّعر مسابقات الرسم، أو التصوير.
التنافس الاجتماعي:
التنافس الاجتماعي نوع من التنافس بين الطلّاب، يتمحور حول العلاقات الاجتماعية والمكانة داخل المؤسسة التعليمية؛ ففي هذا النوع من التنافس، يسعى الطلّاب إلى التميُّز، والحصول على القبول، أو التأثير في الوسط الاجتماعي المحيط بهم؛ بتحقيق الشعبية، أو بتولّي أدوار قيادية في المجتمع التعليمي، وهذا يعني أنّ التنافس الاجتماعي لا يتعلَّق بالتحصيل الأكاديمي بقدر ما يُركِّز على الوضع الاجتماعي، والعلاقات بين الزملاء.
التأثير الإيجابي للتنافس بين الطلاب
لا شكّ فيه أنّ التنافس الصحِّي والسليم يعود بالنفع على الطلّاب؛ شخصيّاً، وأكاديميّاً، وفي ما يأتي أبرز الآثار الإيجابية للتنافس في البيئات التعليمية المختلفة:
التحفيز لمزيد من الإنجاز:
التنافس الصحِّي بين الطلاب مُحفِّز قوي للارتقاء بأدائهم الأكاديمي؛ فحين يشعرون برغبة في التفوُّق ومنافسة الزملاء، فإنّ الدافع يزداد لبذل المزيد من الجُهد والوقت في الدراسة، والمنافسة الصحِّية تُحفِّزهم لتطوير مهارات شخصية جديدة، مثل: حلّ المشكلات، والإبداع، وتُصبح البيئة التعليمية أكثر إثارة ومتعة؛ فالجميع يسعى ويحاول من أجل تحقيق الأفضل.
التغلُّب على الفشل:
يُعَدّ التنافس بين الطلّاب أداة فعّالة للتغلُّب على الفشل؛ إذ يُشجِّعهم على التعلُّم من أخطائهم، وتحسين أدائهم؛ من خلال مقارنة أنفسهم بزملائهم؛ ممّا يُسهم في زيادة ثقتهم بأنفسهم، وتخطّي العقبات الصعبة، والتغلُّب على الفشل؛ لتحقيق النجاح في النهاية.
التجهيز للحياة العملية:
التنافس بين الطلاب في البيئة التعليمية يُعَدّ تجربة عملية تُهيِّئهم للحياة مستقبلاً؛ فرغم أن البيئة الدراسية تختلف بطبيعتها عن الحياة المهنية، إلا أن هذه المنافسات تُكسب الطلاب مهارات جوهرية تتجاوز نطاق المواد التعليمية. يتعلمون خلالها فن اتخاذ القرارات السليمة، إدارة الضغوط، والارتقاء بروح الفريق، وهي جميعها أدوات ضرورية للنجاح في مسارهم المهني لاحقاً.
تنمية المهارات الحياتية :
المنافسة الصحية ليست مجرد سباق نحو التفوق أو المركز الأول؛ بل إنها تُمثّل بيئة ديناميكية تُثري قدرات الطلاب، حيث تساعدهم على تحسين وتعزيز مهارات مهمة مثل تقبّل آراء الآخرين، مهارات الحوار البناء، التعاون، والتعبير عن النفس بثقة أكبر. هذه المهارات تنمو وتُصقَل ضمن سياق تنافسي داخل البيئة التعليمية.
تشجيع التفوق وتقدير الإنجاز
المنافسات بين الطلاب تُشجّع روح العمل والإنجاز المرتبط بالجهود المبذولة، ولأن النجاح المُحقَق نتيجة هذه المنافسات يستوجب الإشادة، فإن تكريم الفائزين عبر شهادات تقدير أو جوائز تحفيزية يسهم بلا شك في تعزيز التنافس الإيجابي وينشر أجواء مشجّعة بين الطلاب.
التطوير الذاتي وتقييم القدرات:
المنافسة الصحية تُشكّل فرصة مهمة للطلاب ليُقيّموا أنفسهم بشكل نقدي، مما يُساعدهم على التعرف على نقاط قوتهم وضعفهم والعمل على تطويرها. هذا التمرين يعطيهم فرصة لفهم نمط تعلمهم الشخصي وتحسينه بشكل مُستمر، مما يساهم في تطورهم الشامل ويُعزز قدرتهم على مواجهة التحديات المستقبلية بثقة.