10:02 مساءً / 26 أبريل، 2024
آخر الاخبار

جراحة بلا أقنعة ( 2 ) بقلم : توفيق أبو خوصة

جراحة بلا أقنعة ( 2 ) بقلم : توفيق أبو خوصة

مرة أخرى >>> موجة جديدة من موجات التكاذب والمناورة والمداورة التي سقطت موجة تلو موجة وتكسرت على صخرة الحقيقة ، بأن لا مصالحة في المستقبل المنظور ، بالرغم من كل ما تتضمنه مزادات ومناقصات التصريحات الأيجابية ،التي سريعاً ما تتبخر في ظل حرارة الإنقسام وجمر الإنقلاب الذي لا زال يتلظى ويحرق كل محاولة لتجاوز المرحلة نحو إعادة اللحمة الوطنية من جديد ، إذ أن بعض الإشارات الإيجابية والفلاشات الإعلامية على طرفي المعادلة ، فإن الوقائع تقود إلى أن كل طرف يحاول بطرق إلتفافية إبعاد المسؤولية عن نفسه بإستمرار التداعيات القاهرة التي ترتبت على الانقلاب الاسود 2007 الذي شكل طعنة نجلاء في قلب المشروع الوطني الفلسطيني .

إذ لا تزال المراهنات الداخلية في حماس القائمة بين وجهتي نظر تحكمان الحركة وسلوكها ، تفرض نفسها على حاضر ومستقبل الواقع السياسي الفلسطيني ، حيث هناك تيار وازن في الحركة يعتقد بعدم جدوى المصالحة الوطنية مع حركة فتح على الأقل حالياً ، من منطلق أن المصالحة تعطي قوة وزخماً لفتح هي بحاجة إليه ، وتمنحها مجالاً أوسع للمناورة وتدعيم دورها القيادي على الساحة الفلسطينية ، في حين أن أوضاعها الحالية آيلة للإنهيار والسقوط بحكم إنسداد الأفاق السياسية أمام القيادة الفلسطينية ، كما يؤكد هذا التيار على ضرورة إستثمار حالة الصعود السياسي والجماهيري التي تشعر بها حماس خاصة في أعقاب العدوان الأخير على غزة ، والإستفادة منه لأبعد مدى وبكل الطرق بما فيها مساومة وإبتزاز حركة فتح لتحقيق المزيد من المكاسب دون الوصول إلى مصالحة ناجزة ، حيث أن الفلسفة التي تحكم هذا المنهج تقول بأن لا مجال لشراكة ندية بين فتح وحماس ، وأن المرحلة المقبلة طابعها صعود وسيطرة الاسلام السياسي على مقاليد الحكم والسلطة فى المنطقة برمتها ، وبالتالي لا ضرورة لمنح حركة فتح جرعة حياة تطيل عمرها على الساحة الفلسطينية ،، ولا بد من تثبيت أركان الحكم الإسلامي وإحكام السيطرة ولو تدريجياً على الضفة الفلسطينية ، وجاءت إحتفالات حماس في ذكرى إنطلاقتها بصورة أو وأخرى لتعزيز هذه الرؤية وتدعيم مواقف أصحابها ، التي تقول دعوا فتح تغرق إلى غير رجعة في مستنقع الفراغ السياسي والعجز الإقتصادي وغياب البرامج مما يجعلها تتأكل داخليا ً وتنحسر جماهيرياً مما يقرب إنهيارها وإندثارها حسب وجهة نظر هذا الفريق الذي يتطلع إلى وراثة المشروع الوطني وإطاره القيادي م . ت . ف دون شراكة مع أحد .

بالمقابل فإن التيار الآخر في حماس لا يختلف في الهدف الأستراتيجي ولكن التباين فقط في التكتيك المستخدم لتحقيقه ، ويرى بأن الذهاب نحو مصالحة وطنية بشروط حماس ، وبما يمنحها القدرة على المشاركة في القرار الوطني ويعطيها حق النقص ( الفيتو ) على كل مجريات العمل الفلسطيني يشكل خطوة مركزية للإستيلاء على م . ت . ف من الداخل ، وبثمن أقل يعطي حماس إطاراً أوسع من الشرعية الدولية علاوة على أنه يساهم في تحقيق الهدف الإستراتيجي بهدوء دون ضجيج ، بإعتبار أن السيطرة على م . ت . ف و مؤسساتها من الداخل يجعل إحكام الفبضة على قيادة السلطة الوطنية تحصيل حاصل .. من هنا نجد أن الخطاب الإعلامي والسياسي لهذا التيار يركز على دور م . ت. ف وضرورة تطبيق ما تم الإتفاق عليه بشأنها كأولوية أولى ، دون إغفال التركيز على موضوع إحياء المجلس التشريعي وتفعيله قبل النظر في إجراء الأنتخابات ، ووضع مفهوم الشراكة الكاملة في القرار الوطني عبر بوابة المشاركة في قيادة م . ت . ف قبل أي عملية أنتخابية بمعنى أولاً الدخول في قيادة المنظمة من موقع التأثير الحاسم ، وإستثمار نتائج إنتخابات 2006 التي منحت حماس أغلبية في المجلس التشريعي كأساس لتحديد دور ومكانة حماس في أطر م . ت .ف القيادية المختلفة حتى لو تعذر لاحقاً إجراء عملية إنتخابية وديمقراطية شاملة لكل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج .

غير أن موازين القوى الداخلية في حماس لا زالت تميل لصالح التيار الأول الذي لا يرى مبرراً لإستعجال المصالحة الوطنية بل التركيز في تثبيت أركان الحكم الحمساوي في قطاع غزة مع أحداث تغييرات جدية وتحقيق مكاسب نوعية على صعيد الضفة الفلسطينية والإستمرار في حصد المزيد من الأعترافات الدولية وتهيئة الأجواء لفرض حماس كلاعب أساسي مؤهل لأن يكون الشريك الكامل والبديل في أي معادلة سياسية لحل القضية الفلسطينية بدعم كامل من قوى الإسلام السياسي الصاعد في المنطقة ، وتفاهمات معلنة وسرية مع إسرائيل برعاية أطراف ثالثة تحظى بمباركة أمريكية مثل قطر وتركيا ومصر التى يسدد فيها الاسلام السياسى فاتورة قبوله في النظام الاقليمى كما حصل أثناء العدوان الاخير على غزة ، لذلك ستبقى الآمال الفلسطينية معلقة في الهواء ولن تبارح موقع المراوحة في ذات المكان حتى وإن إتخذت أشكالا و أوضاعاً جديدة ، فهي لن تقترب من الواقع الحقيقي الذي يقود إلى تحقيق مصالحة جادة في المستقبل القريب على الاقل ، خاصة إذا أضفنا للمعادلة الموقف الامريكى المنسجم مع الرؤية الاسرائيلية الذي يسعى بقوة إلى إستمرار الوضع القائم على الساحة الفلسطينية .

شاهد أيضاً

الخارجية الروسية ترد على اتهامات أمريكية لبوتين بتنظيم احتجاجات مؤيدة لفلسطين

الخارجية الروسية ترد على اتهامات أمريكية لبوتين بتنظيم احتجاجات مؤيدة لفلسطين

شفا – اعتبرت متحدثة الخارجية الروسية اتهام رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي الرئيس …