4:48 صباحًا / 17 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

مجزرةٌ تنزفُ في فؤادِ البلدِ العتيق ، بقلم : مريم سميح سويطي

مجزرةٌ تنزفُ في فؤادِ البلدِ العتيق ، بقلم : مريم سميح سويطي

في وضح النهار ، رائحةُ الدم تتدفقُ في كل مكان ، اجتياحٌ وحصار ، و مروحيات تحوم في السماء ، مسنٌّ مضرج بدمائه في أزقة الحواري , وأزيز الرصاص يصدح إلى كل المسامع ، لتكون مدينة نابلس مسرحاً لجريمة جديدة يقترفها السفاحين الصهاينة برصاصاتِ غدرهم وقذائف حقدهم ، ١1 شهيداً ومئات الاصابات ، عجزت الكلمات والحروف الأبجدية عن وصف المشهد توشحت المدينة بالسواد ، ممرضٌ يحاول انعاش شهيد فتعتليه الدهشة والجمود ليفجعَ بأن ذلك الشهيد هو والده يصرخ بأعلى صوته مُنادياً ” أبي أبي” ، الطواقم الطبية في حالةِ تخبطٍ وارباك، أمهاتُ الشهداء تذرفُ الدمعات حزناً على فراق فلذات اكبادهم , وفخراً بنيلهم الشهادة في سبيل الله والدفاع عن الوطن , فقد أضاءوا بدمائهم قنديل الحرية , وعلم فلسطين يرفرف والتكبيرات والهتافات تملأ الأرجاء , شاشات التلفاز تنقل الأنباء وتعرض صور الشهداء .
أبطال اقتنصوا الشهادة من فوهة البنادق .


داخل اروقة منزلٍ قديم يتحصنُ المقاومون ( حسام إسليم , ومحمد الجنيدي ) يقاتلون ببسالةٍ وشجاعة بين زخات الرصاص ويشتبكون مع العدو حتى الرمق الأخير, والصواريخ تنهمر عليهم كالمطر من الغيوم البليدة يحمون بأجسادههم وسواعدهم المدينة كي لا تكون لقمة سائغة للسفاحين الصهاينة , رافضين الخضوع والتسليم مستمرون في الاشتباك .


” يا أخوي.. تأكد أن ابن السرايا ما هرب وبضل زلمة، ولساته محاصر وما رح يسلّم حاله ” أخر ما تفوه به الشهيد محمد الجنيدي كلماتٌ تحاكي الموقف الذي عايشه خلال مجابهتهِ العدو ، شابٌ في مقتبل العمر استطاع أن يسطر اسمه بين أمجاد التاريخ ،
صلباً وحازماً ، متمرداً ، ثابتاً على مبادئه ، كرس جلّ حياته في الدفاع عن الوطن ، عنواناً لإمداد المقاتلين بالذخيرة والسلاح ، واستطاع تأسيس مجموعات مسلحة لمقاومة المحتل ” سرايا القدس ، كتيبة نابلس ، عرينُ الأسود ) استطاع أن يوقف الكيان الهش على قدمٍ واحدة وبندقيته الشريفة وضحت مدى هشاشة العدو , فأرعب الصهاينة ووضعوه المطلوب الأول في قائمتهم , لأن سلاحه , واجهة ترسانة الصهاينة العسكرية , وهز خططهم الأمنية .
المُساومة على الألم
12 رصاصة استقرت في جسده أصيب محمد بجراحٍ خطيرة خلال محاولة اغتياله من قبل قوات الاحتلال ، تكسرت جمجمة رأسه واستبدلها الأطباء بطاقيةٍ طبية ، انتزع الحياة من رحم الموت ، وعاد إلى طريق النضال محملاً بالجراح وجسدٍ مثخن بالآلام استمرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مطاردته في محاولاتٍ غير مجدية في سبيل إضعاف نضاله صادروا سلاحه واعتقلوا شقيقهِ .

في الوقت الذي يفترض أن يكون الطب مهنة الإنسانية الأولى هناك من استباحوا حياة محمد ” العلاج مقابل التسليم ” فلم يتقن الطبيب المؤتمن على الأرواح عمله ، ولم يلتزم بيمينٍ عقده مع الله ( سبحانه وتعالى ) رفض محمد الخضوع استمر بالوقوف في وجه العدو وظلمه ، ليرحل برفقة صديقه ” حسام إسليم ” ليصنعوا من أجسادهم جسراً يعبروا به نحو العلياء ويحفروا أسماءهم على جدار الزمن ومساكن الذاكرة …. فما أجملُ حياة الثوارّ عندما تصبحُ قصصاً تروىّ .

شاهد أيضاً

الكنيست الإسرائيلي يصادق على إحالة مشروع قانون فصل الماء والكهرباء عن مكاتب "أونروا" للتصويت

الكنيست الإسرائيلي يصادق على إحالة مشروع قانون فصل الماء والكهرباء عن مكاتب “أونروا” للتصويت

شفا – صادقت “لجنة الخارجية والأمن” بـ”الكنيست” الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، على إحالة مشروع قانون لفصل …