11:55 صباحًا / 27 أبريل، 2024
آخر الاخبار

من أمل الى تكفا، بقلم : د. غسان عبدالله

من أمل الى تكفا، بقلم : د. غسان عبدالله

من أمل الى تكفا، بقلم : د. غسان عبدالله


عزيزتي تكفا : أكتب لك من خضم الألم والمعاناة التي بدأت منذ قرابة قرن من الزمان ,بعد أت تكشف زيف الشعارات بخصوص حقوق الانسان ، وبعد أن تبين لي شخصيا أن من يدّعون بالأصدقاء لكم ، هم فقط يستغلونكم كسلعة اما للنجاح في انتخاباتهم أو اعتباركم وسيلة لتريج أسلحتهم الفتّاكة ، كونكم لا تدفعون ثمن هذه الأسلحة بمختلف أنواعها .

لو نظرت الى الماضي القريب وتمعنت في المواقف بل الجرائم الانسانية التي تم ارتكابها بحق شعبك ، لتيقنت من صحة قولي هذا ، اذن يتم استعمالكم من أجل الدعاية لما صنعوه وما سيصنعوه من أسلحة ، كون مثل هذه الأنظمة لا تعيش ولا يزدهر اقتصادها الا بالحروب، وولأسف أورثوا هذ القناعة للبعض لديك .


لعلك تدركين أن كلتانا يحملان نفس معنى الاسم ولكن بلغتين مختلفتين ، أنا لاجئة من بيسان شمال فلسطين التاريخية ورقم بطاقة الاقرار باللجوء والصادرة عن وكالة الغوث الدولية التابعة الى الأمم المتحدة هو 16170065 .

لا أدري ان كنت تنحدرين من عائلة أصيلة العرق أم جئت لاجئة من احدى بقاع العالم بعد أن أوهموك بالكذبة الكبرى . ما يهمني أننا نعيش سوية على هذه الأرض التي ارتوت بالدماء بعد أن كانت مقصدا للجميع قبل 1948 ، حيث كانت يافا عاصمة للثقافة والفن ، مثلما كانت حيفا وعكا موئلا للاقتصاد الشرق الأوسطي ان لم يكن العالمي


أدرك تماما أن الحرب القذرة والاقتتال المتبادل ستتوقف اّجلا أم عاجلا ، ويجلس قادة الصف الأول للتخطيط والتفكير في كيفية الحفاظ على كراسيهم وترويج المزيد من الأوهام والأكاذيب للبحث عن طوق نجاة وللحفاظ على مصالحهم الشخصيّة .سيجلس من في الصف الثاني للتخطيط والتفكير في كيفية قنص الفرص للقفز الى الصف الأول ، في حين ستجلس الأمهات المكلومات من شدة الكرب وألام الفقدان وكذلك الزوجات الأرامل ليفكرّن في ايجاد أجوبة لعلها تكون شافية ومقنعة للأطفال اليتامى و منهم من فقد كامل أفراد العائلة .


سيجلسون جميعا في أجواء وبيئات مختلفة ، اذ سيجلس الصنف الأول والثاني في مكان الاقامة الزاخر بالتحف والهدايا وفي ظل أجواء التكييف والتهام ما لذّ وطاب من مأكولات ومشروبات ، وسيجلس الصنف الثالث اما في العراء أو داخل احدى الخيم التي سلمت من الرياح العاصفة ، وجباتهم الحسرة والألم من فقدان الأحباب والأقران ، باحثين /باحثات عن درهم وقاية كي لا يتردّى الوضع الى ما هو أسوأ مما هو عليه الحال.


لا أنا ولا أنت بقادرات على ايجاد الحلول السحرية لتأمين لقمات من الأكل كي يمتلئ بطن الجوعى أو توفير القليل من المياه لري ظمأ العطاشى ، (بالطبع لن تكون مياه معدنية مفلترة) ، ولا لتأمين الأدوية أو الأوكسجين والحليب للأطفال الخدّج ، ولا القدرة على انتشال الأطفال من الأوبئة والأمراض التي باتت تتفشى من حولهم .


عزيزتي تكفا : لم أقصد من كتابة هذه الكلمات توصيف الواقع المزري الذي اّلت اليه كل الموجودات، جرّاء القتل لمن تبقى من الكائنات الحيّة ( شجر وبشر) ولا حتى الجمادات ( تدمير البيوت،المدارس ودور العبادة وحتى الأرصفة ) .

لا أكتب من أجل أن تأتين لمساعدتي كون زمن مجيئك خسارة لا فائدة مرجوة منه . أكتب لك لكي نعمل سوية ومعا لتبديد الوهم ووضع حد للأكاذيب وترويج الاشاعات التي أغدوقوها على أمثالنا منذ القدم .

اّن الأوان كي نوقف كل مستبد ظالم عند حدّه ، وأن نوقد الشمع كي ننير الطريق للقابعين في بحار الظلمات و الأوهام ولينفضوا الغبار والجمود عن العقول والقلوب التي باتت تسيطر عليها الأكنّة وعلى أذانهم الشمع والوقر بسبب جهود هؤلاء المستبدين .


أعذريني اذا ما قلت لك أن مثل هذه الرسالة قد لا تأتيك ولا لغيرك من الجيل الاُتي بعدي كونه لن يكون هناك جيلا نقيا متقد الذكاء ليخرج من قمقم الجهل والغباء ، مع التأكيد على أنه من جانبي سيكون القادم أسخم ، اذ يستحيل الكذب على اليتامى والأطفال الذين فقدوا أعزّ ما يتمناه حنان الوالدين ، الأخ – الأخت الأكبر والمكان الاّمن –البيت ولقمة العيش وقطرات المياه وكتبه وكراساته المدرسيّة !!!


حينما يجد الأتراب اليتامى ذواتهم في مثل هذه الحالة ، ويسترجعون ما حلّ بهم من ويلات ويعيشون اّثار الصدمات النفسيّة جراء الأعمال التعسفيّة من قتل وتشريد ، حتما لن يرددّوا مقطع أغنية “رقصني يا جدع” بل وحتما سيبدأون التفكير في كيفية الانتقام، وأنا كأمل ، أستعيذ بالله أن لا يتم ذلك .


أعي تماما أنك وبعد قراءة رسالتي هذه لك ، سيقفز الى تفكيرك : ماذا وكيف لنا جميعا أن نعمل لنصرة الانسانية الذبيحة وفي أحسن الأحوال المظلومة في منطقتنا، وكيف لنا أن نحوّل معنى أسماءنا الى واقع فعلي للبشرية جمعاء وليس فقط مجتمعينا ضحايا الجهل والاستغلال ! .

د. غسان عبد الله – القدس

شاهد أيضاً

الإمارات تستقبل الدفعة الـ 16 من اطفال غزة الجرحى ومرضى السرطان

الإمارات تستقبل الدفعة الـ 16 من اطفال غزة الجرحى ومرضى السرطان

شفا – وصلت إلى الإمارات، فجر اليوم السبت، الدفعة الـ 16، من أطفال قطاع غزة …