10:56 صباحًا / 24 أبريل، 2024
آخر الاخبار

(جينوم)..مبادرة فردية نحو مجتمع علمي فلسطيني

شفا  – جنين – رنا خموس ، وجوه صغيرة صنعت من أفكارها ومبادرتها اليانعة “علماء أطفال” خلقوا من محيطهم المتواضع ناديا ينتهلون منه العلم والمعرفة، فمع فكرة انطلقت بجهود أستاذ مادة العلوم مهند خلوف من مدينة جنين شمال الضفة الغربية إلى انجاز تربوي وعلمي يشار له بالبنان على المستوى المعرفي الذي وصل اليه منتسبوه، استطاع خلوف زرع نواة نادي “جينوم للعلماء الناشئين” وخلق بنية تحتية للعلوم. فلطالما اقترن الإبداع بفكرة، وولدت الإرادة انجاز استحق منا الوقوف عليه والاطلاع عن كثب على الخطوات التي قادت مؤسسيه إلى تحقيقه، “إنسان اون لاين” التقت بخلوف وكان هذا الحوار معه.

كيف كانت بدايتكم، ومن أين ولدت فكرة إنشاء نادي جينوم للعلماء الناشئين؟
البداية كانت مع مجموعة صغيرة من الطلاب بمدرسة هشام الكيلاني بقرية كفيرت قضاء جنين حيث كنت اعمل مدرسا لمادة العلوم، وأردت الخروج عن المألوف والشكل التقليدي بتدريس مادة العلوم للطلبة، وحاولت تبسيط المعلومات لهم على أساس التطبيق العملي، وعرضت على الطلبة إنشاء دورة علمية من خلال ساعات مدرسية إضافية، وفتحنا باب المشاركة للجميع.

كنت أرى الحماس في عيون الطلبة، وكنت اشعر بهم وبشغفهم لتلقي المزيد من المعرفة العلمية، خاصة أنني كنت طالباً مثلهم ولم نكن نعرف العلوم سوى من خلال الكتاب المقرر، وخلال سنوات دراستنا لم نعرف معنى المختبر أو استخدام المجهر، لهذا قررت ألا يخوض طلبتي ما مررت به وأنا طالب، لذا قررت وبمساعدتهم تغيير الواقع الدراسي الذي يعتمد على التلقين.

  كيف تطور النادي حتى أصبح مقصدا للطلبة؟ وما هو الهدف الرئيسي الذي يقوم به؟

هدفنا منذ البداية بأن يصبح الطالب من متلق للمعلومة إلى مرسل لها، ونخلق بنفسه الرغبة والشوق للمعرفة والتعليم وتثقيف مجتمعه بها، فمن سبعة طلبة بمدرسة واحدة، النادي يضم اليوم 400 طالب وطالبة من مختلف القرى والمدارس، وقمنا بافتتاح مقر بالمدينة نفسها لاستيعاب أعداد المنتسبين له، ونعمل حاليا على مساعدة قرى أخرى بالمحافظة لافتتاح نوادي شبيهة بـ”جينوم”، بالإضافة إلى وجود المئات المنضمين لنا على صفحة “الفيسبوك” ويعيشون تجربتنا أولا بأول ويتلقون المادة العلمية التي نقوم بعرضها من خلال شبكة التواصل الاجتماعي.

و”جينوم” مرتبطة بالجينات البشرية وهو مشروع عالمي لمعرفة الكرومسوم البشري، واستنبطنا اسم النادي من هذا المشروع الذي يهدف إلى خلق حركة علمية أو مجتمع علمي متوارث. ويهدف “جينوم” إلى ربط العلوم بأرض الواقع ونقل تجربتهم التنموية إلى مجتمعهم وبيئتهم المحيطة بهم.

  ما المواضيع التي يتطرق لها النادي؟
كل ما له علاقة بالعلوم والعلم نفتح لطلبتنا المجال أمامه للاطلاع عليه ضمن الإمكانيات المتاحة لنا، حتى نوسع لهم آفاق معرفتهم وإدراكهم، وشعار “جينوم” من البداية يعبر عن الفيزياء والكيمياء والأحياء.

ومن بين المواضيع المميزة التي نقوم بتغطيتها: الخيال العلمي، والتعلم الالكتروني، ومهارات استخدام الحاسوب خاصة إننا مشتركون ضمن مشروع “نت كتابي” حيث يقوم الطلبة بجلب أجهزتهم الحاسوب وتطبيق ما تعلموه الكترونيا، وعلم التشريح والتحنيط للكائنات الحية، ومهارة استخدام المجهر المركب وعمل شرائح، ونتطرق بشكل مباشر إلى مواضيع البيئة ونقوم بتنظيم رحلات للطبيعة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك دورات خاصة للطلبة الذين يعانون من صعوبات بالتعلم والقراءة والكتابة، ونحاول
قدر الإمكان تحسين قدراتهم الاستيعابية ومهاراتهم من اجل تحسين مستوى تحصيلهم العلمي، وتعليمهم مهارة القيادة والمسؤولية حتى بات عدد من الطلبة أنفسهم محاضرون لغيرهم.

كما تطرقنا بنادي “جينوم” للسينما العلمية، وكانت لهم زيارات لمشاهدة أفلام وثائقية علمية وخيال علمي،

وقمنا بانجاز فيلم علمي تطبيقي من قبل الطلبة ووزعناه على المهتمين وطلب أكثر من 300 نسخة للمعلمين في مختلف مدارس الضفة.

ما الانجازات التي حققتها بالنادي، وكيف تصفها؟
اشعر بفخر كبير عندما أرى أعداد الطلبة المنضمين للنادي العلمي بتزايد مستمر، واشعر برضا اكبر عندما أرى تعاون الطلبة وحماسهم على الاستمرار به كل عام يزيد عن سابقه، وبوجود تعاون المجتمع المدني من حولنا والأهالي الذين لكم جزيل الشكر على تعاونهم وتبرعاتهم من اجل المضي قدما بالتعلم والاستفادة.

واهم انجاز للنادي هو تحسين مستوى التعليم للطلبة وربط العلم بالواقع وهو أفضل شيء سعينا من اجله، بالإضافة إلى إثراء عقول الطلبة بمفاهيم علمية جديدة كانت غريبة عنهم، وهو ما يساهم بشكل كبير على تفتح إدراكهم العلمي والإبداعي ويحثهم على تحقيق أحلامهم.

والأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه، هو قدرة الطلبة على ربط العلم بالمجتمع المحيط بهم، وقدرتهم الكبيرة على العطاء وانتمائهم للنادي ومتابعتهم المستمرة بكل جديد حتى أنهم باتوا من مؤسسيه ويقومون كل عام بتحسينه وتطويره بإضافة كل جديد.
· بصمات كبيرة خلفتها في نفوس الطلبة، فما الذي طبعته من اثر على المجتمع المحيط بك؟ وكيف تقيم تجربتك الفريدة؟

استطعنا خلق جو علمي مميز بالمجتمع وأصبح لدى الطلبة قدرة للتأثير على مجتمعه المحيط به وتغيير مفاهيم علمية وبيئية عديدة منها التلوث وكيفية المحافظة على الطبيعة، ويكفي اننا خلقنا جو يتيح للجميع النقاش والحوار في مواضيع علمية جديدة، وكسرنا حاجز الصعوبات بين الأسرة والأبناء خاصة فيما يتعلق بقضايا التعليم، وصنعنا ما يمكن اعتباره أكاديمية علمية مصغرة وهي لبنة مهمة في بناء وتطوير المجتمع.
كانت التجربة مثمرة، خاصة انك تحصد ما زرعته أمام عينيك، والاستثمار بعقول الأطفال هو استثمار ناجع ومجني، خاصة بالعلم، فالعلم لا يندثر بل يتوارث.

وتجربتي كانت ممتعة بقدر ما كانت متعبة ولكن عندما أرى الطلبة متشوقين ومتعطشين للعلم يتولد لدي شعور بالعطاء اكبر، ومن خلالهم تعلمت الصبر والمثابرة والعطاء أيضا رغم قلة الدعم المادي والمعنوي الرسمي إلا أنهم كانوا يمنحوني دائما الأمل والعمل.

وأسجل عتبي على وزارة التربية والتعليم التي لم تمنح النادي أي شيء من دعمها المادي والمعنوي حتى للطلبة الذين لديهم قدرات كبيرة ومتميزين بعملهم، كنا نعتمد في عملنا من خلال تبرعات الأهالي وبمساعدة بعض المؤسسات المدنية كمركز التنمية المستدامة وسينما جنين.

نادي جينوم من حُلم الطفولة إلى علماء الغد

بقلم الصحفيّة / إباء أبو طه

ما أجمل تلك اللحظات التي تتحقق فيها أحلام الصغار، خاصّة حينما تلك الأحلام تعتاش على فتات أفكارهم وعقولهم ، وتبدأ تكبر مع الطفل، فيتفوّق ويغدو مبدعاً ويصبح ذاك ” الآينشتاين الصغير ” عالماً إن تهيئت له الظروف.

لقد كانت هذه الخطوة السّباقة ذات الأعوام الخمسة والتي قام بها المعلّم المجتهد “مهنّد عماد خلوف ” من مدينة جنين، بمثابة السبيل الضروري لربط منهاج العلوم العامّة في أرض الواقع التطبيقي، فتمثلت تلك الخطوة بصياغة تجمّع يجمع بين طيّاته أطفالاً فلسطينيين مبدعين تتوجت بـِ ” نادي جينوم للعلماء الناشئين ” والتي بدأت فكرته مع مجموعة مميزة من طلاب المرحلة الأساسية في محافظة جنين، حيث شاركوا بأوقاتهم وعقولهم مدربهم ومعلمهم، فبدأت الحكاية تكبر شيئاً فشيئاً من تجارب في مختبرات المدارس وتعليم الطلبة حل مشكلاتهم وتنمية مواهبهم، إلى توليد شعور الانتماء للمدرسة والوطن.

نادي جينوم وفكرة الحياة

حول تسمية نادي جينوم بهذا الإسم أشار مؤسس نادي جنيوم الأستاذ مهنّد خلوف، إن الإسم جاء ليعبر عن وحدة الأجيال المتعاقبة والمترابطة بحب الوطن والقيم الايجابية، ف “جينوم” تعني الجينات والجينات هي الموروث سواء المادي أو العقائدي، وترمز أيضاً للحياة التي نعيش بها ونسعى لبنائها بما نحمله من موروثات أصيلة.

وفيما يتعلّق بكلمة العلماء الناشئين أو المخترعين الصغار قال الأستاذ مهنّد خلوف : ”  إن الشجرة التي نحبّ أن نقطف ثمارها يجب علينا أن نرعاها، وكذلك أطفالنا التي ننتظر أن يصبحوا روّاد الغد وصانعي المستقبل، يجب علينا أن نرعاهم ونغذي عقولهم ونحفزها بما نملك من خبرات حتى تصبح مهيئة بمرور السنوات الدراسية اللاّحقة قادرة على الإنجاز وتقديم الاختراعات التي تفيد أمتنا التي تنتظرهم كما تنتظر الأم الحامل جنينها.

انجازات جينوم

كان نادي جينوم يستغل أواق الفراغ مثل: الفترة الصباحية أو بعد الدوام أو الإضرابات، حيث كان يتمّ استغلالها في تدريبات في تشريح وتحنيط الكائنات الحية، وسلسلة مكثّفة من دورات خاصة وهي :  تعليم القراءة والكتابة للطلاب دون المستوى، وتعليم مهارة استخدام المجهر المركب وعمل شرائح، ودورات خاصّة في القضايا العلمية باللغة الإنكليزيّة، وفي التعلًّم الإلكتروني، عدا عن ورشات العمل المميزة حول استخدام الحاسوب وجهاز النت كتابي، وزيارات علمية، بالإضافة إلى التعاون مع المدارس والمؤسسات المجتمعية والعلمية وزيارتها بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم – جنين.

التمويل كعائق

يعتبر التمويل عائقاً أمام حلم العلماء الناشئين، ويتجلّى ذلك بعدم توفر إمكانيات مساعِدة أوتمويل يدعم المشاريع والدورات، فالعمل والهم الجماعي جعل الطلبة يخطون تجاه التبرع بمالصروف الشخصي، بالإضافة إلى تبرعات الأهالي؛ وفي نهاية المطاف تبقى جهود الأستاذ مهنّد خلوف صرحاً شامخاً يحمي جينوم من أن يلفظ أنفاسه الأخيرة .

إن واقع التعليم الذي نعيشه في فلسطين يتطلب منا خلق نوع من التحدي للمحافظة على استمرارية عمل جينوم فبذلك تبقى احلام الطفولة واقعاً حياً في أرض علماء الغد .

شاهد أيضاً

الاحتلال يقرر إغلاق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين

الاحتلال يقرر إغلاق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين

شفا – قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اغلاق الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، امام الفلسطينيين ومنعهم …