8:58 مساءً / 8 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

ماجد أبو شرار ، قنديل الكلمة ورمز الوفاء لفلسطين ، بقلم : المهندس غسان جابر

ماجد أبو شرار ، قنديل الكلمة ورمز الوفاء لفلسطين ، بقلم : المهندس غسان جابر

في الذاكرة الوطنية، يظل بعض القادة أكبر من الغياب وأقوى من الموت. واحد من هؤلاء هو الشهيد المناضل ماجد أبو شرار، الذي خطّ سيرته بمداد الكلمة النضالية، وأشعل قناديل الإعلام الثوري الفلسطيني، حتى صار هدفاً مباشراً لآلة الاغتيال الصهيونية.

وُلد أبو شرار في قرية دورا قرب الخليل عام 1934، ونشأ على حب الوطن والانتماء لفلسطين. أكمل تعليمه الثانوي في غزة، ثم واصل دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية حيث تخرج عام 1958. عمل مدرساً ومديراً لمدرسة في الأردن، ثم محرراً في صحيفة سعودية، قبل أن يلتحق مبكراً بركب الثورة الفلسطينية عبر حركة فتح أواخر عام 1962، ليكرّس حياته من يومها وحتى استشهاده للقضية الوطنية.

الإعلام المقاوم سلاحه

لم يحمل ماجد أبو شرار البندقية وحدها، بل حمل معها قلمًا وفكرًا ثوريًا، فصار الإعلام سلاحه الأمضى. تولى رئاسة تحرير صحيفة فتح اليومية، وأسّس مع رفاقه الإعلام المركزي والموحّد لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليجعل من الصحافة الفلسطينية خندق مواجهة موازٍ للرصاص والمتاريس.


كان مفوضًا سياسيًا عامًا للحركة بين عامي 1973 و1978، وأمين سر المجلس الثوري، وعضوًا في المجلس الوطني واللجنة المركزية لفتح. وفي كل هذه المواقع ظل ثابتاً على مواقفه، مدافعاً عن وحدة الحركة في وجه الانشقاقات، ومؤمناً بالبعد الديمقراطي واليساري كركيزة للنضال الفلسطيني.

الكلمة المقاومة

لم يكن أبو شرار قائداً سياسياً فقط، بل كان أديباً وقلماً ساخراً، كتب القصة القصيرة، ودوّن مقالات نقدية في صحيفة فتح، ليؤكد أن الأدب المقاوم قادر على أن يهزّ ضمير العالم مثلما تفعل العمليات الفدائية.

اغتيال الكلمة والروح

في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 1981، امتدت يد الغدر الصهيونية إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث كان أبو شرار يشارك في مؤتمر تضامني مع فلسطين. زرع عملاء الموساد قنبلة في غرفته بالفندق، فانفجرت وأوقفت قلب القائد، لكنها لم توقف رسالته. إسرائيل التي رأت في صوته وقلمه تهديداً لا يقل خطراً عن السلاح، قررت تصفيته في إطار سلسلة اغتيالات استهدفت قيادات منظمة التحرير في الشتات.

إيطاليا تهتز غضباً

لم يمر الاغتيال مرور الكرام في إيطاليا. خرجت روما وميلانو وفلورنسا وبريشيا وكروسيتو بمظاهرات شعبية واسعة، بدعوة من أحزاب وقوى تضامنية إيطالية، رفع المشاركون فيها الأعلام الفلسطينية وهتفوا ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياسة التصفية. أما في فلسطين، فقد غصّت الشوارع بالمسيرات الغاضبة، التي أكدت أن دماء القادة لا تزيد الشعب إلا إصراراً على الاستمرار في الكفاح.

إرث خالد

رحل ماجد أبو شرار جسداً، لكن إرثه ظلّ يتدفق في وجدان الأجيال الفلسطينية. ظلّ رمزاً للقيادة المخلصة، التي لم تبحث عن سلطة ولا وجاهة، بل عن عدالة وحرية. اسمه اليوم يسطع كنجمة في سماء المقاومة، وذكراه تبقى نداءً للأحرار: أن فلسطين لا تُحرَّر إلا بالكلمة الصادقة، والفعل الثوري، والوحدة الوطنية.

لقد حاول الموساد أن يغتال رجلاً، لكنه في الحقيقة صنع شهيداً خالداً، يروي قصته كل قلم مقاوم، وتستمد منه الحركة الوطنية الفلسطينية معنى العطاء المتجدد.

  • – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

المنتخب التونسي لكرة القدم يتأهل لنهائيات كأس العالم 2026 للمرة السابعة في تاريخه

شفا – تأهل المنتخب التونسي لكرة القدم لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، إثر فوزه …