
شفا – خاص – الصحفي سامح الجدي ، في كل عام، كان صوت الجرس المدرسي يعلن بداية يوم جديد مليء بالأمل. أما هذا العام، فقد خيّم الصمت على المدارس في غزة، وارتفع بدلاً منه صوت القصف والبكاء والنداءات في مراكز الإيواء. هنا، في قطاع غزة، تسرق الحرب من الأطفال ما تبقى من طفولتهم، وتحوّل الدفاتر إلى رماد، والأحلام إلى أشلاء.
مدارس بلا طلاب… وصفوف بلا سبورات
منذ بدء العدوان الأخير، تعرّضت مئات المدارس للقصف أو تحوّلت إلى مراكز إيواء لعشرات الآلاف من العائلات المشردة. ووفق بيانات وزارة التربية والتعليم، فإن أكثر من 70% من المرافق التعليمية في غزة تضررت جزئيًا أو كليًا. لم تعد المدارس بيئة تعليم، بل باتت ملاذًا من الموت.
أطفال بلا مقاعد… وبلا طفولة
في مدرسة ” حسن الحرازين ” التي تحوّلت إلى مركز إيواء في غزة، تجلس الطفلة “ملك” (9 أعوام) على قطعة إسفنج ممزقة، وتحمل دفترها الذي نجا من القصف. تقول بصوت خافت: “اشتقت لمدرستي، اشتقت للمُدرّسة، أريد فقط أن أدرس مثل كل الأطفال في العالم.”
حال “ملك” يشبه حال آلاف الأطفال في القطاع، ممن باتوا يفتقدون لكل مقوّمات التعليم والحياة الآمنة. فالفصل الدراسي الآن ليس أكثر من حلم مؤجل، وقد تحوّل الحلم إلى نداء استغاثة.
النكبة تتجدد كل يوم
الحرب لم تترك للأطفال وقتًا للتعافي من النكبات السابقة. ومع كل موجة تصعيد، يخسر القطاع المزيد من منشآته التعليمية. تقول السيدة “ميادة”، وهي أم لأربعة طلاب نازحين: “أطفالي فقدوا كتبهم وملابسهم وذكرياتهم في المدرسة. اليوم يسألونني متى نعود للصف؟ ولا أملك إجابة.”
صمت العالم يفاقم الجرح
رغم المناشدات المحلية والدولية لإعادة العملية التعليمية، إلا أن الواقع على الأرض لا يزال قاتمًا. لا مياه كافية، لا كهرباء، لا بيئة تعليمية، وحتى الدعم النفسي للأطفال شبه غائب في ظل الضغط الهائل على طواقم الإغاثة.
هل تُمحى الأحلام تحت الركام؟
ورغم كل هذا، لا تزال إرادة الحياة في غزة قوية. أطفال يرسمون على جدران الملاجئ، ومعلمون يقدّمون دروسًا تطوعية في الأزقة، وأمهات يحاولن زراعة الأمل في قلوب أبنائهن، ولو بكلمة طيبة أو قصة قبل النوم.
لكن الحقيقة المرّة تبقى: جيل كامل في غزة مهدد بالضياع، إن لم يتحرك العالم فورًا، ليس فقط لترميم المدارس، بل لترميم إنسانية سُحقت تحت القصف.