11:08 مساءً / 19 أبريل، 2024
آخر الاخبار

تتكلم الاصنام من مكانها بقلم : محمود هادي الجواري

لربما يفوت علينا في قراءة تأريخنا القديم أو المعاصر ، كثير من المدلولات والشواهد والعبر ، لذا انني اضع ما اعتقده ، من قراآتي المتواضعة محاولا اختزال الشئ الغامض او الذي ليس من السهل تلمسه ، ولكن اذا كنت مثقفا او سياسيا فمن اليسير ان يعي ويدرك المعنى في موضوع كالذي اتناول كتابته ، السبب بسيط هو : ان الكاتب لا يستطيع توفير القناعة للجمهور القارئ وبشتى شرائحه ودرجات ثقافاته ، خاصة اذا كانت تلك الكتابات تحتمل التحليل او او تحتاج الى القراءة المتكررة ولذا انني اكتب بايمان وقناعة ربما لا تتوفر لدى القراء الاخرين في هكذا موضوع له صلة بحاضرنا وتاريخنا القديم حيث اني لم أبتعد كثيرا عما حفل به تاريخنا فكرا ورقيا ولكننا نبتعد عنه زمانا ومكانا وهذا ما يجعلني ان اكتب ولي قناعتي التي لن اجبر احدا على قبولها ولكن لربما هناك آخرون ممن يشعرون ماهية تلك العلاقة التاريخية الجدلية … مع انني متفق مع العلم والمنطق و مع الجميع ان الاصنام لا تحرك شفتيها ، او تتململ او تستطيع ان تنطق حرفا ، فاذا كانت هكذا هي سجيتها وسخافة اهمية وجودها التي لا تنفع ولا تضر فلماذا اذن كانت تعبد وتقددس ؟؟ وهل ان العقل العربي كان ينتبابه الخلل في محاكاة حجر اصم شارك في صنعه او وجده على الطبيعة كصخرة صماء ؟؟ الامر في التصور والدراسة لا يسير في هكذا مسار بسيط او انه تتخلله السذاجة والقناعة في توفير الوهم للنفس الانسانية التي كانت تعي كل شئ وكما علمنا ان تاريخ الجاهلية انه كان حافلا بالعباقرة من الشعراء والفلاسفة والفرسان وكما يحدثنا التاريخ .. اذن لابد من ان هناك سر يختفي وراء عبادة تلك الاصنام والاعتقاد بها وكذلك الدفاع عنها وهي ايضا واقفة جامدة ولا تحرك شئ من السكون الذي حولها مقدار شعرة اواقل من ذلك، فهل تكمن العظمة في سكونها ن صمتها او صمودها في بقائها زمنا اطول من عمر الانسان .؟؟؟ لكي اجيب وبموضوعية على ان لا يأخذ هذا الموضوع لغرض المقارنة مع قصص نعيشها في ايامنا هذه وان لا تقترن بها نظرا لم يحتمل الموضوع من شدة في الحساسية لكونه يحتمل المقاربة من مواضيع حياتية ويومية ومع اناس لربما يعتقدون انهم المعنيون ، ولكن من يريد ذلك فعلى هواه لان الادب والمعرفة هي ليست حكر على مجموعة من المفسرين او المأولين او ذوو الذكاء الخارق .. ولكن قدر تعلق الموضوع بسر الالهة فانني اريد توضيح ذلك .. ولكي اتجاوز الاسئلة الكثير اريد هنا من تسجيل مخالفة علمية وتاريخية ولا يمكن لها ان تتفق مع المنطق واقول باعلى صوتي ان الالهة والاصنام كانت تتحدث من مكانها وباصوات عالية ، ويسمعها معظم رجال الجاهلية وقادتها وفرسانها وهذا ليس بالوهم او الخرافة، الامر حقيقي وينتمي الى العقل والمنطق ، اذن الاصنام كانت تتمتع بصوت جميل وشجي ولكن لا يسمعه الانسان السوي الذي كان موحدا ومجبول على سنة نبي الله ابراهيم عليه السلام ، نعم كان كل الرجال من صنف الشياطيين يسمعونها وكانها تصرخ في آذانهم وترفع من الادرنالين الذي يجب ان يغذي عقولهم لحظات الحسم والفعل وتفرز اكبر كمية لتلبية لما يطلب وما هو واجب تنفيذه ، وازيد على ذلك انها من شدة قدسيتها ورهبتها كانت تلك الالهة توقظهم من مضاجعهم لشن الحروب والحصول على الغنائم اي فعل الشر المباح وفق احكامها ، نعم كانت عقولهم ترتبط روحيا بتلك الصخرة الصماء المقدسة والتي نطلق عليها الصنم ، وللدارسين في الشأن التأريخي يعلمون عن ماذا حدث لنبي الرحمة عندما اراد ازالة تلك الاصنام وتحطيمها ، الم تشن الحروب التي نعاني منها حتى هذه اللحظة ؟؟؟؟.. اليوم وبعد مرور اكثر من اربعمائة عام ، نحن لا نزال نلاحظ آثار الجاهلية الاولى وبقاء بعض من رجالاتها ، ولكن اليوم لدينا اصنام غير تلك الاصنام التي ليس بمستطاعها ان تأكل ، تشرب او تتحرك ، اصنام اليوم لها القدرة على الكلام ومحاورة من يطلب منها كل الاشياء المستساغة لهم .. ولكن لا اختلاف في درجة العبودية والقدسية بين الصنم الحجري والصنم الادمي ولكنها في المحصلة الاخيرة تشترك في الدور ، فهي الامرة الناهية وعلى الكل عبادتها واطاعتها ومن يتخلف او تراوده الشكوك في تلك الاجساد الخارقة العظمة و الرفيعة القدسية فعليه الحد والعقاب الشديد ..اذن تأريخنا السخي وصف لنا شكل تلك الاصنام الجاهلية ، وكذلك ذكر لنا اسماؤها ، فهي تتردد على مسامع الداخلين الى المدارس للتو او الذين انهوا دراستهم العليا .. اذن كانت تلك الاسماء تمتلك سر عظمة برغم انها لا تتحدث ولا تتحرك ، وكما تمتلك درجات من السطوة والهيمنة الخفية التي مكمنها في قحفة رأس الانسان الذي يؤمن بها .. فعندما نقول على سبيل المثال،، هبل الاعلى ، فلهذا الصنم درجة من القدسية تختلف عن اقرانه من الاصانام الاخرى التي لا تحظى بنفس المنزلة والقدسية ، وكذا بالنسبة الى هبل الاصغر والعزى ومناة ، فكل تلك الاصنام التي تسير وراء هبل الاعلى هي اقل شانا ومنزلة من هبل الاصغر ، فاذا تحدث هبل ، فعلى الاصنام الاخرى ان تصمت .. اذن التاريخ البعيد هو يعيد رمزية الاصنام وعبادتها ودرجات رمزيتها او الصوان او الى غير ذلك من الاحجار القاسية القلب ، ولكن المختلف عليه هو ان اصنام اليوم هي ليست من الحجر وبانواعها،، وانما هي اجساد من الدم واللحم وبشر سوي وكما لها القدرة على الحركة والحديث ،ولكن ما الفرق بين اصنام الجاهلية واصنام العصر الذي نعيش؟؟ هبل وغيره من اصنام الجاهلية كانوا مصنعون من الحجارة الصماء وكما اسلفت ، ولكن لهبل وكما باقي الاصنام الاخرى ،، له استطاعة القدح باالافكار في عقول الناس الشياطين المؤمنين به ويحدثهم بهمس في قحفة عقولهم ، لا بل وحتى يصرخ فيها ليحثهم على فعل الشر، فكانو ينهضون من مضاجعهم للسطو على قبيلة مجاورة للحصول على الغنائم او سبي او قتل غير مبرر ، اما اصنام اليوم التي تحمل راسا حقيقيا وفيه عقل قادر على التفكر والتدبير ، هو يوحي الى العقول الحجرية من بني جنسه فيوقضه من نومها العميق ويحثها على اقتراف الافعال الاجرامية من قتل بالدم البارد والسلب والنهب ،اذن هناك مشتركات بين الاصنام الحجرية والادمية اي ان كليهما لهما جمهورهما فهم يتحركون ولو ان الصنم الحجري او الاخر تململت شفاهما ، في رؤيا او حلم اثناء النوم او في اليقضة ،، اذن االمؤمنون بتلك الاصنام هم المدركون تماما ماذا يريد الصنم ان يفعل هذا اليوم ، وما على الشياطين المؤمنين سوى تلبية النداء ، ولي سؤال من الذي يوحي بالقتل ونحن في مجتمع اسلامي عرف الرحمة بعد ان ذهب الصنم الحجري هبل وغيره الى مزبلة التاريخ … وهل ستذهب الاصنام الادمية هي الاخرى الى مزبلة التاريخ ؟؟؟ التاريخ وحده يستطيع الاجابة لانه كانت له كلمة الفصل في وضع نهاية لهبل، فمن المؤكد ستكون له ذات المقدرة على الدفع بالاصنام الادمية الى مزبلة التاريخ …

شاهد أيضاً

خبراء أمميون يحذرون من “إبادة تعليمية” في غزة

شفا – قال خبراء أمميون إن “الهجمات القاسية المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة” …