3:22 مساءً / 21 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

نريد مواقف دولية تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار ، بقلم : محمد علوش

نريد مواقف دولية تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار ، بقلم : محمد علوش

هناك أهمية كبيرة في هذه المرحلة لما تضمنه البيان الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا الذين أكدوا فيه أنهم سيتخذون إجراءات إذا لم توقف “إسرائيل” هجومها على غزة، ومعارضتهم توسيع المستعمرات في الضفة الغربية، وتصميمهم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية كإسهام في تحقيق “حل الدولتين”، ويمثل البيان رسالة واضحة من المجتمع الدولي بأنه بات يضيق ذرعاً من إجراءات الاحتلال وعدوانه، ورسالة من أجل تكثيف الجهود لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وإذ نرحب بهذا البيان إلا أننا ندعو الى إجراءات فعلية من قبل تلك الدول تجبر حكومة الاحتلال الاسرائيلية على وقف العدوان والانصياع لقرارات الشرعية الدولية، ونطالب الدول الثلاث بالتحرك الدولي لفتح مسار سياسي يستند للشرعية الدولية، ويوقف العدوان وجريمة الحرب والابادة الجماعية المستمرة ضد شعبنا.

الشعب الفلسطيني بحاجة لإجراءات ملموسة على الأرض تتطلب فرض عقوبات على دولة الاحتلال، وتعليق العمل بالاتفاقيات الموقعة معها من قبل الاتحاد الأوروبي وكافة الدول التي تقيم علاقات مع الاحتلال، وفي هذا الإطار نعتقد أن استهداف ممثلي الدول الأعضاء المعتمدين لدى دولة فلسطين بإطلاق النار عليهم في مدينة جنين بمثابة تصعيد خطير ويعبّر عن استهتار ممنهج بالقانون الدولي وبحياة الدبلوماسيين الذين تعرضت حياتهم إلى تهديدات مباشرة.

إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يسوق لرواية مزيفة لدى العالم، من أجل التنصل من مسؤوليته عن جرائم الحرب البشعة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويدعي أن إسرائيل ضحية وتدافع عن نفسها، وقد تلقى العديد من الاتصالات الدولية، للضغط عليه من أجل وقف العدوان على قطاع غزة، لكنه رفض التجاوب معها، كما ادعى بأنه بحاجة إلى مزيد من الوقت لاستكمال عمليته العسكرية لتحقيق ما يسميه (أمن المدن والمواطنين الإسرائيليين).

إن مثل هذه المواقف الدولية تمثل خطوة جيدة، لكنها بحاجة لترجمة فعلية على الأرض، تبدأ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم حصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ووقف التعامل مع حكومة الاحتلال وإلزامها بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، والمطلوب اليوم من تلك الدول التحرك العملي والجاد لإجبار حكومة الاحتلال على وقف العدوان وتنظيم ادخال المساعدات الإنسانية والاغاثية العاجلة لأبناء شعبنا في القطاع، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وإجبار إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لوقف كافة إجراءاتها أحادية الجانب التي تقوض “حل الدولتين”.

هناك ازدواجية معايير تتعامل معها العديد من بلدان العالم إزاء القضية الفلسطينية، ولا نحتاج لجهد كبير كي نتيقن أن مواقف العديد من البلدان في نقد إسرائيل وممارساتها في واد والفعل على الأرض تجاهها في واد آخر، فالعديد من بلدان أوروبا الغارقة في ثنايا ملف الحرب في أوكرانيا، أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية وتراجع اهتمامها في المنطقة عموماً، وسخّرت جهودها لفرض الحصار على موسكو، والبحث عن حلول للأزمات الاقتصادية، التي اجتاحتها، تحت وطأة الحرب الأوكرانية.

لا نريد مجرد إطلاق المواقف العامة، بل المطلوب بمثل هذا المنعطف التاريخي الخطير وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من محاولات الاقتلاع والتهجير وتنفيذ أبشع جرائم الإبادة والتطهير العرقي موقفاً تاريخياً واضحاً يتخطى عبارات الشجب والادانة وينسجم مع القيم التي تدافع عنها الدول الثلاث صاحبة البيان الثلاثي، والتي تدافع عنها أوروبا بشكل عام وخاصة قيم القانون الدولي والعدالة والحرية وحقوق الانسان، والتي سقطت جميعها تحت ركام المنازل المدمرة في قطاع غزة وأمام الوحشية الفاشية الإسرائيلية المستمرة المدعومة من الإمبريالية الأمريكية والغربية، ولا يمحو عار العالم في تعاطيه السلبي مع القضية الفلسطينية بشكل عام ومع جرائم الحرب في قطاع غزة بشكل خاص، دعوة هنا أو موقف إنساني هناك، فما يحتاجه الشعب الفلسطيني ليس دموع التماسيح التي تذرف ولا بيانات التنديد، بل بالخطوات العملية والمعالجات والحلول لكل ما يعاني منه شعبنا الفلسطيني، وإذا كانت هذه الدول مؤمنة بحقوق الانسان وبأن وظيفة القانون الدولي حماية واحترام حقوق وإرادات الشعوب، فوجب عليها أن تكون أكثر جرأة في الدفاع عن قيمها.

هناك تراجع في دور الاتحاد الأوربي الذي كان يمكن له لعب قوة ثالثة مؤثرة، ما زال مرتبطاً وتابعاً للولايات المتحدة وحلف الناتو رغم الدعوات السابقة لاستقلاليته ما فاقم الانقسام العالمي ولكن هذه المرة دون بعد أيديولوجي كما في السابق ما يوجب على القيادة الفلسطينية الانتباه لتكون جزءاً من صيرورة هذا الانتقال والتحول لإبقاء القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الدولي وعدم تغيبها عن أية ترتيبات جديدة ومسار التحولات والحلول الدولية، وخاصة في ظل هذه المرحلة التي اتسمت بالصراع والتمزق، والتي شهدت فيها القضية الفلسطينية تراجعاً في الاهتمام باعتبارها ذات أولوية خاصة في ظل التسارع في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والانزلاق نحو ما سمي بالاتفاقيات الإبراهيمية، ما يتطلب التدقيق في بعد هذا التحول ومدى تأثيره اللاحق على الحاضنة العربية والإقليمية الحامية والداعمة للقضية الفلسطينية، وضرورة إعادة قراءة هذا البعد وبلورة مقاربة جديدة تأخذ هذه الأبعاد والتغيرات، لا سيما وأن القضية الفلسطينية لا زالت تشكل حيزاً مهماً في وعيها ووجدانها وفي مكانتها كقضية عادلة لشعب يناضل من أجل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

شاهد أيضاً

الإغاثة الزراعية توفر 160 ألف لتر من مياه الشرب يخفف معاناة النازحين في المحافظة الوسطى بقطاع غزة

الإغاثة الزراعية توفر 160 ألف لتر من مياه الشرب يخفف معاناة النازحين في المحافظة الوسطى بقطاع غزة

شفا – في خطوة إنسانية كان لها أثر مباشر في تحسين أوضاع آلاف العائلات النازحة، …