
إدارة الموظفين في ظل الطوارئ والإغلاق في الضفة الغربية ، بقلم: د. عمر السلخي
في الضفة الغربية، وتحديدًا في المناطق الساخنة مثل محافظة سلفيت، لا تعني “الطوارئ” كارثة طبيعية أو أزمة صحية فقط، بل واقعًا يوميًا تفرضه سلطات الاحتلال من خلال الإغلاقات المفاجئة، والحواجز العسكرية، والتقسيم الجغرافي القسري.
هذه الأوضاع الاستثنائية تفرض تحديات غير مسبوقة على إدارات الموارد البشرية في المؤسسات الرسمية والخاصة، وتدفعها لإعادة التفكير بكيفية إدارة الموظفين حين تكون الطرق مغلقة، والحركة مشلولة.
المشكلة المركزية: غياب الوصول يعطّل الإنجاز
يعتمد أداء المؤسسات بدرجة كبيرة على التزام الموظفين بالحضور، والانضباط الزمني، وسير الإجراءات الداخلية بشكل سلس.
لكن ماذا يحدث حين:
يتم إغلاق حاجز دير بلوط او قرواة بني حسان فجأة.
تُمنع السيارات من دخول مدينة سلفيت عبر المدخل الشمالي او مدخل ياسوف.
تقع مواجهة في محيط مستوطنة “اريئيل” فتغلق الطرق لساعات أو أيام؟
يُحتجز موظف على الحاجز أو يتم اعتقاله دون مبرر.
حينها، ينهار جزء من سلسلة العمل، وتتوقف الخدمات، ويبدأ التراشق باللوم، لأن نظامًا بديلًا لم يكن موجودًا.
مظاهر الخلل في إدارة الموظفين وقت الإغلاقات
الاعتماد المفرط على الحضور الجسدي رغم تعذر الوصول.
غياب بروتوكولات بديلة لاستمرار تقديم الخدمة.
نقص التواصل بين الإدارة المركزية والفروع المعزولة.
تجاهل البعد النفسي والضغط الذي يواجهه الموظف المحاصر.
إدارة الطوارئ: من رد الفعل إلى الاستباق
للتعامل مع هذه المعضلات، لا بد من الانتقال من منطق “الارتباك عند الإغلاق” إلى منظومة تخطيط احترازي واستباقي، تشمل ما يلي:
تصميم جداول عمل مرنة
اعتماد نظام مناوبات يسمح بتغطية المهام في حال تعذر وصول بعض الكوادر.
توزيع المهام على أكثر من موظف (نظام الظل).
بروتوكول تفعيل العمل عن بعد
تزويد الموظفين بمعدات أساسية للعمل من المنزل (لابتوب).
إنشاء منصة داخلية للتواصل وإنجاز المهام إلكترونيًا.
التمكين المحلي للقرى والمناطق المعزولة
إنشاء “نقطة تشغيل” في كل منطقة معزولة، تضم موظفين قادرين على تسيير الأمور دون الرجوع اليومي للإدارة المركزية.
تفويض إداري تدريجي لموظفي الخط الأول في الطوارئ.
جاهزية النقل الطارئ
الاتفاق المسبق مع مركبات خاصة أو بلديات لتأمين نقل الموظفين من مناطق مغلقة.
إعداد خارطة حركة بديلة بعيدًا عن الطرق التي يغلقها الاحتلال باستمرار.
سلفيت نموذجًا: أزمات متكررة وحلول جزئية
في محافظة سلفيت، تعتبر القرى والبلدات الغربية والشمالية الأكثر تضررًا من الحصار اليومي والحواجز والبوابات ، ما يجعل الوصول إلى المديريات داخل مدينة سلفيت أمرًا معقدًا ، ورغم وجود مبادرات جزئية من بعض المديريات، إلا أن غياب التخطيط المركزي يؤدي إلى:
فقدان التنسيق بين الإدارات.
ضياع وقت المواطن والموظف.
تكرار نفس الأخطاء في كل حالة طارئة.
توصيات للمؤسسات الرسمية
اعتماد دليل طوارئ إداري خاص بالإغلاقات العسكرية.
تدريب فرق الموارد البشرية على “الإدارة في ظل الحصار”.
تبني آليات التقييم المرن لأداء الموظف في ظل ظروف خارجة عن إرادته.
إشراك الهيئات المحلية والبلديات في خطط استدامة الخدمة أثناء الطوارئ.
تعزيز الدعم النفسي والمعنوي للموظفين العاملين تحت الضغط.
حين تُغلق الطرق، لا ينبغي أن تُغلق المؤسسات.
وإدارة الموظفين في ظل الإغلاق ليست فقط واجبًا وظيفيًا، بل معركة بقاء وطنية في وجه سياسة خنق الحياة الفلسطينية.
النجاح الإداري في الضفة الغربية يبدأ من سؤال:
هل لدينا خطة عمل إذا أغلق الاحتلال الطريق غدًا؟