3:40 مساءً / 20 يونيو، 2025
آخر الاخبار

المرأة في محافظة سلفيت تحت الحصار ، معاناة يومية في ظل الإغلاق وتداعيات الحرب ، بقلم : د. عمر السلخي

المرأة في محافظة سلفيت تحت الحصار: معاناة يومية في ظل الإغلاق وتداعيات الحرب ، بقلم: د. عمر السلخي

بين جدران الحصار والاحتلال، وفي ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي ألقت بظلالها الثقيلة على الداخل الفلسطيني، تعيش المرأة في محافظة سلفيت واقعا صعبا يزداد تعقيداً مع كل إغلاق وحاجز وحصار. فالإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، المتمثلة بإغلاق كافة مداخل بلدات وقرى المحافظة وتحويلها إلى كنتونات معزولة، لم تُبقِ للنساء في سلفيت هامشًا للحياة الطبيعية، بل زادت من الأعباء اليومية، وكشفت هشاشة الواقع الذي تعانيه النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال.

عبء التنقل والصحة: بين الحاجز والمستشفى

تشير شهادات العديد من النساء في بلدات مثل ديربلوط، الزاوية، بديا وغيرها، إلى صعوبات بالغة في الوصول إلى المرافق الصحية، فالحواجز المقامة تمنع النساء الحوامل من الوصول الآمن إلى مستشفى سلفيت الوحيد، ما يزيد من حالات الولادة الطارئة في المنازل، ويعرض حياة الأمهات والأطفال للخطر، أما النساء اللواتي يعانين من أمراض مزمنة، فيضطررن للانتظار لساعات طويلة أو التراجع عن الذهاب لمستشفى الشهيد ياسر عرفات الوحيد في المحافظة بسبب صعوبة التنقل وغلاء المواصلات البديلة.

المرأة العاملة: من مصدر دخل إلى دائرة العجز

نساء كثيرات في سلفيت يعتمدن على العمل خارج القرية التي يسكن فيها سواء في مجالات التعليم، الصحة، أو التجارة، ومع استمرار الإغلاقات، توقف العديد من النساء عن مزاولة أعمالهن، ما أثر سلبًا على دخل الأسر، خاصة في الحالات التي كانت المرأة فيها المعيل الأساسي أو المشارك الأكبر في نفقات المنزل ، وتشير تقارير ميدانية إلى ارتفاع معدلات البطالة بين النساء خلال الشهرين الأخيرين بنسبة تتجاوز 35%.

المسؤوليات المنزلية والتعليم: ضغط مضاعف

مع بقاء أفراد الأسرة داخل المنازل لفترات طويلة نتيجة الحصار وصعوبة الحركة، تضاعفت مسؤوليات النساء داخل البيوت ، النساء يقمن بأدوار متعددة: أم، ومعلمة، وطبيبة، وطاهية، ومحامية للأسرة في وجه هذا الواقع المرير، كما أن الانقطاع المتكرر عن المدارس، وصعوبة الوصول إليها، حمّل الأمهات عبء متابعة التعليم لأطفالهن، خاصة مع ضعف البنية التحتية للاتصال والانترنت في بعض المناطق الريفية.

الضغوط النفسية: صمت المعاناة

في مجتمع يعاني من الأزمات المتكررة، كثيرًا ما تُهمّش المعاناة النفسية، إلا أن الواقع يكشف أن النساء في محافظة سلفيت يتعرضن لضغوط نفسية كبيرة، نتيجة القلق على أسرهن، والخوف من تصعيد محتمل، وعدم القدرة على التخطيط للمستقبل القريب، ناهيك عن الشعور بالعجز والحرمان من أبسط حقوق الإنسان في التنقل والعمل والحياة الكريمة.

أدوار نضالية ومجتمعية رغم الحصار

رغم كل ما سبق، تبرز المرأة السلفيتية كشريك فاعل في التماسك المجتمعي، فقد أطلقت العديد من النساء مبادرات تطوعية لدعم العائلات المحاصرة، وتوزيع الطعام، والاهتمام بالأطفال وكبار السن، وتنظيم جلسات توعية نفسية وصحية، والمشاركة كمتطوعات في مجموعات الهلال الأحمر والدفاع المدني التي تتوزع في بلدات وقرى المحافظة ، هذه النماذج من الصمود تثبت أن المرأة الفلسطينية ليست ضحية فقط، بل هي في الصف الأول للمواجهة والصبر والبناء.

دعوة للمجتمع والمؤسسات

إنّ تداعيات الإغلاق على النساء في محافظة سلفيت ليست ظرفاً عابراً، بل أزمة ممتدة تتطلب تدخلاً عاجلاً من المؤسسات الرسمية والأهلية، لتوفير الدعم النفسي، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتأمين وسائل نقل خاصة للنساء والمرضى، وتفعيل دور الإعلام لفضح هذه الانتهاكات أمام العالم.

في خضم الحروب والسياسات الاستعمارية، تبقى المرأة الفلسطينية في محافظة سلفيت عنوانًا للثبات والكرامة، ومفتاحًا لأي نهوض وطني حقيقي، ولأنها القلب النابض في كل بيت، فإن حماية النساء ودعمهن في هذه الظروف هو دعم لبقاء المجتمع الفلسطيني نفسه.

شاهد أيضاً

الاحتلال يستولي على 16 منزلا ويعتقل 10 مواطنين في عنزة جنوب جنين

الاحتلال يستولي على 16 منزلا ويعتقل 10 مواطنين في عنزة جنوب جنين

شفا – واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، اقتحامها لقرية عنزة جنوب جنين لليوم الثاني …