11:59 صباحًا / 16 يونيو، 2025
آخر الاخبار

تقرير : رؤية للتعامل مع القلق النفسي لدى الأطفال في حالات الهلع والترويع التي نعيشها هذه الأيام

تقرير : رؤية للتعامل مع القلق النفسي لدى الأطفال في حالات الهلع والترويع التي نعيشها هذه الأيام

شفا – تقرير طاقم الصحة النفسية – مركز الدراسات والتطبيقات التربوية – CARE ، عاش ولا يزال يعيش، الانسان الفلسطيني منذ عقود خلت، حالات من اللااستقرار ، سواء النفسي، الاجتماعي، التعليمي أو الاقتصادي، بسبب ظروف تملى عليه عنوة.


وفق ما أعلنته المديرة التنفيذي لمنظمة اليونسف، السيدة كاثرين راسل ( أواسط اكتوبر 2024)،” حياة الأطفال في الشرق الأوسط تتعرض للدمار بسبب الصراعات المستمرة، وأن حياة الأطفال في فلسطين واسرائيل ولبنان تتفكك بطرق وبسرعة لا يمكن تصورها، ولا فرصة لوقف ذلك الا بوقف العنف ضد الأطفال”.


يطول الحديث هنا عن المسببات والانعكاسات واّليات التعامل مع اجواء العنف التي تسود المنطقة، الا أننا سنكتفي هنا بالوضع القائم سواء دوام الحرب على غزة والاجتياحات المتواصلة للمحافظات الشمالية في الوطن المحتل، وتسارع المواجهة العسكرية بين ايران واسرائيل بعد أن قامت الأخيرة بشن هجوم على دولة وشعب ايران لحسابات سياسية منبعها الامعان في حب الغطرسة وفرض الأمر الواقع، وفق رؤى ثقافية تقوم على معتقدات دينية وأسطورية، لامجال لبحثها هنا، دون الأخذ بعين الاعتبار أية أهمية للقيم الانسانية والمواثيق الدولية التي باتت مجرد حبر على ورق، لا نرى أي أهمية لدوام اجترارها وتكرارها كونها لم ولن تتقدم قيد أنملة من أجل أنسنة الحياة في مناطق الصراع الدائر منذ أمد طويل.


لنا أن نؤكد هنا، بأن أكثر فئة هشّة للتأثر بهذا الصراع، هي فئة الأطفال، بغض النظر عن الجنس، خلفية العائلة الاقتصادية مع التركيز على أن للخلفية التعليمية- الثقافية، الدينية و الاجتماعية حيزا مهما في اذكاء/ تهدئة حالات القلق النفسي الذي يعيشه الطفل.


يعرّف القلق النفسي، سيكولوجيا، بانه حالة من الصراع النفسي الذي يعتري الفرد بغض النظر عن عمره، جنسه، او ترتيبه في الأسرة، ينجم عن مصدر قد يكون معروفا لدى الكبار وغير معروفا بشكل كامل لدى الأطفال، في غالبية الأحيان ، هو صراع بين ألانا ( النفس ) والانا الأعلى ( الضمير)، متخذا عدة ملامح عصبية، جراء حالة الوهن النفسي والوسواس وهستيرية القلق التي ألّمت به .


تظهر حالات القلق النفسي على الطفل من خلال اضطرابات دقات القلب، التنفس، التعرق، الفزع، الصراخ والبكاء، قد يواكبها مشاكل في الجهاز الهضمي ومعاناة من أحلام مزعجة( night mares) كوابيس و استيقاظه من النوم في حالة الرعب، التبول اللاارادي، التعرق الزائد، التعلق الشديد بالوالدين/ أحدهما، الافراط في الحركة، مما يوجد لديه شعورا بدوام التعب والانهيار الجسمي، مع اختلال في الرؤية . كما يسيطر عليه دوام الشعور بالخوف من كل ما هو غير مألوف (أماكن مظلمة ومغلقة، عالية”.


أنواع القلق :


باختصار شديد، هناك القلق الواقعي الناجم عن ظروف واقعية كتلك التي أشرنا اليه في بدايات هذه الرؤية ، وهناك القلق غير الواقعي الناتج عن سيطرة تخيلات لا وجود لها في الواقع، والذي في أغلب الحالات هو نتاج لضعف شخصية الطفل وعدم فرص التفاعل معه أو عدم اتباع أساليب تربية وتنشئة تستجيب لمتطلبات الواقع الذي نعيشه.


أيضا، لن يفوتنا ذكر القلق الطبيعي الناتج عن المواقف الطبيعية كالقلق والخوف من رؤية حريق، أفعى….الخ .
دور الوالديّة الايجابية في مساعدة الطفل:


للأسرة دور نوعي ليس فقط في التخفيف من هذا القلق والخوف بل وتوظيفه كعامل لتعزيز الجرأة والدافعية للاقدام على المواجهة دون مغامرة، وهذا ما نسميه بالعمل على بلورة الدافع الايجابي لاختراق مشاعر الخوف والمضي قدما نحو التحكم بالذات، يكون ذلك عن طريق:-


⦁ توظيف اللعب باستخدام ألعاب معينة، يشترك فيها أكثر من طفل، لضمان التفاعل المتبادل من خلال مهارات التعبير.
⦁ توظيف حكايا شعبية وقصص دينية ترتكز على دوام التوكل على الله وتسليم الأمور للخالق الباري، مع ضرورة دوام الحذر وعدم القاء النفس في التهلكة، كله بقصد تعزيز الايجابية وايجاد بدائل للبقاء أسيرا لمشاعر القلق والخوف من المجهول، مما قد يفسح المجال أمام فرص للإنتاج والانجاز مهما صغر، وبالتالي بدء اضمحلال الشعور بالإحباط ودوام القلق الذي قد يتحول الى مرض يتوجب علاجه عن طريق مرجعة طبيب نفسي مختص بغية التقليل من انعكاساته أو التخلص منه كليا
⦁ الحرص دوما على عدم ترك الطفل لوحده، مع أهمية اشغاله ومراقبته عن بعد، حبذا لو يتم اصطحابه في المشاوير العائلية ساعات النهار حتى يشاهد كيف تير الأمور على طبيعتها، مع عدم المبالغة في التدليل والاسراف في تأمين كل ما يطلبه، ولنتذكر دوما الآية الكريمة ” الذي أطعمهم من جوع واّمنهم من خوف”.
⦁ الابتعاد، قدر الامكان عن التعزير والتوبيخ في ظل الظروف التي من شأنها أن تؤدي الى الشعور بالقلق والخوف
⦁ الحرص على استمرارية تقبل الطفل بهدوء وابتسامة، بدلا من الرفض أو الاهمال والصراخ
⦁ عدم الترويع المقصود / غير المقصود من خلال مثلا: هوس الشراء والمتمثل في الاسراع الى البقّالة للتمويل الزائد عن حده وابتياع ما يريدون وليس ما يحتاجون، والذي يجب أن يتم وضع حد له وبسرعة عن طريق تعزيز قيم الرضى بالموجود والقبول بالرزق المقدور عليه وتعزيز التفكير بالغير، اذ من الواجب مسبقا التفكير في كل سلوك وانعكاساته على الطفل دون دوام التضليل بحجة أن صغير لا يفهم ما يدور من حوله. .
⦁ أيضا عدم رفع التوقعات لدى الأسرة/ الوالدين من الطفل كضرورة دوام التفوق والحصول على علامات عالية واجتياز جميع الامتحانات بتفوق، دون الأخذ بعين الاعتبار القدرات والفروقات العقلية والعاطفية للطفل.
⦁ ضرورة الحرص على عدم مقارنة انجازات/ مشاعر الطفل مع غيره من الأقران أو حتى الأشقاء في داخل العائلة الواحدة .
⦁ لدوام الحوار مع الطفل والحديث معه بكل ايجابية وموضوعية، دون اشعاره بجهله ودونيته، فالتعامل مع الطفل بشكل يشعره بوجوده، لا يعمل فقط على تعزيز ورفع منسوب الشعور بقيمته واكتشاف طاقاته المتنوعة، بل من ِأن ذلك تعزيز قيم الشراكة المسؤولة والاعتماد على الذات مبكرا وبالتالي تنمية الحافزية لمساعدة الاّخرين، بدءا بمشاركتهم تجاربه الذاتية وانتهاء بتقديم العون والمساعدة ما استطاع الى ذلك سبيلا.
دور المدرسة:
⦁ الاكثار من الحصص العملية ( تدبير منزلي،تربية بدنية،موسيقى،مسرح، تطريز ….)، والأنشطة الترفيهية.
⦁ الميل الى التخفيف من كثرة الامتحانات والواجبات المدرسية والتي من شأنها توليد مشاعر قلق وخوف في ظل الظروف الطبيعية.
⦁ الابتعاد كليا عن اللجوء الى العقاب كوسيلة لتعديل السلوك( الضرب ، الاخراج من الصف ….)، والاستعاضة عنه بالشرح والحوار لتبيان الاثار السلبية للسلوك غير السوي الذي قام به الطفل، بهذا نكون قد ساهمنا في تذويت المدرسة كمكان اّمن بعد البيت .

شاهد أيضاً

مروان إميل طوباسي

من غزة إلى الخليج ، هل يُفجر ترامب ونتنياهو الحرب الأوسع ، أم يُفتح باب التعددية والتسوية بالمنطقة ؟ بقلم : مروان إميل طوباسي

من غزة إلى الخليج ، هل يُفجر ترامب ونتنياهو الحرب الأوسع ، أم يُفتح باب …