شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
“طفلتي والقوقعة” بقلم : ليالي جمال حبيبه
لم تكن آية مجرد طفلة.
كانت شمسي الصغيرة، التي أشرقت على بيتي منذ لحظة ولادتها، تحمل في ابتسامتها رسائل حب لا تُقرأ، بل تُحَسّ وتُعاش.
منذ أن ضممتها بين ذراعي، شعرت بفرحة لم يعرفها قلبي من قبل، فرحة امتلأت بها زوايا روحي.
مرت الشهور الأولى، وبدأت ألاحظ شيئًا…
لم تكن آية تلتفت لصوتي، لا تستجيب لمناداتي، ولا تنتبه للأصوات من حولها.
بدأ قلبي يضطرب، وانطلقت داخلي أسئلة كثيرة، كلها كانت موجعة، مرعبة، ومربكة.
توالت الفحوصات، وكلها كانت تقودني نحو الحقيقة التي كنت أهرب منها .
آية تعاني من ضعف سمعي شديد في كلتا الأذنين.
كانت صدمة…
صدمة أم تُكسر القلب للمرة الأولى ، لأجد طفلتي ابنتي نفسها في مواجهة حياة جديدة ، لم تكن مستعدة لها.
بكيت، خفت، ارتبكت، ثم سألت نفسي:
كيف ستعيش صغيرتي دون أن تسمع صوتي؟
كيف ستضحك لصوت العصافير؟
كيف ستنطق أولى كلماتها؟
لكن قلبي لم يستسلم.
بدأتُ رحلة البحث، رحلة علاج طويلة قادني الأمل خلالها إلى قرار زراعة القوقعة.
كانت عملية واحدة، لكنها حملت على أكتافها كل آمالي، كل خوفي، وكل مستقبلي و مستقبل صغيرتي
ثم جاء اليوم المنتظر… 25 أكتوبر 2020
يوم لن أنساه أبدًا.
وقفت أمام غرفة العمليات وقلبي بين يديّ، أنتظر خروج آية.
وحين خرجت، كانت ملامحها نائمة، لكن روحي أيقظتها بدموع الفرح.
نجحت العملية، وقالوا لي: “تمت بنجاح”.
ثم جاء يوم التشغيل الأول…
جلست آية على كرسي صغير، تحيط بها الأجهزة، وأنا أمسك بيدها وأهمس بدعاء مرتجف.
ضغط الطبيب زر التشغيل…
وفجأة…
رفعت آية رأسها، نظرت نحوي، وابتسمت.
كانت تلك الابتسامة الأولى التي شعرت فيها أن طفلتي… تسمعني.
أن طفلتي… عادت إليّ.
مرت الأيام، وبدأت آية تتعلم كلماتها الأولى.
وكانت كلمة “ماما” حين نطقتها، كأنها نداء من السماء.
لم تكن مجرد كلمة، بل كانت نصرًا، شهادة حياة، وحروفًا نُسجت من صبر ودموع وأمل.
علّمتها سماع العصافير، صوت الماء، وقع خطواتي…
وسمعتني أردد لها كل يوم:
“أنا لا أسمعكم، لكني مثلكم.”
وكبرت آية، وكبر معها إيماني أن الله قد منحني و صغيرتي أجمل هدية لنا ثم أن الحب والإرادة… قادران على منح الابتسامة للحياة بإذن الله .
نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني
