
بتسليم- والتهجير القسري من مناطق -ج- في الضفة الغربية ، بقلم : بديعة النعيمي
بحسب موقع المؤسسة الحقوقية التابعة لدولة الاحتلال “بتسليم”، “تعرضت تجمعات من مناطق “ج” للتهجير القسري تحت ستار الحرب لغاية ٣٠/نوفمبر/٢٠٢٥، بفعل سياسات الجيش “الإسرائيلي” وممارسات المستوطنين:
٤٤ تجمع هجرت بشكل كامل من منطقة الأغوار الشمالية وحتى جنوب جبل الخليل. عدد العائلات التي هجرت منها ٤٣٣ عائلة، عدد الأفراد الذين هجروا ٢٧٠١شخص، من ١٢٢٦ قاصر. ١١ تجمع هجرت بشكل جزئي، عدد العائلات المهجرة ٤٣ عائلة، فيها ٢٧٧ فرد، منهم ١٢٩ قاصر”.
إن ما جاء في تقرير “بتسليم” مما تتعرض له الضفة الغربية من تهجير قسري ما هو الا استكمالا لحلقة في سياسة قديمة متجددة لطالما سعت إلى تفريغ الأرض من أصحابها الشرعيين. والأرقام الصادرة إنما تكشف عن مشهد يعيد إنتاج نكبة ٤٨ بلغة القرن الحادي والعشرين.
ما حدث في ١٩٤٨، من مسح قرى كاملة من الخارطة والمدن التي تم إفراغها من أصحابها، كان الأداة المركزية التي شكلت القاعدة التي أقيمت عليها دولة قامت على فكرة “الأرض بلا شعب”.
وبعد نكسة ٦٧ لم تتغير الفكرة، ولكن تغيرت الأدوات، احتلال عسكري طويل الأمد، تقسيمات إدارية، قوانين طوارئ، ثم اتفاقيات كرست السيطرة على الأرض، خصوصًا في مناطق “ج” التي تشكل أكثر من ٦٠% من مساحة الضفة الغربية. في هذه المناطق، يعيش صاحب الأرض الشرعي تحت نظام مستبد ومتحكم يمنع البناء، يهدم المنازل، يصادر المراعي، يغلق الطرق، يعلن عن مناطق عسكرية متى شاء ويحمي عنف المستوطنين، قبل هجوم السابع من أكتوبر وبعده، فالاحتلال الفاشي لم يحتج يوما إلى غطاء لما يرتكبه من قمع وانتهاكات يومية بحق الشعب الفلسطيني. ولطالما رصدت عدسات الإعلام وتقارير المؤسسات الحقوقية هذه الانتهاكات، لأن هذا الاحتلال يعلم بأن جميع “القوانين الدولية” التي تجرم التهجير القسري وجدت في الأصل لتحميه وتغطي على إجرامه، بل وتعطيه الضوء الأخضر ليمضي إلى ما هو ماض إليه.
ورغم ذلك، فإن سياسات التهجير القسري لا يمكنها أن تنتج استقرارا لدولة تسعى إلى نفي شعب كامل وطمسه من معادلة التاريخ والجغرافيا. فالدولة التي تظن بأنها تبنى على القوة وحدها، وتقوم على سياسة الأقصاء، هي دولة أسيرة لهاجس “الأمن”، دولة تعجز منذ عقود عن تحويل السيطرة إلى شرعية. إن ما ارتكبته ولا زالت من ظلم وقمع، وفرض الوقائع بالقوة، لا ينتج سوى أسباب لمقاومتها كدولة استعمارية استيطانية بل ويعمق هذه المقاومة ويمنحها سر البقاء والاستمرار. والضغط المستمر إنما يؤدي إلى انفجار حتمي ذات يوم، انفجار سيعيد تعريف ميزان القوة ومعنى الصراع.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .