5:38 مساءً / 28 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

الأستاذة والصديقة إخلاص تمام … ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة والصديقة إخلاص تمام … ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة والصديقة إخلاص تمام … ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

ثمة أشخاص حين يمرّون في حياتنا يتركون في أرواحنا أثراً يشبه العطر، لا يُمحى بمرور الأيام، بل يزداد حضوراً كلما استدعينا ذاكرتنا. ومن هؤلاء النادرين، كانت الأستاذة إخلاص تمام، الإنسانة التي اختزلت في اسمها أعظم المعاني، فكانت مثالاً للإخلاص حقاً ، وتمثيلاً للتمام صدقاً.

عرفتها أول الأمر من وراء شاشة باردة، عبر رسائل إلكترونية تحمل بين طيّاتها تفاصيل العمل الدؤوب؛ فهي الحارسة الأمينة على أبحاث مجلة جامعة النجاح الوطنية، والمسؤولة عن التصميم والمونتاج والتدقيق، العين الساهرة على اكتمال البيانات والدقة في التفاصيل، حتى تخرج الأبحاث في أبهى صورة وأجمل هيئة. يومها كنت أتعامل معها بحروف على الورق، لا بوجه ولا بصوت، لكني كنت ألمس من بين السطور دفئاً يشي بروح عظيمة تتقن عملها، لا طلباً للواجب فقط، بل حباً بالعطاء.

وعند سماعي صوتها عبر الهاتف، ازددت يقينًا أن الإنسان حين يعمل بروحه، يصل أثره قبل أن يصل صوته. اتصلتُ بها في يوم ٍكنت في حاجة ماسّة لتوضيحات وإجابات، فرحّبت بي بصوتها الدافئ، وأجابت عن تساؤلاتي بصبر وهدوء، وأعطتني من وقتها الثمين رغم أنها كانت في إجازة… نعم، في إجازة! لكنّ قلبها المفعم بالمسؤولية أبى أن يؤجّل مساعدة أحد أو أن يُغلق بابه في وجه العلم. هناك فقط، أيقنت أن العطاء حين يُقترن بالإخلاص، يُصبح رسالة خالدة، وأنه كما قال الحكماء:”الإنسان لا يُعرف بمنصبه، بل بأثره في القلوب.”

وتوالت الأيام، لتجمعني الأقدار بها وجهاً لوجه… فإذا بي أمام إنسانة تحمل في ملامحها رقيّاً وفي روحها بساطة، لا تعرف للتكلّف سبيلاً ، ولا لغير الوفاء عنواناً. مكتبها المرتّب وحاسوبها المنظم يعكسان دقتها واهتمامها العميق بالتفاصيل، ويبرزان حرصها على تقديم عمل منهجي وواضح يرتقي بمستوى المخرجات ويعكس احترافيتها العالية.

إخلاص تمّام ليست مجرد موظفة تؤدي عملها، بل هي أشبه بجنديٍ صامت يحرس الكلمة من الزلل، ويذود عن العلم من كل نقص أو خلل. تعمل بحب وبصدق، دون أن ينتظر شكراً من أحد. هي كنسمة صيفية تُنعش القلب، وكشجرة زيتون ضاربة الجذور في الأرض، ثابتة العطاء، دائمة الحضور.

نعم، إنما الإنسان أثر… وأثركِ يا أستاذة إخلاص خالد في القلوب قبل أن يكون في الأوراق. لقد كنتِ وما زلتِ شاهداً على أن الجمال الحقيقي لا يكمن في الصور ولا في المظاهر، بل في روحٍ تبذل وتحبّ وتُخلص حتى النهاية.

ونِعمَ الاسم الذي تحمليه… فـ”إخلاص” لم يكن مجرّد لقبٍ وُلد معك، بل سلوكاً ومبدأً تُجسدينه في كل لحظة، و”تمّام” لم يكن إضافةً في بطاقة الهوية، بل اكتمالاً للمعنى، واكتمالاً للصورة.

فما أجمل أن يكون الإنسان أثراً… وما أبهى أن يكون الأثر إخلاصاً تماماً

شاهد أيضاً

اللواء علام السقا يجتمع بمدراء مراكز الإصلاح والتأهيل ويؤكد على تعزيز البرامج التأهيلية للنزلاء

اللواء علام السقا يجتمع بمدراء مراكز الإصلاح والتأهيل ويؤكد على تعزيز البرامج التأهيلية للنزلاء

شفا – اجتمع اللواء علام السقا مدير عام الشرطة، اليوم الخميس، بإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، …