5:41 مساءً / 5 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت لحم

انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت لحم

شفا – انطلقت، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الفلسطيني الأول للصناعات الثقافية تحت عنوان: “إبداع، تمكين، حماية” في قصر المؤتمرات بمدينة بيت لحم، ويستمر على مدار يومين متتاليين.

وقال وزير الثقافة عماد حمدان: “من خلال هذا المؤتمر ومن بيت لحم، نجتمع اليوم لنطلق رسالة جديدة، نؤكد من خلالها أن الثقافة الفلسطينية تدخل اليوم مرحلة جديدة، تتجاوز الحفظ إلى الإنتاج، والرمزية إلى الفعل، والاستهلاك إلى الاستثمار”.

وأضاف حمدان: “أثبتت التجارب الدولية أن الثقافة محرك اقتصادي ورافعة تنمية، وفي فلسطين حيث تتجدد الإرادة رغم الاحتلال، نؤمن بأن الثقافة هوية علينا حمايتها، وقيمة إنتاجية تسهم في بناء اقتصاد وطني مبتكر، لذا فإن رؤيتنا في وزارة الثقافة تنطلق من إيمان عميق بأن الصناعات الثقافية ثروة مستدامة، وقد آن الأوان أن نعيد تعريف العلاقة بين الثقافة والتنمية، وأن نُرسخ في وعينا أن التراث أيضا رصيد اقتصادي هام، إذا توفرت البيئة الحاضنة والدعم المؤسساتي، والرؤية الوطنية المتكاملة”.

وأكد ضرورة العمل معا على تطوير ثقافتنا الإنتاجية، التي تقوم على دعم المواهب، وتسهيل الوصول إلى الموارد، وربط المنتج الثقافي بالسوقين المحلي والعالمي، من خلال منصات رقمية متخصصة، ومعارض، وأسواق للإبداع الفلسطيني.

ووجه حمدان رسالة إلى الشابات والشبان قائلا: “أنتم الطاقة التي نعتمد عليها، أنتم جيل التكنولوجيا والابتكار الرقمي والخيال الطموح، جيل لا يرى في الحدود نهاية، إنما بداية لفكرة جديدة، وعليه ستعمل الوزارة على دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى ضمن السياسات الثقافية المستقبلية، لتصبح الثقافة الفلسطينية حاضرة ومنافسة في الفضاء الرقمي العالمي، تماما كما كانت حاضرة في الحضارة الإنسانية عبر التاريخ”.

كما خاطب الحرفية واصفا إياهم بحماة الذاكرة الحية لهذا الوطن، متطرقا إلى الإنجاز الوطني المشرف بانضمام مدينة الخليل إلى شبكة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” للمدن الإبداعية ضمن مجال “الحرف والفنون الشعبية”، بالتزامن مع اليوم العالمي للمدن، معتبرا انضمام الخليل إلى هذه الشبكة الدولية يكرّس حضور فلسطين الثقافي على الساحة الدولية ويعززه، ويفتح آفاقاً لتطوير الصناعات الحرفية المحلية، ودعم الحرفيين، وربط الصناعات الثقافية الفلسطينية بمنظومة التنمية المستدامة والاقتصاد الإبداعي.

بدوره، قال وزير السياحة والآثار هاني الحايك: إن هذا المؤتمر والمعرض الذي تم افتتاحه يفسح المجال للتعرف أكثر إلى صناعاتنا الوطنية، وخاصة الحرف التقليدية الفلسطينية، هذا الإرث الحي الذي يعكس عبقرية الإنسان الفلسطيني وارتباطه بأرضه وتاريخه وتراثه.

وأضاف أن الحرف اليدوية من خشب الزيتون في بيت لحم وبيت ساحور، إلى الزجاج والخزف في الخليل والتطريز في القرى والمدن الفلسطينية، هي مرآة صادقة لروح هذا الشعب، الذي جعل من الإبداع وسيلة للبقاء، ومن الصنعة وسيلة للصمود.

وتطرق إلى الواقع المرير الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، قائلا: واقعنا اليوم ليس سهلا، فقد أثر العدوان واستمرار الاحتلال في كل مناحي الحياة في فلسطين، حيث توقفت الحركة السياحية بالكامل منذ بداية العدوان، وأثر ذلك في قطاع الحرفيين وأصحاب الورش والمتاجر التقليدية الذين يعتمدون على الزائر والسائح كمصدر حقيقي لدخلهم.

وأشار الحايك إلى أن العديد من محلات التحف الشرقية أغلقت أبوابها وتراجعت فرص العمل، وتكدست المنتجات في المخازن، ومع ذلك، لم يفقد الحرفيون الأمل لأنهم يدركون أن ما يصنعونه ليس مجرد سلعة بل رسالة حياة وصمود في وجه الدمار والظلم.

وأكد أن وزارة السياحة تعمل على ترويج فلسطين عالميا بتراثها وهويتها ومواقعها التاريخية وحرفها التقليدية، والمساهمة مع كل الشركاء في تطوير هذه الحرف لتكون فعلا واجهة للسياحة الفلسطينية ومصدرا هاما للجذب السياحي، وأداة لتوثيق تاريخ شعبنا وتراثه وهويته منذ القدم.

وتطرق الحايك إلى ما تحقق من إنجاز في هذا السياق، فوز مدينة الخليل عام 2016 ومدينة بيت ساحور عام 2019 بلقب المدينة الحرفية العالمية من قبل مجلس الحرف العالمي، ما يؤكد أن الحرف الفلسطينية قادرة على المنافسة والتميز عالميا.

من جانبه، أكد وزير الصناعة عرفات عصفور أن المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية الفلسطينية ليس مجرد فعالية ثقافية أو اقتصادية، بل هو منصة وطنية شاملة تؤكد إيماننا بأن الثقافة ليست ترفا أو هامشا، وإنما هي ركيزة من ركائز التنمية الوطنية وأداة أساسية لتعزيز هويتنا ووجودنا على هذه الأرض.

وأضاف أن وزارة الصناعة تؤمن بأن الصناعات الثقافية تمثل جسرا بين الإبداع والإنتاج، فهي تترجم الفكر إلى منتج، والهوية إلى قيمة اقتصادية، والإرث إلى ثروة مستدامة، وأنه من خلال الصناعات الإبداعية، يمكننا أن نحوّل الفن، والحرفة، والموسيقى، والتصميم، والأزياء، والتراث، والحكاية الفلسطينية إلى مشاريع ريادية، ومصدر فخر وعمل ودخل وطني.

وأشار عصفور إلى أن التجارب العالمية أثبتت أن الصناعات الثقافية والإبداعية تعدّ من أسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الحديث، فهي تخلق فرص عمل جديدة، وتدعم ريادة الأعمال، وتفتح أبوابا أمام الشباب والنساء والمبدعين، وتسهم في رفع الناتج المحلي وتعزيز الصادرات الوطنية.

وأشاد بالطاقات الفلسطينية الهائلة التي أثبتت قدرتها على تحويل التحدي إلى فرص، حيث في كل محافظة نجد حرفيين، ومبدعين، ومؤسسات ناشئة تحافظ على التراث وتطوره، وتنتج منتجات تحمل بصمة فلسطين في التصميم والجودة والمضمون، رغم التحديات السياسية والاقتصادية والقيود المفروضة على الحركة والتجارة.

وأشار عصفور إلى أن وزارة الصناعة تولي أهمية متزايدة لتطوير الصناعات الثقافية ضمن المنظومة الصناعية الوطنية، عبر سياسات وبرامج تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الداعمة للصناعات الصغيرة والحرفية، وتبسيط الإجراءات وتسهيل ترخيص المشاريع الإبداعية، وتشجيع الابتكار والتصميم المحلي، وتحفيز المنتج الثقافي الفلسطيني على الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

وأكد عصفور أن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في الإنسان، وفي هويته، وفي قدرته على الإبداع والبقاء، وعليه نؤمن بأن التعاون بين الوزارات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص هو الطريق الأمثل لبناء قاعدة متينة لهذا القطاع، تمكنه من المنافسة والنمو، وتضمن استدامته في مواجهة التحديات.

من ناحيته، أكدت ممثلة مؤسسة تركواز ماونتن إيلي جروجيري، استعدادهم لدعم المئات من المشاريع الخاصة بالحرف التي هي قادرة على نقل صورة الحياة العامة وتساعدهم اقتصاديا وتدعم المجتمع، مشيرة إلى أن الحرب على قطاع غزة كانت فترة صعبة على الحرفيين، ما أدى إلى إغلاق أعداد كبيرة من محلات بيع التحف، وما نسبته 57% من المشاغل أغلقت.

من جانبه، قال رئيس وحدة الثقافة في اليونسكو في رام الله جورج جوزيف، إن هذا التجمع في هذا المؤتمر ليس نقطة التقاء، بل فرصة للتأكيد على أن الثقافة والحرف وسيلة هامة لتثبيت الهوية، والتنوع الثقافي هوية للإنسانية ووسيلة لحماية التراث المادي.

وأشار جوزيف إلى أن 84 مليونا في العالم يعملون في الحرف التقليدية، والحرف في فلسطين لها دور هام في الحفاظ على الهوية وتجعل دوما في الحياة أملا، وأن اليونسكو يدعم ذلك انطلاقا من قرارات الأمم المتحدة ضمن حرية الحرفيين، تعبيرا عن حريتهم.

وأكد أن اليونسكو مستعدة للعمل مع وزارة الثقافة والشركاء على دعم هذا القطاع، حيث إن فلسطين تمتاز بالحرف، وغزة تعرضت للدمار الكامل، ونعمل الآن على إحيائها.

وتخلل اليوم الأول جلسات حوارية متخصصة تناقش قضايا الاقتصاد الإبداعي، وآليات تطوير المنتج الثقافي الفلسطيني وتسويقه، وإتاحة مساحة للتفاعل والتبادل بين الحرفيين والمبدعين والمؤسسات الثقافية بما يعزز دعمهم بوصفهم ركنا أساسيا في صون التراث الوطني، وتعزيز الصمود الثقافي والاقتصادي الفلسطيني.

وافتُتح على هامش المؤتمر، معرض للحرف والصناعات الثقافية والإبداعية، شكل فرصة ثمينة للاطلاع على أحدث المنتجات والابتكارات والإبداعات في مختلف المجالات من التطريز، والحرف اليدوية، والمنحوتات والفنون البصرية والرقمية.

شاهد أيضاً

هيفين عمر

حين يفقد القلب بوصلته ، بقلم : هيفين عمر

حين يفقد القلب بوصلته ، بقلم : هيفين عمر يحدث أحيانًا أن نستيقظ ولا نعرف …