
شفا – تقرير خاص ، الصحفية شيرين الكيالي ، حين تتكاثر الأزمات، وتتوالى النكبات على الشعوب المنهكة، يصبح للرحمة وسفرائها عنوان، وللأمل معنى جديد، ينبثق من مبادرات تخترق ظلام الحصار والفقر، كما يفعل صندوق أحمد قديروف الخيري برسالته الممتدة، ويده التي تواصل العطاء للمحتاجين، حيث الألم لا حدود له، ولا انتظار لعدالة مؤجلة.
في فلسطين، حيث تحفر الهموم ملامح الأطفال وأجسادهم المنهكة ، وتثقل الكرامة أبواب البيوت المهدّمة، وجدت مبادرات الصندوق صدىً حقيقيًا على الأرض، بفضل شراكته مع جمعية فلسطين الخيرية للإعمار والتنمية، بقيادة الشاب عبد الله الجدي، المعروف بتفانيه واحتكاكه اليومي بمعاناة الناس.
وجبات تطفئ جوع الحرب
في أحياء غزة التي ما زالت تتنفس بصعوبة تحت وطأة الحصار، كانت رائحة الطعام الساخن أكثر من مجرد وجبة؛ كانت رسالة تفيض بالمحبة بأن أحدًا لا يزال يتذكرك.
يقول أحد المستفيدين، وهو أب لأربعة أطفال فقد منزله في الحرب الأخيرة:
“لم يكن لدي ما أقدّمه لهم على مائدة الإفطار . وفجأة طرق باب الخيمة أحد المتطوعين يحمل الوجبات الساخنة .. شعرت أنني لست وحدي.”
البرنامج وزع آلاف الوجبات، خاصة في رمضان، واستهدف الأسر التي فقدت كل شيء تقريبًا. وكانت المشاهد مؤثرة: نساء يبكين فرحًا، وأطفال يأكلون بشغف طعاما لم يتذوقوه منذ أسابيع.
ماء يروي الكرامة
في مناطق تعاني من شحّ المياه، كان الوصول إلى مياه شرب نظيفة تحديًا يوميًا.
أنشأ الصندوق، بالشراكة مع الجمعية، محطات تعبئة متنقلة وخزانات كبيرة تم توزيعها في الأحياء المهمشة والمخيمات المكتظة ، ليستعيد الناس أبسط حقوقهم: شربة ماء نظيفة.
تقول إحدى الجدات، وقد ملأت وعاءها:
“لم أعد أضطر لحمل” الجالون” مسافة طويلة.. الماء صار يصل إلى باب بيتي.”
نقد يُعيد التوازن
بعض احتياجات الناس لا تحلها المواد العينية، لذا أطلق الصندوق برنامجًا للمساعدات النقدية، وُزع بعناية على أسر محددة بعد دراسة أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، وبطريقة تحفظ كرامة الناس.
تقول “أم محمد”، وهي أرملة:
“لم يسألوني كثيرًا، فقط زاروني بهدوء، وبعد أيام تسلمت مبلغًا ساعدني في شراء دواء لابنتي ودفاتر مدرسية لابني.”
شباب على الخط الأمامي
برز من بين فرق العمل الشاب عبد الله الجدي، ليس كمنسق فقط، بل كسفير إنسانية حقيقي في الميدان.
عبد الله، بصفته رئيس جمعية فلسطين الخيرية، يشرف على توزيع المساعدات ويشارك بنفسه في تفقد الأسر المنكوبة ، ويقول:
“نحن لا نقدم مساعدات فقط، بل نرافق الناس في رحلتهم لاستعادة الأمل، ونستمع إليهم بكل شغف أكثر مما نتحدث.”
أمل لا يعرف الحدود
هكذا يتجسّد العطاء حين يتحول إلى فعل يومي، لا يعرف الحدود الجغرافية، ولا يوقفه ضجيج السياسة.
إنها قصة صندوق قديروف، الذي لا يوزع المساعدات فقط، بل يزرع بذور الحياة، ويعلّمنا أن الإنسانية لا تحتاج إلى أضواء أو استعراض، بل إلى يد حانية، وقلب يستمع قبل أن يتكلم، ويشارك الإنسان همومه واقفا عند أشد احتياجاته اليومية والأساسية من أجل البقاء .