1:54 مساءً / 28 مارس، 2024
آخر الاخبار

تونس.. الهرولة نحو المواقع ، بقلم : عبدالجليل معالي

تونس.. الهرولة نحو المواقع ، بقلم : عبدالجليل معالي

فكرة التعديل الوزاري التي تتصدر النقاشات السياسية في تونس منذ أسابيع، ليست حدثاً سياسياً، بالمعنى الزمني أو الإجرائي، بل هي تعبير دقيق عن مناخ مأزوم يسود البلاد منذ سنوات.

المثير، أن الدعوة إلى إجراء تحوير حكومي بدأت منذ إعلان هشام المشيشي عن تركيبة حكومته، وفي ذلك انحراف بالعمل السياسي عن مقاصده وأهدافه، وتأكيد أن الدَّاعين إلى التعديل لا يتقصدون حلولاً ناجعة لأزمة مستمرة، بل يبتغون تحقيق مصالح حزبية.

عادت الفكرة للرواج أخيراً، وتزامنت عودتها مع حدثين مهمين، الأول: هو ارتفاع نسق الاستعداد لتنظيم الحوار الوطني، الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، وتحمّس له الرئيس قيس سعيّد، وفي المطالبة بالتعديل في هذا التوقيت، محاولة لإخراج مسألة تقييم الحكومة وبحث مستقبلها من مداولات الحوار الوطني.

أما الحدث الثاني: فهو عودة الحديث بقوة عن سحب الثقة من راشد الغنوشي رئيس البرلمان، وبذلك تصبح الدعوة إلى تعديل وزاري، تشويشاً على مساعي بعض الأحزاب لسحب الثقة من الغنوشي.

لهذا، يمكن القول: إن التعديل الوزاري ليس بغاية «رفع كفاءة الحكومة وتحسين الأداء»، كما برر الغنوشي، ولا بغاية سد الشغور في بعض الوزارات، إنما الحقيقة أن التعديل الوزاري، يهدف إلى تغيير هوية الحكومة من حكومة كفاءات إلى حكومة متحزبة، وإلى تقليص دور الرئيس قيس سعيّد في المشهد السياسي. وفي الخلفيات العميقة لفكرة التعديل، هرولة وراء التموقع، وتأكيد للمحاصصة الحزبية.

والثابتُ أن إجراء تغيير وزاري بعد أشهر قليلة من تولي حكومة هشام المشيشي، هو دليل مضاف إلى فشل الحكومة والائتلاف الحاكم، لافتقارهما منذ البداية لبرامج واضحة تكفل الخروج من الأزمة المستمرة منذ سنوات.

مسألة التعديل الوزاري تمثل معركة صغيرة في الحرب التي تعلنها النهضة على سعيّد، ولا يضيرها أن تُستعمل فيها كل الوسائل دون إعارة اهتمام لكلفتها أو مآلاتها. وبذلك يكون التعديل الوزاري ـ إن حصل ـ مجرد تغيير للأسماء، دون برنامج عمل واضح، فضلاً عن الهدف المضمر، وهو إفراغ الحوار الوطني من محتواه العميق، الذي طرحته وثيقة الاتحاد، التي قرأتها النهضة على أنها تهديد لوجودها السياسي.

دأبت النهضة على التفكير خارج مربع أزمات البلاد، لكنها في الفترة الأخيرة، أكدت أنها لا تتورع عن استعمال كل الأسلحة في حربها على خصومها، الذين أيقنوا أنها لا تأبه لغير التمكين.

شاهد أيضاً

استشهاد الصحفي محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحتلال في مدينة غزة

شفا – استشهد الصحفي الفلسطيني في إذاعة صوت القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحتلال …