4:22 مساءً / 8 مايو، 2025
آخر الاخبار

الدكتور حسين الخير حمدان ، اسمٌ يشعُّ نقاءً، وأثرٌ لا يُمحى من ذاكرة الامتنان ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتور حسين الخير حمدان ، اسمٌ يشعُّ نقاءً، وأثرٌ لا يُمحى من ذاكرة الامتنان ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتور حسين الخير حمدان ، اسمٌ يشعُّ نقاءً، وأثرٌ لا يُمحى من ذاكرة الامتنان ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك أشخاص لا يمرّون في حياتنا مرور العابرين، بل يعبرون كالنجم، يضيئون العتمة بلحظة، ويغرسون في القلب جذوراً من الودّ لا تموت. ومن أولئك الذين تركوا في نفسي أثراً لا يُنسى، ووشموا ذاكرتي بجميل مواقفهم، هو الدكتور الفاضل حسين أبو الخير؛ الرجل الذي تماهى اسمه مع جوهره، وامتزج سلوكه برقيّ خُلقه، فكان في حضوره سكينة، وفي عطائه حياة.

خلال رحلة دراستي في ماليزيا، وفي محطاتٍ مليئة بالتحدي والسفر والترحال، صادفت رجالاً كالجبال، يملكون من المروءة ما يُعجز القلم عن وصفه، والدكتور حسين كان كغصن زيتون لا ينكسر، وإن انحنى فالكرم أثقله، لا الضعف. رجلٌ تشعر في وجوده أنك في حضرة طُهرٍ نادر، ونُبلٍ عتيق من زمنٍ لا يُشبه هذا الزمن.

ذات يوم، كنتُ قد أنجزتُ بحثاً علميّاً وشاركت به في أحد المؤتمرات، إلا أنني كنت في فلسطين، عاجزة عن الحضور والمشاركة الجسدية، محكومة بظروف السفر وحدود الأرض التي ضاقت بأحلام أبنائها. ووسط حيرتي وتردّدي، اقترحت عليّ مشرفتي أن أتواصل مع الدكتور حسين أبو الخير، علّه يكون جسري للحضور، وصوتي في غيابي.

تواصلت معه، وفي عينيّ رجاءٌ وفي قلبي دعاء، فلم يتردّد لحظة، لم يسأل “كيف؟” ولا “لماذا؟”، بل بادر وكأنني شقيقته، وكأنّ الأمر يعنيه كما يعني صاحبه. وافق بكرم لا يُقاس، وبأخلاقٍ تُشبه المطر إذا نزل على الأرض العطشى، لا يطلب شكراً ولا انتظاراً، بل يروي ثم يمضي، ويدعو لك في الخفاء.

تولّى مهمة تقديم العرض عني في المؤتمر بأمانةٍ وإخلاص، وأرسل لي شهادة المشاركة لاحقاً، كأنّه ملاكٌ يهبُّ من خلف الستار ليمنحك الضوء ثم يعود دون أن يُنسب له الفضل. كان فعله ذاك أشبه بنسمةٍ رقيقة في صيفٍ لاهب، تزيح عن القلب ثقل الشعور بالعجز، وتمنحك يقيناً أن في هذه الدنيا قلوباً لا تزال تنبض بالنُبل.

الدكتور حسين ليس مجرد أكاديمي ناجح أو باحث متميّز، بل هو مدرسة في الخُلق، ومَعلم من معالم الإنسانية الصافية، ومرآة للوفاء الذي ندر. لا يعرف الحواجز، ولا يعرقل خطواته انشغال أو إرهاق، بل يحمل روحه بين كفّيه، ويمضي بها نحو الخير أينما طُلب، وكأنّ رسالته في هذه الحياة أن يكون أثراً طيباً في دروب الآخرين.

حقًا، إنما الإنسان أثر، وأثر الدكتور حسين أبو الخير لا يُنسى، لأنه من نوعٍ نادرٍ من الرجال الذين ينسجون من المواقف قصائد، ومن البذل حكاياتٍ تُروى للأجيال. فشكراً لك أيها الرجل الذي حمل اسم “الخير”، فكان اسماً على مسمّى، وأيقونة للعطاء النبيل.

شاهد أيضاً

استشهاد الشاب رامي الكخن برصاص الاحتلال في نابلس

شفا – استشهد الشاب رامي سامي وليد الكخن (٣٠ عاماً) برصاص الاحتلال خلال اقتحام البلدة …