7:21 مساءً / 3 يوليو، 2025
آخر الاخبار

طلاب التوجيهي في سلفيت ، إلى أين بعد الامتحانات؟ بقلم: د. عمر السلخي

طلاب التوجيهي في سلفيت ، إلى أين بعد الامتحانات؟ بقلم: د. عمر السلخي

تتواصل هذه الأيام امتحانات الثانوية العامة في مختلف مدارس محافظة سلفيت، وسط أجواء مشحونة بالقلق والتطلعات والآمال. ومع اقتراب لحظة إعلان النتائج، تبدأ رحلة التفكير الجاد في المستقبل: أي تخصص أختار؟ وأين أدرس؟ وما الذي يناسبني ويناسب واقع منطقتي؟

إن هذا السؤال لا يجب أن يُترك للصدفة أو التأثير الاجتماعي السطحي. بل ينبغي أن يُطرح من زاوية شمولية تتناول واقع المحافظة، واحتياجات المجتمع، ومتغيرات سوق العمل المحلي والعالمي. فيما يلي قراءة موسعة للتخصصات التي يمكن أن تشكل بوابة أمل حقيقية لشباب سلفيت:

التخصصات الصحية والطبية – حاجة دائمة وفرصة مستقرة

في ظل توسع التجمعات السكانية في سلفيت ونقص بعض التخصصات الطبية في المؤسسات الصحية المحلية، تبرز التخصصات الصحية والطبية كخيار استراتيجي. الطب البشري، طب الأسنان، الصيدلة، التمريض، التحاليل الطبية العلاج الطبيعي، التخدير، والأشعة من التخصصات التي توفر فرصًا مستمرة محليًا وخارجيًا.

هذه المهن ليست فقط ذات دخل مستقر، بل تُعدّ من أشرف المهن وأكثرها طلبًا في كل الظروف، خاصة في ظل غياب الأمن الصحي الكامل بسبب ممارسات الاحتلال، ونقص المراكز التخصصية.


من المهم أيضًا التفكير في التخصصات المساندة، مثل الإدارة الصحية وتكنولوجيا المعلومات الطبية، والتي تلعب دورًا في تحسين جودة الرعاية الصحية.

الزراعة والتقنيات البيئية – من الأرض إلى المستقبل

رغم الهجمة الاستيطانية الشرسة، تبقى سلفيت من المحافظات الغنية بالموارد الزراعية، من الزيتون إلى العنب فالحبوب والخضار. ومع التحول العالمي نحو الزراعة الذكية والاستدامة، فإن تخصصات الزراعة، والهندسة الزراعية، وتقنيات الري، والزراعة العضوية، وعلوم التربة، والتقنيات البيئية تمثل فرصة ذهبية للشباب.

هذه التخصصات تتيح للطالب أن يعود إلى أرضه، لا كمزارع تقليدي، بل كخبير ومهندس ومبتكر، يعيد إنتاج العلاقة بين الإنسان والأرض بشكل علمي منتج. كما تفتح الباب لتأسيس مشاريع ريادية: مزارع عضوية، إنتاج زيوت ذات جودة عالية، تصنيع غذائي محلي… إلخ.

التعليم والتربية – لبناء الإنسان الفلسطيني

رغم الصعوبات الاقتصادية، لا تزال مهنة التعليم من أكثر المهن احترامًا وثباتًا. تحتاج سلفيت إلى معلمين متخصصين في الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، اللغة الإنجليزية، التربية التكنولوجية، التربية الخاصة، رياض الأطفال، والتربية الإسلامية، في ظل ارتفاع أعداد المدارس وتوسع المناطق الريفية.

الالتحاق بكليات التربية يجب أن يكون مبنيًا على الشغف والقدرة، لأن المعلّم هو حجر الأساس في بناء وعي الأجيال، خصوصًا في محافظة تواجه محاولات طمس الهوية وتزييف التاريخ.

المهن الفنية والتقنية – مدخل للتمكين السريع

الكثير من الطلاب يظنون أن خيار الكليات التقنية والمهنية هو خيار المضطر، وهذا تصور خاطئ وخطير. في الواقع، التخصصات المهنية والتقنية تفتح الأبواب بسرعة نحو سوق العمل، وتمنح الطالب أدوات ملموسة للعيش الكريم.

من أبرز هذه التخصصات:


صيانة الهواتف، ميكانيك السيارات، صيانه السيارات الكهربائية ، الكهرباء الصناعية، الطاقة الشمسية، اللحام، التبريد والتكييف، الخراطة، النجارة، السباكة، الحرف اليدوية، وبرمجة الأنظمة والتحكم، تطوير التطبيقات، التصميم الجرافيكي، الطباعة ثلاثية الأبعاد.

هذه المهن لا تحتاج سنوات دراسة طويلة، وتؤهل الشاب لأن يكون مستقلًا ماليًا بسرعة، بل ويمكنه أن يكون صاحب مشروع خلال فترة قصيرة.

ريادة الأعمال وإدارة المشاريع – التخصص الذي يخلق فرصة

في ظل واقع اقتصادي هش، تقل فيه الوظائف وتزداد التحديات، بات من الضروري أن يتجه الشباب نحو تخصصات تُمكِّنهم من خلق فرص عمل لا انتظارها.

تخصصات مثل إدارة الأعمال، التسويق الرقمي، التجارة الإلكترونية، الابتكار وريادة الأعمال، المحاسبة، التمويل، التحليل المالي، نظم المعلومات الإدارية تُمكّن الطالب من تأسيس مشروعه الخاص، أو العمل عن بُعد مع شركات إقليمية وعالمية، وهي تخصصات مرنة تواكب تطورات السوق الحديث.

كما أن هذه التخصصات تصبح أكثر قيمة إذا ما ارتبطت بالدورات المهنية والمهارات التطبيقية، مثل التسويق عبر وسائل التواصل، مهارات التصميم، استخدام أدوات إدارة المحتوى، وكتابة المحتوى التسويقي.


الإعلام والعلوم الإنسانية – صوت فلسطين وروحها

سلفيت تقف في وجه الاستيطان، لكنها بحاجة أيضًا إلى من يوثق ويُسمع صوتها. هنا يأتي دور تخصصات الإعلام الرقمي، الصحافة، الإنتاج الوثائقي، العلوم السياسية، علم الاجتماع، الخدمة الاجتماعية، التاريخ، والعلاقات الدولية.

في ظل المعركة على الرواية، يصبح الإعلام سلاحًا لا يقل أهمية عن أي جهد ميداني. كما أن المجتمع بحاجة إلى متخصصين يفهمون تركيبته وتحدياته النفسية والاجتماعية والسياسية، ويعملون على بنائه لا تفكيكه.

التخصصات المرتبطة بالبنية التحتية والتخطيط

رغم ضيق المساحات وقيود الاحتلال، تبقى الحاجة إلى التخطيط والبناء قائمة. تخصصات مثل الهندسة المدنية، الهندسة المعمارية، هندسة الطرق، المساحة، التصميم الحضري، التخطيط الإقليمي، وإدارة المشاريع الإنشائية مطلوبة باستمرار.

هذه التخصصات ليست فقط للبناء، بل لإعادة إعمار ما يُهدم، وتخطيط ما تبقى من أرض لصالح الإنسان الفلسطيني. كما تتيح العمل مع شركات المقاولات، البلديات، والمشاريع الدولية.

خلاصة القول:

إن توجيه طلبة محافظة سلفيت نحو تخصصات تخدم واقعهم وتنسجم مع قدراتهم هو مسؤولية جماعية تشمل الطالب، الأهل، المدارس، والمرشدين التربويين، وكذلك الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني. لا يجوز أن تبقى اختيارات الطلاب أسيرة التقاليد أو المحاكاة أو “المجموع”، بل يجب أن تكون مبنية على وعي، تخطيط، وإيمان بالقدرة على التأثير.

ولنتذكر أن كل تخصص مهما بدا بسيطًا، يمكن أن يكون بابًا لعطاء عظيم إذا ارتبط بالشغف والإبداع وخدمة الناس.

شاهد أيضاً

فارسين اغابكيان شاهين تستقبل محافظ رام الله والبيرة د.ليلى غنام وتبحثان سبل تعزيز التعاون

فارسين اغابكيان شاهين تستقبل محافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام وتبحثان سبل تعزيز التعاون

شفا – استقبلت وزيرة الخارجية والمغتربين د. فارسين اغابكيان شاهين اليوم الخميس في مقر الوزارة، …