10:08 مساءً / 28 يونيو، 2025
آخر الاخبار

المهرجانات المزيفة ، حين تتحوّل المنصات إلى مسارح للتفاهة ، بقلم : هدى زوين

هدى زوين

المهرجانات المزيفة: حين تتحوّل المنصات إلى مسارح للتفاهة ، بقلم : هدى زوين

في زمنٍ تتسابق فيه الدول على دعم الثقافة والفنون، نشهد ـ ويا للأسف ـ موجة متصاعدة من “المهرجانات المزيفة” التي تستهلك الملايين، لكنها تفرغ الساحة من القيمة والمضمون. مهرجانات تكتظّ بالحضور، تلمع في عيون الإعلام، لكنها تخلو من الرسالة، ومن الروح التي تشعل الفن الحقيقي في قلوب الناس.

باتت المهرجانات اليوم في كثير من الحالات مجرد استعراضات، لا تحتفي بالفن قدر ما تحتفي بالأسماء، ولا تقدّم إبداعًا بل تُسوّق لما هو رخيص ومُبتذل. أسماء تتكرّر على المنصات، ليس لأنها تركت أثرًا فنيًا، بل لأنها أصبحت جزءًا من آلة التسويق المعلبة. وأمام كل هذه العروض الضخمة، تضيع المواهب الحقيقية التي لا تملك القدرة على شراء الأضواء.

الظاهرة الأخطر أن هذه المهرجانات تُلبس الرداءة ثوب الثقافة. تُقدَّم أعمال هزيلة على أنها فن حديث، ويُروّج لمحتوى فارغ على أنه “تجديد” أو “تجريب”. وتُصفق الجماهير، لا إعجابًا بالطرح، بل طمعًا في الحضور أو الفضول أو بدافع العادة. أما النقاد الحقيقيون، فإما يُقصَون أو يُسكتون.

كيف لنا أن نقبل بمهرجان يُمول بملايين من المال العام أو الخاص، في حين أن مكتبات الأطفال فارغة، والمسارح الجادّة تُغلق أبوابها، وورش العمل الإبداعية تكاد تختفي؟ كيف يُرفع شعار “دعم الثقافة”، بينما تُهدر الموارد في فعاليات لا تسهم إلا في تلميع التفاهة وتكريسها في أذهان الجيل الناشئ؟

بين الغياب والتزييف!!!


غياب الرقابة الفنية والثقافية على مضامين هذه المهرجانات، وافتقار كثير منها إلى لجان تنظيمية تمتلك الوعي والرؤية، ساهم في تفشي هذا النمط من “الاحتفاليات الفارغة”. وكأن المطلوب من الثقافة أن تتحوّل إلى ديكور تُلتقط فيه الصور وينتهي دوره مع نهاية العروض.

ومع ظهور “مهرجانات الأضواء” و”الاحتفالات المصنوعة” ازدهر معها نمط جديد من “الفنانين اللحظيين”، الذين لا يعيشون إلا في ظل ضوء الكاميرا، ولا يقدّمون سوى ما يرضي شهية السوشال ميديا، دون أي أثر مستدام على الوعي أو الذائقة العامة.


الحاجة إلى عودة الفن الحقيقي


ليس الهدف من هذا النقد أن نُطفئ شمعة الفرح، أو نكسر آلة الاحتفال، بل أن نعيد للفن مكانته الحقيقية: أن يكون مرآة للواقع، ومنصة للتعبير، ووسيلة للتغيير. نحن بحاجة إلى مهرجانات تُعبّر عن وجدان الناس، لا عن رغبات المموّلين. مهرجانات تزرع الفكر، لا التسطيح.


الفن ليس ترفًا، بل مسؤولية. والمهرجانات ليست مناسبات للتجمهر، بل مناسبات للارتقاء. فلنعد النظر في ما ندعمه ونصفّق له، قبل أن يُصبح الصمت أكثر حكمة من الحضور.

شاهد أيضاً

إعلام إسرائيلي: الجيش سيبلغ نتنياهو أن العملية في غزة تستنفد أهدافها

شفا – من المقرر أن يُعقد غدا الأحد اجتماع أمني في قيادة المنطقة الجنوبية في …