4:15 مساءً / 13 ديسمبر، 2024
آخر الاخبار

معهد دولي: الإمارات تقود تحولا استراتيجيا لمستقبل يبدأ من الشرق الأوسط

شفا – سلط معهد دولي الضوء على تحول استراتيجي تقوده الإمارات يعزز حضور القوة الناعمة باعتماد رسالة الأمل ما جعلها تحمل مشعل الريادة.

وأولى المقال أهمية خاصة لمبادرتي ائتلاف الأمل ومسبار الأمل الإماراتيتين، معتبرا أنهما أظهرتا تحولا واسعا من التركيز على القوة الصلبة إلى الأمن الإنساني ودمج التقنيات الجديدة.

نشر موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن مقالا للكاتبة إيما سوبريه، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط، قالت فيه: إن جائحة فيروس كورونا تسببت في شعور عالمي باليأس، ما دفع الخبراء للتحذير من “الهزات الارتدادية” على الصحة العقلية، وشجع صناع السياسة ووسائل الإعلام، على حد سواء، لمحاولة نشر رسائل الأمل، خاصة في دول الخليج.

في دولة الإمارات، لم يترجم هذا إلى برامج لمساعدة السكان على التغلب على التحديات العقلية وفقط، بل تُرجم أيضا إلى رسالة عامة للأمل موجهة إلى العالم. وتبدو هذه الفكرة المتكررة جلية في جهدين رئيسيين أطلقتهما الإمارات؛ الأول هو ائتلاف الأمل، والثاني مسبار الأمل، ولكلتا المبادرتين بعد محلي (التنمية والتنويع)، وآخر خارجي (تعزيز الحضور على الساحة الدولية).

وكانت الإمارات قد أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي “ائتلاف الأمل” دعماً للجهود العالمية في توزيع لقاحات فيروس كورونا لجميع أنحاء العالم، وذلك بالتزامن مع الارتفاع المتوقع في الطلب على الخدمات اللوجستية المخصصة لنقل اللقاحات.

كما أطلقت الإمارات مشروع مسبار الأمل إلى المريخ في مهمة طموحة تهدف إلى تقديم أول صورة متكاملة للغلاف الجوي لهذا الكوكب، في مهمة تستمر لمدة سنة مريخية.

وبوصول “مسبار الأمل” بنجاح إلى مدار المريخ فبراير/شباط الماضي، أصبحت الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، ضمن مشروعها العلمي النوعي لاستكشاف الكوكب الأحمر.

وإلى جانب الرابط المشترك المتمثل في توجيه رسالة إيجابية، تؤكد هاتان المبادرتان التحول من التركيز على القوة الصلبة طوال العقد الماضي إلى إعطاء اعتبار أكبر للأمن الإنساني ودمج التقنيات الجديدة. كما تسلطان الضوء على الشراكات متعددة الأقطاب، التي شكلت استراتيجية البلاد منذ حقبة التسعينيات.

ولفت المقال إلى أن رسالة الإمارات للعالم هي: هناك أمل، ستحمل الإمارات مشعل الريادة في إيجاد الحل، وأن المستقبل سيبدأ من الشرق الأوسط.

وحظي كل من ائتلاف الأمل ومسبار الأمل في الإمارات بتغطية إعلامية هائلة، وهو ما يعكس بعض أولويات الدولة في الوقت الراهن، والمتمثلة في الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وتسعى أبوظبي من خلال مشروع الأمل، للتحول إلى “بوابة العالم في العملية اللوجستية الضخمة لنقل للقاحات”. كما أرسلت المركبة الفضائية مسبار الأمل في مهمة إلى المريخ، حيث وصلت في 9 فبراير/شباط الماضي، وتأمل الإمارات، عبر هذا المشروع، أن تصبح رائدةً عالميةً في استكشاف المريخ، وفي السباق الدولي الواسع لاستكشاف الفضاء السحيق.

وبحسب الكاتبة، يجسد ائتلاف الأمل ومسبار الأمل جهود الإمارات في التحول إلى مركز للتكنولوجيا كوسيلة للتنمية الاقتصادية والتنويع الاقتصادي.

وأشارت إلى أنه من خلال ائتلاف الأمل، أعلن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، عن انطلاق أول خط إنتاج للقاح فيروس كورونا في الإمارات في 28 مارس/آذار، بالإضافة إلى ذلك، قام محمد جمعة الشامسي، الرئيس التنفيذي لموانئ أبوظبي، بتسليط الضوء على “الحل اللوجستي الكامل” (بما في ذلك تقنية قاعدة البيانات المستخدمة في تخزين وتوريد اللقاحات الحساسة لدرجة الحرارة)؛ لضمان نقل اللقاحات في أفضل حال.

وتهدف الإمارات إلى توفير اللقاحات لثلثي سكان العالم المحتاجين لها. لكنها حققت بالفعل إنجازا تقنيا رائدا في تصنيع وتوزيع أدوات اختبار فيروس كورونا. وبالمثل، يوضح مسبار الأمل الإنجازات التي حققتها الإمارات في تطوير “قطاع العلوم والتكنولوجيا المتقدمة”.

لهذين المسعييْن الرئيسيين نتائج مهمة على صعيد العلاقات الدولية لدولة الإمارات. فبعد عقد من النفوذ في المنطقة وخارجها، والذي تميز على الأغلب بالتركيز على إظهار القوة الصلبة، يبدو أن الإمارات قد تحولت إلى استراتيجية أقل اعتماد على القوة العسكرية. وهذا ينبثق على الأرجح من الوعي بوجود حاجة لإعادة ترتيب أولويات التهديدات (إيلاء مزيد من الاهتمام لتحديات الأمن الإنساني) والمبادرات لمواجهتها. يأتي إلى جانب ذلك إدراك قيادة الإمارات حجم الإمكانات الهائلة لكونها ضمن طليعة رواد العلوم والتكنولوجيا على الصعيد العالمي.

وفي هذا السياق، يسلط شركاء الإمارات في كلا المشروعين الضوء على علاقاتها الدولية متعددة الأقطاب وتحول بوصلة الخليج بصورة أوسع نحو آسيا. وقد جسّد ائتلاف الأمل ودبلوماسية الفيروس الشاملة ترسيخ الإمارات ما أطلق عليه الشيخ عبدالله بن زايد “العلاقات التاريخية والمتميزة” بين الإمارات والصين والاحتفاء بها، والتي ارتقت إلى مستوى “شراكة استراتيجية من أجل الإنسانية”.

ومع نجاح إطلاق مسبار الأمل من مركز تانيجاشيما الياباني للفضاء في يوليو/تموز 2020 على متن صاروخ ياباني، أشاد وزير الخارجية الياباني توشيميتسو موتيجي بنجاح العملية باعتبارها انعكاسا للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. كما اعتمدت دبلوماسية الإمارات في مجال الفضاء كذلك على علاقاتها القوية مع كوريا الجنوبية، التي أسهمت في تطوير أول الأقمار الصناعية الإماراتية، بما فيها “خليفة سات، المحلي الصنع، الذي تم إطلاقه عام 2018”.

إضافة إلى توجهها نحو الشرق، اعتمدت مهمة المريخ لدولة الإمارات، بشكل كبير، على المؤسسات التعليمية الأمريكية (جامعة كولورادو وجامعة كاليفورنيا بيركلي، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة شمال أريزونا)، والتي قدمت مشاركة جوهرية في الخبرات والمعرفة التقنية.

وانطلاقا من رغبتها في التركيز على تنويع محفظتها الاستثمارية وتوسيع نطاقها، تحاول الإمارات النأي بنفسها عن المنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين. والإنجاز المتمثل في وصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ قبل البعثات الصينية والأمريكية يشير إلى طموح الإمارات في الاضطلاع بدوري ريادي على مستوى العالم. علاوة على ذلك، كان نهج التحوط أو التحفظ الاستراتيجي للإمارات في علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة واضحا أيضا في دبلوماسية اللقاح.

ولفت المقال إلى اعتماد الإمارات لقاحات طورتها شركة أسترازينيكا الأوروبية وشركة فايزر الأمريكية وشركة سينوفارم الصينية، كما أنها منحت ترخيصا طارئا للقاح سبوتنيك الروسي، ولا يزال التعاون بين الإمارات والصين في هذا المجال متقدمًا جدًّا. فعلى سبيل المثال، عملت شركة سينوفارم ومجموعة 42 (G-42)، وهي شركة الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، على توحيد جهودهما لإطلاق اللقاح الذي أعيدت تسميته بـ حياة-فاكس، وإنتاج ملايين الجرعات لإرسالها إلى الدول النامية.

وفي ظل هذا التوازن لإثبات نفسها كلاعب مستقل في خضم إعادة تشكيل الديناميكيات الدولية، كانت السمة المثيرة للاهتمام لدبلوماسية الإمارات هي اعتمادها على الشراكات التي أقامتها مع الجهات الفاعلة الخاصة. ويتضح هذا بشكل خاص في دبلوماسية الفيروس التي اتبعتها.

ومنذ عام 2011، دخلت الإمارات في شراكة مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس من أجل “دعم توزيع اللقاحات في المناطق التي هي في أمسّ الحاجة إليها”، والمساعدة في استئصال أمراض مثل شلل الأطفال والملاريا في جميع أنحاء العالم.

وتستفيد الإمارات من التعددية القطبية المتزايدة في العالم، ومن الخصخصة الجيوسياسية المتزايدة لترسيخ دورها المتنامي على الساحة الدولية، ويبقى أن نرى ما سينجم عن ذلك على صعيد العلاقات الثنائية لدولة الإمارات.

شاهد أيضاً

ترامب : هناك بدائل لحل الدولتين لتحقيق السلام الدائم

ترامب : هناك بدائل لحل الدولتين لتحقيق السلام الدائم

شفا – يعتقد الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن حل الصراع في المنطقة أسهل بكثير من …