10:58 مساءً / 8 مايو، 2025
آخر الاخبار

المربية الفاضلة مها الأحمد ، نبع الطفولة الأول، وذاكرة الحرف الجميل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

المربية الفاضلة مها الأحمد ، نبع الطفولة الأول، وذاكرة الحرف الجميل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

في حياة كلٍّ منا أسماء تظلّ عالقة في الذاكرة، لا تفارقنا مهما امتدّ بنا العمر، تبقى كالنقوش على جدران القلب، محفورةً بلطف، ومرسومةً بابتسامة، ومن بين تلك الأسماء التي أحتفظ بها بكل فخر وامتنان، اسم معلمتي الأولى، المربية الراقية مها الأحمد.

هي ليست مجرد معلمة درّستني الصف الأول، بل كانت أول من فتح لي أبواب الحروف، أول من وضع بين يديّ مفاتيح اللغة، وأول من زرع في قلبي حبّ التعلم. كانت أنيقة في كل شيء، في مظهرها، في حديثها، وفي تعاملها الإنساني الذي يعجز القلم عن وصفه. كانت الابتسامة لا تفارق وجهها، كأنها شمسٌ صغيرة تتنقل بين المقاعد تنثر الدفء في زوايا الفصل.

رغم مرور السنوات وتقلّب المراحل، لا يزال أثرها الطيب يسكنني، ولا تزال ذاكرتي تحتفظ بمشهد لا يُنسى، حدث ذات يوم أثناء درس النسخ. كتبتُ ما طُلِب منا في الصف، ولما نظرت إلى كراستي، ابتسمت ابتسامة ملأت قلبي فخراً وقالت أمام الجميع:


“تهاني، خطك جميل ومميز”
ثم التفتت إلى الصف بأكمله وقالت:
“صفّقوا لتهاني، فهي تستحق التحية.”

يا لها من لحظة! كانت تلك الكلمات أشبه بنجمةٍ علّقتها على صدري، أو وسامٍ صغير زُرع في طفولتي، فأنبت في داخلي زهرة ثقةٍ ستظلّ تزهر كلما استعدت ذاك الموقف. لم تكن كلمات عابرة، بل كانت بذورًا نمت معها روحي، وتعلمت أن للكلمة الطيبة قوةً تبني، وتُحيي، وتبقى.

معلمتي العزيزة مها، أنتِ منارات الطفولة التي لا تنطفئ، وأنتِ أول من صدّق بجمال خطّي، وبجمال ما أملك من روحٍ صغيرة كانت آنذاك تبحث عن مكانٍ لها في هذا العالم. كنتِ الحنان الممزوج بالحزم، والأناقة المقرونة بالوقار، والبساطة التي تسكنها هيبة المعلمة المخلصة.

شكرًا لكِ، لأنكِ لم تكوني فقط معلمة تكتب على السبورة، بل كنتِ أول من كتب على جدار قلبي أثراً جميلاً لن يُمحى.

شاهد أيضاً

إصابة شاب وطفل بالرصاص خلال اقتحام الاحتلال الخضر جنوب بيت لحم

شفا – أصيب شاب بالرصاص الحي وطفل بالشظايا، مساء اليوم الخميس، خلال اقتحام قوات الاحتلال …