3:57 مساءً / 22 يونيو، 2025
آخر الاخبار

حين يتسلّى العالم بنفخ الدماء ، بقلم : رانية مرجية

رانية مرجية

حين يتسلّى العالم بنفخ الدماء ، بقلم: رانية مرجية

في زمن الهشاشة السياسية وانعدام الضمير الدولي، لا نجد وصفاً أدقّ لما يحدث من “حرب” بين إسرائيل وإيران إلا بعبارة واحدة: حفلة دولية تُدار فوق جماجم الشعوب.

نحن لا نعيش تصعيداً عسكرياً فقط، بل مشهداً مسرحيًّا مكرّراً، فيه الأدوار محددة سلفاً:


أمريكا المخلّص، إسرائيل الضحية، وإيران “الشرّ المُطلق” الذي يجب سحقه.
أما نحن – شعوب الشرق – فلسنا سوى ديكور يحترق على هامش المشهد.

الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع نووية إيرانية، تلتها غارات أمريكية أكثر اتساعًا وخطورة، تحت ذريعة “منع طهران من امتلاك القنبلة”.


لكنّ السؤال الحقيقي هو:
من يملك القنبلة فعلاً؟ ومن يملك الجرأة على استخدامها؟

الردّ الإيراني الذي أتى بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، كان حتميًّا، لكنه لم يكن كافيًا لتعديل ميزان القوى أو تغيير الرواية السائدة في الإعلام الغربي.
الواقع أن الرواية تُكتب هناك، في مراكز التفكير الاستراتيجي، لا في طهران ولا حتى في القدس.

لم تكن إيران يوماً ملاكاً.


لكنها – شاء من شاء وأبى من أبى – بقيت من بين القوى الإقليمية القليلة التي لا تنحني لعقيدة السوق، والتي تقول “لا” لأمريكا بصوت مرتفع.
وهذا وحده كافٍ لجعلها هدفاً دائماً في بنك الأهداف الغربية.

أما دونالد ترامب، فخرج متباهياً بأنه “أزال الخطر النووي الإيراني”، داعياً طهران إلى اختيار “السلام أو الانهيار”.
والسؤال هنا:


من الذي يمنح نفسه حق تقرير مصير شعوب أخرى؟
ومن الذي أجاز لأمريكا أن تتحوّل إلى شرطي العالم، وقاضيه وجلاده في آن؟

اللافت، وربما المُخزي، هو أن غالبية الأنظمة العربية اكتفت بالمشاهدة.
بعضها اكتفى بالصمت، وبعضها الآخر، تواطأ ضمنياً باسم “ردع التهديد الإيراني”، متناسياً أن أول من دفع ثمن هذا التصعيد هو الشعب الفلسطيني الذي يعيش منذ عقود تحت نيران الاحتلال.

في الرملة، حيث أكتب، لا نملك صواريخ ولا طائرات ولا حتى حدوداً.
لكننا نملك ذاكرة لا تموت.
ونعرف تمامًا أن الشرق الذي يُقصف اليوم، كان ذات يوم مهد الحضارات وموئل الأنبياء.
وأن الكرامة لا تُقصف، حتى لو صمت العالم بأسره.

ليس المطلوب منّا أن نبرّر أخطاء إيران أو أن نغفر لمشاريعها العابرة للحدود، بل أن نضع الإصبع على الجرح الحقيقي:
أن ما يحدث ليس دفاعًا عن السلام، بل فرضٌ للهيمنة بكل أدوات القوة والتضليل.

أما الشعوب العربية، فعليها أن تستيقظ.
أن تفهم أن من لا يملك قرار نفسه، سيكون دائمًا وقوداً في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

الشرق ينزف، لكنّه لم يمت بعد.


وفي مكانٍ ما، سيولد جيل لا يخاف الحقيقة، ولا يخضع للخوف، ولا يصفّق للدم

شاهد أيضاً

سلطة الأراضي تسلم تخصيصا لصالح دائرة شؤون اللاجئين لمنفعة مخيم عسكر

سلطة الأراضي تسلم تخصيصا لصالح دائرة شؤون اللاجئين لمنفعة مخيم عسكر

شفا – استقبل رئيس سلطة الأراضي المستشار علاء التميمي، اليوم الأحد، في مكتبة عضو اللجنة …