4:45 مساءً / 6 مايو، 2025
آخر الاخبار

الإنسانة رنا مرعي الطويل ، حين يصبح التواضع عنواناً، والجمال صدى، والأثر الطيب لغةً لا تُنسى، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الإنسانة رنا مرعي الطويل ، حين يصبح التواضع عنواناً، والجمال صدى، والأثر الطيب لغةً لا تُنسى، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الإنسانة رنا مرعي الطويل ، حين يصبح التواضع عنواناً، والجمال صدى، والأثر الطيب لغةً لا تُنسى، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

ثمة أشخاص تمرّ في حياتك كنسمة ربيعٍ مفاجئة، تحمل معها عطراً لا يُشبه سواه، وتترك في القلب أثراً كأنّه وشمُ محبة لا يزول… هكذا كانت الإعلامية والكاتبة الراقية رنا مرعي، واحدة من أجمل مَن مرّوا في حياتي، بل وأكثرهم تركاً لأثرٍ نبيلٍ لا يُمحى.

تشرفتُ بلقائها في حفل إشهار كتابي الثالث “إنما الإنسان أثر – الجزء الثاني”، وكانت قمةً في الأخلاق والرقي والتواضع. حضرت الحفل بكل أناقة الروح، وكانت كلمتها الهادئة وإشادتها الصادقة، موسيقى مختلفة تعزف على أوتار القلب. إنّها ليست مجرد إعلامية، بل امرأة تُجيد العبور إلى القلب بكلمة، وتُتقن الإصغاء كما تُبدع في البوح.

أهدَيتها نسخة من كتابي، وتوقّعت أن تُلقي عليه نظرة عابرة، كما يفعل كثيرون، لكنها فاجأتني بوعدٍ صادق، وعدٍ كُتب عليه عنوان الإخلاص: “سأقرأه، وسأمنحك رأيي بكل صدق.” وعدٌ لم يُطلق على الهامش، بل حُفر بعناية امرأة تعرف كيف تصنع الكلمة وتُقدّر الحرف.

وبعد أيام قليلة، استقبلتُ منها رسالة نصيّة، لم تكن مجرد كلمات، بل قصيدة فرحٍ تبعث في النفس الحياة. قالت لي حينها:

يسعد أوقاتك
شو هالجمال، شو هالقطعة الفنية الأدبية اللي طلعتيها؟
بساطة واسترسال مريح،
مشاعر قريبة من تفاصيل كل إنسان،
جد جد، مش لاقية حروف تعبّر عن اللي قرأته وحسّيته…
شي خرافي…
بانتظار كل جديد من أناملك وحرفك الراقي.”

كم كانت كلماتها كغيثٍ على أرض عطشى، تغلغلت إلى الأعماق، ومنحتني طاقة مضاعفة لأواصل المسير، وثقة أكبر بأن للكلمة الطيبة صدى لا يُقاس بثمن. هذا النوع من الناس، يُشبهون الينابيع، لا يظهرون كثيراً، لكنهم حين يمرّون، يتركون خلفهم جدولاًمن الخير والطمأنينة.

وما زاد من فخري وسعادتي، دعوتها لي للمشاركة في برنامجها الرائع “مفترق طرق”، ذلك البرنامج الحواري – الوثائقي الذي يحمل رسالةً سامية: “لأن كل نجاح… بدأ بلحظة حاسمة”. إنه برنامج لا يُقدّم فقط قصص النجاح، بل يغوص في عمق التجربة الإنسانية، في لحظات التردد، والانكسار، والنهوض من جديد.

رنا مرعي ليست فقط مذيعة، بل محاورة من طراز فريد، كأنها ترسم بصوتها مشهداً، وتُمسك باللحظة كما يمسك الرسام بريشته، تُنصت بصدق، وتحاور بإحساس، وتُخرج من ضيوفها أجمل ما في أرواحهم من قصص.

كم كنت أتمنى لو طال لقاؤنا، لو امتد الحديث وتعمّق، لكنني كنت قد عدتُ إلى فلسطين، حاملةً في قلبي أجمل ذكرى من امرأة تعرف كيف تخلّد اللحظة، وتزرع الدفء في كل لقاء.

حقاً… إنما الإنسان أثر، وأثر الإعلامية رنا مرعي خالد، نقي، وأنيق. أشكرك من الأعماق يا صاحبة القلم الرقيق، والصوت الحكيم، والأثر الذي يبقى، مهما طال الزمن.

شاهد أيضاً

مستوطنون يضرمون النيران في أراضٍ زراعية شمال شرق رام الله

مستوطنون يضرمون النيران في أراضٍ زراعية شمال شرق رام الله

شفا – أضرم مستوطنون، اليوم الثلاثاء، النار في أراضٍ زراعية، شمال شرق مدينة رام الله. …