1:05 صباحًا / 18 مايو، 2025
آخر الاخبار

الشهيد الأسير صلاح محمد عيسى أبو ميزر ، منارة النضال الفلسطيني وسيرة فخر لا تموت ، بقلم : المهندس غسان جابر

الشهيد الأسير صلاح محمد عيسى أبو ميزر ، منارة النضال الفلسطيني وسيرة فخر لا تموت ، بقلم : المهندس غسان جابر

الشهيد الأسير صلاح محمد عيسى أبو ميزر: منارة النضال الفلسطيني وسيرة فخر لا تموت ، بقلم : المهندس غسان جابر

في سجل النضال الوطني الفلسطيني، تتجلى أسماء خالدة كنجوم لا يخفت بريقها، ومن بينها يتلألأ اسم الشهيد القائد صلاح محمد عيسى أبو ميزر، أحد أوائل المناضلين الذين التحقوا بصفوف الثورة الفلسطينية وكان من القادة المؤسسين لحركة “فتح”. عاش من أجل فلسطين، وناضل على أرضها، واستشهد مدافعاً عنها، ولا تزال جثته الطاهرة أسيرة بيد الاحتلال، شاهدة على حجم الجريمة وعلى إرادة لا تلين.

البدايات: قائد منذ الطلقة الأولى

ولد صلاح أبو ميزر في مدينة الخليل بتاريخ 6 نوفمبر 1935، وعرف منذ شبابه بانتمائه العميق لقضية فلسطين. التحق مبكراً بحركة “فتح” وساهم في تأسيسها، فكان من بين الرجال الذين حضروا اللقاءات الأولى مع القادة العرب، ومنهم الزعيم جمال عبد الناصر، لوضع لبنات المشروع الوطني الفلسطيني. امتزج نضاله بين العمل السياسي والإعلامي والعلاقات الخارجية، كما كان من صناع القرار الذين أسسوا للثقافة الثورية لحركة “فتح” وساهموا في رسم ملامحها التنظيمية والعسكرية.

بعد نكسة حزيران: مقاومة لا تعرف الانكسار

في أعقاب احتلال الضفة الغربية عام 1967، تلقت قوات الثورة الفلسطينية أمراً بإرسال خلايا سرية للعمل خلف خطوط العدو. وكان أبو ميزر من أوائل من عبروا الحدود لتنفيذ المهمة، فأسس قواعد سرية في جنوب الضفة، وعمل على تنظيم الخلايا العسكرية وتفعيل عمليات المقاومة المسلحة، لا سيما في منطقة الخليل. وبفضل نشاطه النوعي، أصبح من أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال التي لاحقته بشراسة.

معركة الضحضاح: ملحمة الصمود والاستشهاد

في 3 فبراير 1971، طوقت قوات الاحتلال موقعاً للمقاومة في منطقة الضحضاح شمال الخليل، حيث كان القائد صلاح أبو ميزر متحصناً مع رفاقه. اشتبكوا ببسالة مع القوات المهاجمة لمدة 36 ساعة متواصلة، سطروا خلالها ملحمة من البطولة والشجاعة. انتهت المعركة باستشهاد القائد أبو ميزر، ولكن قوات الاحتلال لم تكتفِ بجريمته، بل اختطفت جثمانه ورفضت تسليمه لعائلته، لتبدأ فصلاً جديداً من المعاناة.

معاناة رجائي أبو ميزر: نضال لا يقل بطولة عن والده

ولد رجائي أبو ميزر بعد استشهاد والده، حاملاً اسمه وقضيته. ومنذ عام 1990 بدأ معركة قانونية طويلة للمطالبة باسترداد جثمان والده. تمكن من كسب أولى القضايا في عام 1995 حين أصدرت محكمة بيت إيل قراراً بتسليم الجثمان، لكن جيش الاحتلال أوقف التنفيذ مستنداً إلى “قانون الطوارئ”. أعاد رجائي المحاولة عبر جمعيات حقوقية إسرائيلية، إلا أن المحكمة رفضت مجدداً بحجة “الجهل بمكان الدفن”، وزعمت أن الجثة دُفنت في مقبرة قرب جسر آدم بلا تنظيم أو توثيق.

رغم محاولات رجائي لإجراء فحص DNA، إلا أن الاحتلال تهرب من المسؤولية بحجج واهية كـ”حرق الملفات” أو “تقاعد المسؤولين”، لكن رجائي لم ييأس. يستعد اليوم للتوجه إلى محكمة لاهاي الدولية، مطالباً بفتح ملف جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة في مقابر الأرقام، وعلى رأسهم جثمان والده.

رسالة فخر ووفاء: صلاح أبو ميزر حي فينا

صلاح أبو ميزر ليس مجرد اسم في أرشيف الثورة، بل هو مدرسة في النضال، وشاهد على تضحيات جيل صنع المجد بدمه. لم تكن مقاومته شعاراً، بل فعلاً ميدانياً قائداً ومخططاً ومنفذاً، كما كان مفكراً ومنظّماً في بدايات حركة “فتح”. واليوم، وبعد أكثر من نصف قرن على استشهاده، لا تزال معركة استرداد جثمانه تفضح عنصرية الاحتلال وتُظهر صلابة الإرث الذي تركه في ابنه رجائي وفي كل من يؤمن بعدالة القضية.

نحن، إذ نحيي ذكرى الشهيد الأسير صلاح أبو ميزر، نرفع رؤوسنا فخراً به وبأمثاله من الرجال الذين نذروا أرواحهم لفلسطين. وندعو المؤسسات الحقوقية، الرسمية والأهلية، للانخراط الفاعل في دعم نضال العائلات الفلسطينية لاسترداد جثامين أبنائها المحتجزة، لأن الوفاء للشهداء هو حجر الأساس في أي مشروع وطني حر.

المجد للشهداء… والحرية لجثامينهم في مقابر الأرقام.

  • – غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

الاحتلال يقتحم كفر مالك شمال شرق رام الله

شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة، قرية كفر مالك شمال شرق رام الله. وأفادت …