2:56 مساءً / 16 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

قمة الدوحة .. ، ما كان بالإمكان أفضل مما كان ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

قمة الدوحة .. ما كان بالإمكان أفضل مما كان ، بقلم : الصحفي سامح الجدي


في خضم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة، جاءت القمة العربية الإسلامية المشتركة الأخيرة في العاصمة القطرية ” الدوحة” كمحاولة لجمع الصف وتوحيد الكلمة في وجه التحديات الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتصاعد العنف في غزة، والتوترات الإقليمية المتصاعدة. ومع ما صاحب القمة من آمال عريضة، يبقى السؤال مطروحًا: هل حققت القمة ما كان مأمولًا منها؟ وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟


الواقع يفرض منطقه


لا يمكن النظر إلى القمم العربية أو الإسلامية باعتبارها حلولًا سحرية بقدر ما هي انعكاس للواقع السياسي الذي يمر به العالم العربي والإسلامي. ومن هذا المنطلق، جاءت مخرجات القمة محكومة بجملة من القيود، أبرزها تباين المواقف بين الدول المشاركة، والتداخلات الدولية في ملفات المنطقة، بالإضافة إلى حسابات كل دولة على حدة.


فبينما كان الشارع العربي يترقب قرارات جريئة وموحدة، اصطدمت الإرادة الجماعية بمعادلات المصالح الوطنية والخطوط الحمراء لكل دولة، ما أدى إلى الاكتفاء ببيانات إدانة وشجب وتأكيد على الثوابت دون خطوات تنفيذية فاعلة.
القضية الفلسطينية على رأس الأولويات


تصدّرت القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة، لا سيما في ظل العدوان المستمر على غزة، وتفاقم الوضع الإنساني الكارثي هناك. وأكد البيان الختامي على الدعم الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني، ورفض تهجيرهم القسري، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار. إلا أن ذلك لم يخرج عن إطار البيانات التقليدية التي لم تُترجم حتى الآن إلى أدوات ضغط حقيقية على المستوى الدولي.


ورغم الجهود السياسية التي بُذلت خلف الكواليس، خاصة عبر قنوات دبلوماسية مع الأطراف الدولية، لم تُثمر عن تغيير ملموس في المعادلة على الأرض، مما عمّق الإحساس الشعبي بعدم الفاعلية.


التحديات لا تُبرر الجمود


قد يكون من المنصف القول إن الدول المشاركة في القمة تتحرك في مساحة ضيقة من الخيارات. فالعالم يشهد استقطابًا حادًا، والمواقف الدولية غالبًا ما تُقيّد التحركات الإقليمية. إلا أن التحديات لا تُبرر الجمود أو الاكتفاء بالمواقف الرمزية.


كان بالإمكان تنسيق أكبر للمواقف، وتشكيل لجان دائمة لمتابعة تنفيذ القرارات، أو تبني خطوات اقتصادية أو دبلوماسية جماعية تشكل ضغطًا حقيقيًا على الساحة الدولية. كذلك، لم تظهر القمة خطة استراتيجية واضحة لمعالجة التهديدات التي تواجه الدول الإسلامية بشكل مشترك، سواء في الأمن، أو الغذاء، أو الطاقة.
بصيص أمل أم محطة عابرة؟


رغم محدودية النتائج، لا يمكن إنكار أهمية انعقاد القمة في حد ذاتها، في هذا التوقيت الحرج. فهي تُبقي قنوات الحوار مفتوحة، وتُعيد التأكيد على وحدة القضايا المركزية، ولو من باب الرمزية. كما أن بعض المبادرات الثنائية التي انبثقت على هامش القمة قد تحمل فرصًا مستقبلية للتقارب والعمل المشترك.


ومع ذلك، يبقى الرهان الحقيقي على القدرة في ترجمة الأقوال إلى أفعال، وتحويل التضامن اللفظي إلى مواقف عملية. فالشعوب لم تعد تُقنعها الكلمات، بل تنتظر الأفعال التي تنعكس على الأرض.


ما كان بالإمكان أفضل مما كان؟


ربما كان بالإمكان الخروج بمواقف أكثر صلابة، أو إجراءات أكثر تأثيرًا، لكن تعقيد المشهد العربي والإسلامي، وتباين المصالح الإقليمية والدولية، تجعل من الصعب تجاوز السقف الذي وصلته القمة. ومع ذلك، لا يجب أن يكون ذلك مبررًا للرضا بالحد الأدنى، بل دافعًا نحو مراجعة آليات العمل العربي والإسلامي المشترك، بحثًا عن أدوات أكثر فاعلية، وقرارات أكثر تأثيرًا.


فإذا كانت هذه القمة قد مثلت الحد الأدنى الممكن، فإن القمة القادمة يجب أن تكون الحد الأدنى المقبول.

شاهد أيضاً

إسبانيا تعلن انسحابها من مسابقة “يوروفيجن” إذا شاركت إسرائيل

شفا – أعلنت إسبانيا رسميا انها لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية هذا العام إذا …