2:11 مساءً / 19 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

اقتصاديون عرب : المزايا النظامية والإستراتيجية للسوق الصينية تتيح فرصا هائلة للشركات العربية

اقتصاديون عرب : المزايا النظامية والإستراتيجية للسوق الصينية تتيح فرصا هائلة للشركات العربية

شفا – شينخوا – في خضم التحولات العميقة التي يمر بها المشهد الاقتصادي على الصعيد العالمي، برزت المزايا النظامية والإستراتيجية التي تتمتع بها السوق الصينية على نحو متزايد كمحرك مهم لتعزيز التعاون الدولي.

وأشار عدد من الشخصيات الاقتصادية في الدول العربية مؤخرا إلى أن ضخامة السوق الصينية، وتكامل منظومتها الصناعية، مع تسارع نمو الطلب الاستهلاكي، إلى جانب مواصلة توسيع الانفتاح رفيع المستوى، كلها عوامل تشكل مزايا نظامية وإستراتيجية فريدة تتيح للشركات العربية فرصا تاريخية لتحقيق تنمية متنوعة والانخراط بعمق في سلاسل القيمة العالمية.

وقال رئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني محمد العجلان إن “اتساع السوق الصينية لا يتجلى فقط في حجمها الإجمالي، بل في عمق بنيتها الداخلية ومرونتها أيضا”، مشيرا إلى أن امتلاك الصين نظاما صناعيا متكاملا وسلاسل توريد متقدمة يجعلها وجهة جاذبة للمستثمرين الدوليين الساعين إلى التعاون المستقر والفعال.

وأوضح أن التوافق العميق بين “رؤية 2030” للسعودية ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية يرجع أساسا إلى قدرة هذه المبادرة على استيعاب إمكانات التعاون عبر السلسلة بأكملها، من المواد الأساسية إلى التصنيع الرفيع المستوى، ومن البحث والتطوير التكنولوجي إلى التطبيقات السوقية، وهي إمكانات توفرها السوق الصينية بصورة شاملة.

وتبرز هذه الميزة النظامية بوضوح عند مواجهة تحديات المخاطر. وبيّن محمد صادق، الباحث في المركز السعودي للبحث العلمي والتبادل المعرفي، أن الصين تُعدّ حلقة وصل موثوقة للغاية في سلسلة التوريد العالمية. واستشهد بأمثلة على التعاون خلال الجائحة أثبتت ذلك، قائلا “عندما تعرضت سلاسل التوريد العالمية لضغوط هائلة، أظهرت الصين قدراتها الإنتاجية القوية وكفاءتها اللوجستية، وضمنت استقرار توريد السلع التي احتاجتها الأسواق العالمية، بما فيها الدول العربية. وقد عززت هذه المرونة ثقتنا بآفاق تنمية السوق الصينية على المدى الطويل”.

وتعد سرعة تطور السوق الصينية ميزة أساسية أخرى في منظومتها. وفي هذا السياق، ذكر حمدي طابا، رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أن الطلب المتزايد من المستهلكين الصينيين على السلع والخدمات عالية الجودة قد أتاح فرصا جديدة أمام المنتجات الأردنية المتخصصة، مثل مستحضرات تجميل البحر الميت وزيت الزيتون والمنتجات العشبية.

وأضاف طابا أن “منصات التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في الصين تمكنّنا من الوصول مباشرة إلى مئات الملايين من المستهلكين، وهو أمرٌ لم يكن بالإمكان تصوره في السابق. نحن نتعلم استخدام الأدوات الرقمية الصينية لإيصال ‘كنوز’ الأردن إلى العملاء الصينيين”، في خطوة تعكس التفاعل الإيجابي للشركات العربية الصغيرة والمتوسطة مع الاقتصاد الرقمي الصيني.

وفي الوقت الحالي، تدفع الفرص الإستراتيجية في السوق الصينية مسار التعاون بين الصين والدول العربية نحو آفاق أوسع. وأكد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، بأن منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية المصرية “تيدا السويس”، على ساحل البحر الأحمر، أصبحت منصة رئيسية للتعاون بين الصين وأفريقيا في مجال الطاقة الإنتاجية.

وأشار إلى أن “الشركات الصينية لا تكتفي بضخ الاستثمارات فحسب، بل توفر أيضا التكنولوجيا المتقدمة والخبرة الإدارية، ما يسهم في دفع عجلة التنمية الصناعية المحلية وتوفير فرص العمل. وفي الوقت نفسه، أصبحت منطقة التعاون هذه بمثابة بوابة لدخول المنتجات المصرية إلى السوق الصينية، بما يجسد مبدأ المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين”. وأفاد كذلك أن التحول الاقتصادي الصيني نحو التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون يفتح آفاقا واسعة لمصر للتعاون مع الصين في مجالات مثل الطاقة الجديدة والمركبات الكهربائية.

وقال العجلان إن الصين تتبوأ مكانة عالمية رائدة في المجالات الناشئة، مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة، وهي مجالات تتوافق بشكل وثيق مع أولويات رؤية السعودية 2030، مما يوفر فرصا واسعة أمام التعاون الثنائي بين البلدين.

وأشار إلى الجانبين، على وجه التحديد، يتمتعان بإمكانيات هائلة للتعاون في مجالات مثل تحول الطاقة، والتصنيع المتطور، والتكنولوجيا الطبية، والخدمات اللوجستية والنقل، والتكنولوجيا المالية. وأضاف “سنواصل استكشاف الفرص الجديدة في السوق الصينية، ونتطلع إلى العمل مع المزيد من الشركات الصينية لفتح آفاق أكبر في أسواق السعودية والشرق الأوسط بشكل مشترك، وضخ حيوية جديدة في التعاون بين الجانبين”.

كما أسهم استمرار الصين في تنفيذ سياسات انفتاح رفيعة المستوى في إطلاق المزيد من المكاسب المؤسسية. وبهذا الخصوص، قال أبو بكر الديب، مستشار المركز العربي للبحوث والدراسات، إن ضخامة السوق الصينية والتزامها الواضح بتوسيع الانفتاح جعلاها وجهة جاذبة للشركات الأجنبية، مضيفا أن الزيادة المستمرة في تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الصين تعكس ثقة الشركات المتعددة الجنسيات بقوة الاقتصاد الصيني.

ويرى قادة الأعمال العرب عامة أن السوق الصينية الضخمة ستظل عامل استقرار ومصدر نمو مهما للاقتصاد العالمي. كما يدعون إلى تعزيز التنسيق في السياسات، وتطوير ترابط البنية التحتية، وتوسيع التجارة الحرة، وتعميق التكامل المالي، إلى جانب تقوية الروابط بين الشعوب، مع التركيز على تحقيق تقدم أكبر في مجالات مثل الاعتراف المتبادل بالمعايير وتسهيل حركة الكفاءات والموظفين.

ومع استمرار الصين والدول العربية في تعميق التوافق الإستراتيجي بينهما في إطار مبادرة الحزام والطريق، من المتوقع أن تتحول المزايا النظامية والإستراتيجية التي توفرها السوق الصينية الضخمة إلى نتائج تعاون أكثر واقعية، مما يعطي زخما قويا لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد.

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تقتحم المغير شمال شرق رام الله

شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الاسرائيلي، اليوم الأربعاء، قرية المغير، شمال شرق رام الله. وأفادت …