3:24 مساءً / 3 يوليو، 2025
آخر الاخبار

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

يا أهل الحرب و يا أهل السلم ما ذنب الأطفال في سياساتكم القذرة ؟ اخرجوهم من حساباتكم ، اجعلوهم خارج إطار الزمن المستعر ، اتركوا الرحمة تتنزل على عباد الله المستضعفين ، يا نار الحرب كفي جنونك ، يا نار الإبادة كوني بردا و سلاما ، يا ويح الأعداء ، يقتلون الجثث فوق موتها ، يخرجونها من الأجداث ، يمثلون بها ، يقطعونها بجنازير الدبابات ، تصطك الأحقاد في وجه النازي ، صهيوني العقل و التفكير ، زبانية المحرقة أين ستهربون ؟ ستلاحقكم دماء الأطفال ، ستلعنكم دموع النساء ، أجساد الشهداء ملقاة تودعها الطيور ، امرأة تمسح غبار منزلها المهدم ، تذرفه دما مسفوكا ، وعين تراقب أكياس بيضاء ، علها تجد ابنها الشهيد ، فكل أحلامهم أن يجدوا موتاهم ، كبيرة هي الأحلام في ظل عصابة الإنسانية ، نازية الدول الاستعمارية ، أشلاء الإنسانية تأكلها مدافع الآليات العسكرية ، في غزة تختلط الأشياء كلها ، الماء و التراب و الدماء و البكاء و جثث الشهداء ، و رائحة الموت الذي ترسله نازية العصر ، في غزة قصف المنازل يلتحم مع أصوات الثكلى ، طفلة ترفع شارة النصر من تحت الركام ، طفل يودع أباه ، و أم تبكي بكاء الأطفال ، لم تعد العيون تحتمل الصبر ، انهكت الحرب السماء و الأرض ، و الحجر و الشجر ، سفكت أرواح الحيوانات و النباتات ، قتلت أنفاس الإنسان ، تغيرت الملامح ، تنكرت الأبواب لأقفالها ، و المنازل لسكانها فقد شوهت النيران وجوهم ، و حولت الحليم حيرانا ، في وطني جرحان ، يدمي أحدهما الآخر ، أطول من شلال الأحزان ، غزة في وسط النار ، و تحيط بها الأنياب ، البحر يقذف حمما و لهيبا ، تبتلع الأطفال الرضع ، تحرق أوراق الأمم ، قمم و لمم ، لن تجدي في قاموس الإرهاب الوحشي ، حبر و أوراق تتكدس في أدراج الكذبة الكبرى ، محكمة الجنايات الدولية ، أو هيئة الأمم المتحدة ، متحدة دول الاستعمار ، للنيل من شرف الأمة العربية ، و تجرجرها إلى مسلخ التبعية ، الواحدة تلوى الأخرى ، انقطع الحبل العربي ، لم يعد عرقا عربيا ، هجنه اتباع الإمبريالية ، يا ويح من نظر من عرب أو عجم ، أصنام ، وحجارة نرد يلعب بهم أشرار العبودية ، يا دعاة القمم العربية ، ماذا فعلتم بدم الأبرياء ؟ كم لوثتم أصول الوحدة الجغرافية ، مزقتم تاريخ البطولات ، و حذفتم أبجديات اللغة الفصحى و المحكية ، و تلاعبتم بنصوص العادات الأثرية ، فهي غيث يمطرنا حبا و سلاما ، فيا أهل الحرب الوحشية ، غزاة الحضارة ، و لصوص الحاضر و حواضر أمتنا العربية ، أما آن وقت الخروج من بيادر القمح و صحراء الجامعة العربية ، خذوا حقدكم و قطع الليل و انصرفوا ، اخرجوا من سماء العواصم الأبدية ، حيفا ، اللد ، الرملة ، و الناصرة قلب المسيح تلفظ صهينة القانون الفاشي ، تهتف باسم الحرية ، و تقابلها صفد ، أحكمت الأغلال في وجه المغول ، إربا تقطع أوصال الحملات الغربية ، النصر بات قريبا ترفرف شهبه فوق أسوار المنشية ، و تغني القدس العربية ، فالشبل يرفع شارات النصر عبر أزقتها الوردية ، فما عادت تنفع كل الحروب التقليدية ، فرباط الثائر في عسقلان دحض الفرية الغربية ، و جعل حشود الوحش البري أشلاء ، فيا خير من صدح باسم الكوفية الحرة من صنعاء إلى حضر موت ، و لا يخشى إلا الذئب على الغنم العطشى في الصحراء ، واسعة الاستجداء ، و تلملم بقايا سلامٍ ، لم يولد حيا ، يا أهل السلم ، مر مذاقه ، نتجرع منه شواظ الأيام و عسر الحال ، نعيش الإبادة و محرقة العصر ، يا نار كوني بردا و سلاما على الإنسانية ،


نحن مشكلتنا لا نخوض حروبا يا وطني ، نحن ضحية وجلاد في آن واحد ، لا نعرف ما نريد ….. بل ليس لدينا ما يقوي صمودنا ….. نحن صنيع مؤامرات خبيثة ، و لازالت مستمرة ، و تنشر داءها في أوساط من يرونها طوق نجاة لمصالحهم …… نحن نواجه ذاتنا ، و نجلد صبر عقولنا المتقدة ، و ننزع فتيل الوحدة بين الإخوة ، و نكرس العداء ، و نقوي جذوره ، بل نشعل كل الجمرات تحت مواقده ، موقفنا مهترئ و ضعيف ، لم نملك ما نقتات به ، لا نستطيع أن نحسم حرب السياسة و حتى لا نقدر أن ندير حرب العسكر ، آه … من شر قد اقترب ، يا أمة العرب ، أكلتنا حروف الكتب الرسمية و لاكت لحمنا مجنزرات دعاة الحضارة و الإنسانية ، الويل لهم ، إذ يقيمون ديمقراطيتهم على هدم البيوت و تهجير أصحابها و قتل الأبرياء و نصب كمائن الموت بين مفاصل التاريخ ، و ما يرافق ذلك من قلع الأشجار و قلب أسماء القرى و تهميش الطرق الزراعية ، و تحطيم الصخور الأثرية لكي لا تبقى شاهدة على جرائم الصهيونية ، و التغول اللإنساني لعصابة الحرب الأممية ، يا نار مهلا ، كوني أكثر إنسانية من أهل الإنسانية ، فهم تجردوا من ثياب البشرية و لبسوا دروع القسوة و انحازوا لشريعة الغاب الهمجية ، يا نار مهلا علنا نقتبس من نورك معنىً للحرية و نتعشق فيك شعاع الشمس الأزلية ، و نملأ جراح غزة ملحا و صبرا ، فصبرنا دواء ، و بكاؤنا رحمة و سكينة ، و رحيلنا حياة ، أحياء يرزقون و هم تدار عليهم سياط الميركفا ، و تعجن أحشاءهم مع تراب الأرض الحورية ، بلا ماء ، بل صار الدم ماء ثجاجا ، فيعطي الأرض رائحة المسك ، هم الشهداء ، و الأحياء ، لم يبق في غزة طفولة و لا رحمة و لا صبر و لا عجائز و لا نساء و لا رجال و لا هواء و لا رمال ، و لا كتّاب ، ليوثقوا جرائم الوحش الصهيوني، حرقوا الأوراق، ليخفوا نازيتهم ، لا يدرون أن الفلسطيني يكتب قصصه على شواطئ البحر ، و بين نتوءات الرمال ، يتخذ من أجساد الشهداء تماثيل ، لتكشف ما وصل إليه الغول النازي من مجازر و همجية و لا إنسانية ، بل جعل الفلسطيني دماء الشهداء مدادا ليرسخ معاناته و يرسم طريق النصر ، انقطعت سبل العيش بكل بساطته ، لا هواء و لا ماء و لا نوم إذ لا أغطية و لا أفرشة و إن و جدت فلا مكان آمن لفرشها فالأرض غير مهيأة للنوم عليها ، تجتاحها الآلة الصهيونية و تمطرها طائرات العدو بالصواريخ على مدار الساعة ، فلا راحة للأبرياء و لا سكون ، لا ليل لهم و لا نهار ، تحولت معيشتهم إلى حروب مسعورة ، تقودها أمريكا التي لا تعرف الرحمة و لا السكينة ، و لا تملك أدنى مقومات الإنسانية ، و ترفض كل القوانين الدولية و ترى نفسها خارج إطار هيئات الأمم ، فتغذي ابنها إسرائيل بأعتى الأسلحة المتقدمة و المتطورة ، و ترسل الجنود و النخب العسكرية و البعثات السياسية لتمد يدها في الشرق الأوسط بكل مقومات الدفاع و الهجوم ، و تحشد معها دول الشر الغربية لشن الحرب على غزة و شعبها الأعزل ، الذي لا يملك سوى صبره و إرادته و إيمانه العميق بحتمية الهزيمة للعدو ، و النصر لفلسطين و أطفالها و نسائها و رجالها و لحجارتها و ابنيتها التي سقطت و تهدمت أركانها بفعل الغارات الصهيونية الوحشية ، لا يملك هذا الشعب سوى قناعته المترسخة بعودة الحق لأصحابه مهما تغطرس الاحتلال و شد من أزره شياطين الغرب ، أصحاب الاستعمار و مؤسسي الإرهاب في العالم بشتى أسمائه ، و بمختلف طرقه التي يدخل من خلالها إلى الوطن العربي بل إلى العالم أجمع ، أو مهما تواطأت أنظمة العالم من نصرة غزة و فلسطين و من تبعها من أعوان و أذناب ممن هم يعيشون بلسان عربي سواء داخل الوطن العربي أو خارجه ،


ما تعيشه غزة من حياة يومية بكل جزيئاتتها و في أدق تفاصيلها مأساة تعجز الكلمات عن وصفها ، و لا تستطيع العين رؤية الظلم الواقع على تلك البقعة الجغرافية الطاهرة ، فقد فاقت جرائم الاحتلال كل التصورات و غلبت كل حروف اللغات ، فهي لا تعرف سوى لغة القتل و الدماء و الدمار و إلقاء القنابل الفسفورية على الأطفال ، و تتعمد حرق الأرض و السماء و تغيير رائحة الهواء ، فتلوثه بغبار دباباتها ، و بصوت مجنزراتها ، نساء بلا مأوى يفتقدن سنن حياتهن الخاصة ، يموت الأطفال و الأبناء امامهن ، نزع الاحتلال الرحمة من قلوبهن ، فكنّ شديدات البأس ، يودعن الشهداء بلا دموع و بلا نظرات ، قوافل الشهداء تمر بلا مراسم وطنية ، يدفنون في مفابر جماعية ، يغطيهم التراب الفلسطيني فهو أحنّ عليهم من الإنسانية الشعواء التي تملكها أنظمة عالم العار و الذل و دعاة الحرية .
في غزة امتلأت الشوارع بأشلاء الأطفال و النساء و كبار السن حتى الحيوانات لم تسلم من صهيونيتهم ، فأطلقوا عليها النار ، واختلطت أشلاؤها مع رماد المنازل ، فكلهم أبرياء ، هذا هو مخزون العدو أن يدمر قدر استطاعته و بوقت قصير ، ليشبع رغبته الدموية ، و يبرر لنفسه إدامة الحرب ، و يظهر بوجه المنتصر أمام الشعب الصهيوني ، و يطيل أمد تلك الحكومة النازية التي لم تتكامل بنيتها الداخلية منذ اللحظة لولادتها ، بل جاءت مبتورة العقل و منهكة الجوارح و ضعيفة التركيبة السياسية ، لذا فهي غير قادرة على مواصلة برامجها ، فتريد أن تصدر أزمتها إلى المجازر بحق الشعب الفلسطيني و تدنيس هويته الوطنية ،


أمام تلك الهمجية و الهجمة المسعورة التي تقودها أمريكا رأس الشر و من معها من دول الظلم تجاه فلسطين و ما فيها من بشر و شجر و أرض و سماء و هواء و كائنات حية و غير حية و مبان قديمة و حديثة البناء و أزقة تاريخية و شوارع و حارات و مدارس و جامعات و مساجد فيها يذكر اسم الله ، فأرادت الصهيونية أن تمزق الجسد الفلسطيني و تطمس كل جذوره التاريخية ، و ترحله من البقعة الجغرافية التي يمتد عمرها إلى آلاف السنين و في الوقت ذاته اندمجت عناصرها الطبيعية مع العنصر البشري و تأقلم هو بدوره مع كل مراحلها التاريخية ، و رسخ انتماءه عبر حدود خريطتها الوطنية و العربية و الإسلامية ،


في غزة لم تعد الطبيعة تحتمل مظاهر العدوان البربري إضافة إلى عدم احتمالها الخنوع العربي ، فقد تنكر لها العرب و العجم ، و تركوها حيرى من وهل الكارثة التي حلت بها ، فانتصبت قامتها هي لتدافع عن الكرامة العربية و القيم الإنسانية التي تدعيها دول الشر العالمية ، فواجهت بطش الاستعمار و حيدة ، و قاومت ، ودافعت ، و بذلت المحاولة وراء الأخرى لرفع الهزيمة من بين أكتاف الدول الإسلامية و العربية و لتعري زيف القانون الدولي الذي لا يعمل إلا بما يحقق مصالح الاستعمار عن طريق ربيبته إسرائيل ، عصابة العصر و مركز الشر ، فهل ستكون هذا الحرب محاولة ضمن مسلسل سابق من المحاولات أم أنها النهاية الحتمية لشرذمة الاحتلال الصهيوني ؟ أ من المعقول أن تكون هذا المجازر الفصل الأخير بين شعب يريد الاستقلال و بين عصابة تريد الهيمنة على أرض ليس من حقها ؟ أ يمكن أن يكون هذا التهجير و الدمار الخطوة الصحيحة نحو الخيار المناسب للشعب الفلسطيني؟ أسئلة جمة و استفسارات كثيرة تحتاج إلى الحلول المناسبة ستكشف عنها بطون الأيام القادمة و من يقود المقاومة في فلسطين المحتلة ، لن يكون – حسبما نراه في مجريات الحرب – لساسة الاحتلال و زمرته العسكرية دور في رسم الخريطة القادمة ، بل ستكون الغلبة لإرادة الشعب الفلسطيني و من يمثل نبضه في مقارعة العدوان بكل أشكاله و بمختلف أنواعه ، و لكن عليها أن تلتزم بما يريده الشعب لتكون النتائج بقدر التضحيات ، و ألا تنجر المقاومة و محركوها وراء سراب السياسة فوقتئذ سنخسر الأمل الذي انبعث من تحت رماد شعورنا و وجداننا و أشعل في الضمائر شعل النضال و الكفاح ، و أزال من العقول الوهم المزعوم الذي أطلقوا عليه السلام و بنت إسرائيل على ضفافه دولتها الدخيلة الطارئة و أقامت حدودها بين جسد أمتنا العربية ، لتبقى تنهشه بما يحقق مصالحها و مزاعمها ،


فلسطين اليوم أعادت لنفسها مكانتها بين الأمم و رسمت خريطتها الجغرافية متكامة الحدود ، هذه الحرب ستفرض وضعا في منطقة الشرق الأوسط ، و سنكون ملامح المرحلة القادمة بأيد فلسطينية وطنية تدرك حجم المعاناة التي لحقت بالشعب الفلسطيني على مدار عقود ، و إن لم يكن ذلك فهذا يعني ضياع آخر سيقع فيه الشعب الفلسطيني لا أحد يعرف مدى تيهه بعد ،

شاهد أيضاً

الاحتلال يمهل 22 عائلة بإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في صور باهر جنوب القدس

الاحتلال يمهل 22 عائلة بإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في صور باهر جنوب القدس

شفا – أمهلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، 22 عائلة حتى السابع من تموز يوليو …