9:28 مساءً / 19 أبريل، 2024
آخر الاخبار

طيفان … وأوهام بقلم : ليلى الدردوري

كان الموعد صحائف تود السلوى، وجلسة أدب تهدي القصائد الحلوة، وريشتان ناعمتا النجوى، تقصان أنباء النفس، تئنان تحت سوط النوى، تبعثان الشكوى…
ثم …تطايرت رقاع الأحرف النشوى، كالنجمين، كالألاعيب، كالبلى…وأحست والشاعر ما بين السطور رقة قصوى، وبراعم كالطفولة تدغدغ الأحلام السكرى، تخضب دمعا يعبق بولادة الشدى…
قالت : عمري يا شاعر كان سدى…لكني سأمضي…هذا طريقي، فشراعي حيران فوق عبابك…؟ وأنت ما اخترت إلا غيم غيوبك مغدى.
قال الشاعر: أين تمضين ؟ كيف تمضين ؟ ردي … وبقايا من رائعات حروف أمس ضارعات ببابك، لا تمكني قبضة اليأس من نجمك أنت شط الهناءات . وأقداح المنى.
قالت: ممكن أن نبقى بعد صديقين …
قال الشاعر: تفاءلي ، وامشطي ارتيابك ، أنا لا أحس السلام إلا في أعتابك، فأنت الصبح والمعبد ، والنشوة وربيع الأقمار، وشمس الليل وصحوة النهى.
قالت : أيها الشاعر، يا ابن النور، أنا وحدي من رأى فيك روعة المعبود وسحر الشجى ورقة الفجر، ولهفة الصفاء.
قال الشاعر: أنقديني من أسى الأسى، من ركودي، فقد أمسيت لا أستطيع حمل وجودي وظلمة السهى.
كانوا ثلة أوهام، هي والشاعر، وجفون الليل ، وكان وشاح جمال السحر ينقش في الفضاء ربعا لفوضى أشياء …فأخضر الصدى في الشفاه موعد حديث ندى، ورفت ألواح الأحرف … وأوراق الظنى، وهمس الفؤاد سرا يغازل لون المدى.
كابرت، ودارى الشاعر…كتما توسلت اشواق، وابتهلت لهفات ، وامتدت أكف في حمي السحر ضارعات ، أمواجا مدت لغرقى.
تلهفت ثنايا، وغفت، وخبل الشاعر … ثم فرت فجرا من لهيب النشوى العذرى . أحسها الشاعر وسأل:
* أتخافين عتمة الضياع ؟ أنا وأنت نهدي الهدى ونتلو للروح ملامح الغيب وأسرارا أخرى.
هف في هيكل الموت طيف زائر، يعاود، يراود، يراوغ … أتراه بهاء شروق يرسم للروح الجذباء تراتيل تجدف دما، ثم تسري في الخفوت رحالا إلى أرض البين غدا؟؟
* قالت راجفة : منديل أماني يا شاعر أنت، عذب كالماء الزلال…وهل يرضيك ربي ظمئي ، والماء أمامي عذب زلال…وهذا الهاتف الغيبي يغرد لرفات الروح العجفاء؟ فهل أهب لملأ الكأس ورشف المنى؟؟ وهذا البريق اللعين يسحق هامتي، أنصته الآن يلهث زاحفا خلفي، ومهجة الفؤاد مزقة ألم مضرج يدمي، ورشفة الوهم ملؤ اليد، وهذا السراب الكذاب قد يخدعنا… مهلا شاعر، هل هي ليلتي يسديها البرق؟ وخنجر الغدر؟ وخطى القدر…؟ ورخص الندم يمضغ الثقى؟ وهذا الخيال احتارت فيه عيني بين الأجفان يؤرقني بين فكري وأشجاني، يوزعني إربا بين أشواقي ونيراني.
وأنت يا شاعر سنونو على الهجر اعتدت، والنوى، ولسرداب الريح تشرع من الأزل شراع سفر، وهل أنا ببابك إلا معطف سقم…ومطر. فتعالى شاعر نشدو لقدس الوجود يراع المجهول قبل النوى؟ فالشعر وحي من أنجم في وكر حواء يفنى …فما قتل القوافي يا شاعر في زمني إلا مداح أو دجال، أو ذباح هوى…أما قلبي فدعه…ودعه شاعر …ذا المكسور، رجائي الأخير … لا تمني شظاياه الذكناء بنور.

قال الشاعر: لا تجزعي …مساء تولدين في المحيا  نسمة من جنون غيوم، وتلقين في ليل القصيد شذوا يخفق ملهما رجات الأسطر الحيرى …لكن باي حق تتحدين وتسألين النوى… ؟؟
قالت : لخير النوى … بت أرعى غيهب نجمي وأخشى عري ليل الهوى كسير أنفاس وجحود ليال منطفئات لا تشرق بشهب إحساس . أمهلني يا شاعر أناجيك على مهلي، فقد أراك في بوابة ليلى هذا الأشمط نجما يرقب وجه يقين أو أسطورة غمض في ذرى الجبين . فلا ترحل …وابق طويلا …طويلا إذا اخترت كنهاياتي الرحيل.
كان الليل قد رق يهفهف نبؤة قمر، ولجين الومض على السفح يعصر للفجر خمر أضلع انزوت لتطارد بقايا أنواء . نهضت والشاعر لا تعلم لخطو العمر وجهة …
تعلقت بأوصال طيفه ورجت:
* شاعر…يا ملاك، خذني إليك، منتهى السماء لك، براق الهمس الشاغف بامطاري لك، سحابي الغامر بحكايا اليمام، ريشتي الرهيفة، أسطري …عطوري، ونجم سهادي الجرير بالفجر الرقيب لك…
أناخ عنها الشاعر ثخوم عتمات، ثم غاب الطيفان في أنوار الدجى. كطائري شوق إلى لهث الغيم ارتحلا… وكقطع الضوء المظلم تبددا، فأحرقت نفسها نوارس كلمات. وذابت من مهج تحت وقع الماء سطور تبحر في متاهات.
ثم خفت كالوهم الأسود أنفاق رياح، وتهادى إلى المساء الشاعري ليل عناد . ولاح الطريق ممتدا في الأفق ينزف بوقع أقدام داميات . فاختفى كمليك الجن سحر أبراد . وولى ندى عشب طاويا أزاهير مناجاة . ولم يبق على الطاولة إلا طرائد أحلام، وأقداح جفت، وصروح من أمان، وأطياف أمنيات، وخطوط هائمة بألق أشواق، وبقايا من بقايا سلاف كلمات… لكن لم تكن إلا أوهاج …كلمات.

ليلى الدردوري

شاهد أيضاً

خبراء أمميون يحذرون من “إبادة تعليمية” في غزة

شفا – قال خبراء أمميون إن “الهجمات القاسية المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة” …