
الأستاذة الفاضلة نشوه هنداوي ، صاحبة الأثر الطيّب ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
في زمن تتسارع فيه الخطى وتبهت فيه بعض القيم، يسطع في سمائنا التربويّة نجوم نادرة، لا تُضيء المكان فحسب، بل تنير القلوب وتزرع الأمل في أرواح أبنائنا، وتترك من ورائها أثرًا لا يُمحى، وأريجًا لا يزول. ومن بين هذه النجوم، تلمع الأستاذة الفاضلة نشوه هنداوي ، المعلمة والمربية التي آمنت برسالة التعليم، ومارستها بقلب الأم، وحكمة المعلمة، وصدق الإنسان.
كان لقائي بها في موقفٍ ترك بصمة عميقة في نفسي، وعكس صورتها النقيّة كمعلمة تحمل في قلبها حب التعليم، وفي سلوكها سماحة الأخلاق. حدث أن ابنتي تاليا لم تُخبرني بموعد امتحان مادة “التنشئة”، ولم تُنجز ورقة العمل كما هو مطلوب. وبقلق الأم وتوجّسها، ذهبت إلى المدرسة، أبحث عن حل، وربما كنت أستعد لموقف قد لا يخلو من عتب أو لوم.
إلا أن الأستاذة نشوه هنداوي استقبلتني بكلمات ملؤها الحنان، والهدوء، والاتزان. قالت بهدوء الواثقة ومحبّة الأم: “استغربت من الأمر، فابنتكِ تاليا مؤدبة، خلوقة، نشيطة، ومشاركة دائمة في الصف، وأنا متأكدة أن ما حدث كان عفويًا وغير مقصود.” وأضافت بابتسامة مطمئنة: “لا تقلقي، في المرة القادمة سأمنحها فرصة أخرى، وسأحسب لها ورقة العمل.”
كم هو عظيم هذا الموقف التربوي! لقد رأت في الخطأ فرصة للتقويم لا للعقاب، وفهمًا لا حكمًا، ودعمت الطالبة لا لتحابيها، بل لتفتح لها نافذة جديدة للثقة والاجتهاد. وبالفعل، في الامتحان التالي، حصلت ابنتي على علامة مرتفعة، ما كانت لتكون لولا دعم هذه المعلمة النبيلة التي تبني ولا تهدم، تربي ولا تؤنب، تُلهم ولا تكسِر.
عندما اتصلت بها لأشكرها على هذه اللفتة التربوية الراقية، وجدتها تتحدث بتواضع الكبار، وكأنها لم تفعل شيئًا يُذكر، مع أن ما فعلته في جوهره هو تجسيد نقيّ لرسالة التعليم السامية.
إن الأستاذة نشوه هنداوي ليست فقط معلمة، بل هي بوصلة تربويّة تسير بالحب والعدل والتفهّم، وهي مثال حيّ على أن المربي حين يكون نقيًا، يصبح بصمة في وجدان طلابه لا تُنسى، وصوتًا يدفعهم نحو التميّز بثقةٍ وفرح.
شكراً أستاذة نشوه لأنكِ علّمتِ بالكلمة الطيبة، وربّيتِ بالموقف النبيل، وأثبتِّ أن المعلم الصادق هو من يفتح أبواب الروح قبل أبواب الصف، ويترك في النفس أطيب الأثر.
دمتِ منارة مضيئة في عالم التربية، ومثالاً ناصعًا للأثر الطيب.