
أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي
شفا – يواصل المشهد الأكاديمي الجزائري تعزيز حضوره العلمي من خلال تنظيم ملتقيات دولية تُعنى بفهم تحوّلات العصر، وفي هذا السياق احتضنت أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي – الجزائر بالشراكة مع عدد من الجامعات والمراكز البحثية العربية من بينها الجامعة الإسلامية بمينيسوتا الفرع الرئيس بأمريكا مركز الريادة والابتكار وجامعة الاندلس للعلوم والتقنية باليمن ومركز الدراسات والبحوث الاندونيسية/ جامعة قناة السويس بمصر والمجمع الأكاديمي العالمي بالعراق وأيضا مشاركة مخبر الموروث الثقافي والعلمي التابع لجامعة تامنغست ومخبر اللهجات ومعالجة الكلام التابع لجامعة وهران 1 فعاليات الملتقى الدولي الموسوم بـ “العلوم الاجتماعية وثقافة الأولويات في زمن الأزمات: مقاربات عابرة للتخصصات” يوم 15 نوفمبر 2025.
جاء الملتقى في ظل التحوّلات المتسارعة التي يشهدها العالم نتيجة الأزمات الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها تداعيات جائحة كوفيد-19 التي أعادت إنتاج أسئلة عميقة حول معنى الأولويات، وقدرة العلوم الاجتماعية على فهم الظواهر الطارئة وتفسيرها. وقد أبرزت ديباجة الملتقى أن الأزمات لم تعد أحداثًا منفصلة، بل أصبحت متواصلة ومركّبة، تحتاج إلى قراءة علمية متعددة المقاربات.
وقد ركزت الإشكالية المطروحة على سؤال جوهري: كيف يمكن للأزمات أن تتحول إلى فضاءات يعاد فيها ترتيب الأولويات وصياغة المعنى الاجتماعي؟
وقد انطلقت الإشكالية من فرضية مفادها أنّ الأزمات تكشف هشاشة البنى الاجتماعية والثقافية، لكنها من جهة أخرى تُعيد تشكيل وعي جديد تجاه الحاجات والمعايير والقيم، وهو ما يستدعي تحليلاً معمقًا لآثارها في مختلف المجالات.
وقد سعى المنظمون من خلال هذا الملتقى إلى:
إبراز تحولات المعنى وطرق إعادة بناء الأولويات أثناء الأزمات.
تحليل التحديات المعرفية التي تواجه العلوم الاجتماعية في فهم التحولات الطارئة.
تقديم مقاربات عابرة للتخصصات تجمع بين علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية وعلم النفس.
تتبع أثر الأزمات في الخطاب الإعلامي والرقمي وفي إنتاج الرموز والدلالات الجديدة.
الدفع نحو بلورة منهجيات بحثية مبتكرة لفهم المخاطر والكوارث والتغيرات الكبرى.
توزعت جلسات الملتقى على ست محاور رئيسية:
- تفكيك الأزمات: المفاهيم والنظريات من منظور العلوم الاجتماعية
– تناول جذور الأزمة في الخطاب السوسيولوجي والأنثروبولوجي، ومرتكزات التحليل البنيوي والثقافي للأزمات. - تحولات المعنى في زمن الأزمات: تأصيل سوسيولوجي وأنثروبولوجي
– دراسة تأثير الأزمات على الهوية والقيم، ودور الرموز الاجتماعية في صياغة المعنى الجديد. - وسائل الإعلام والفضاء الرقمي وصناعة المعنى في حالات الطوارئ
– تحليل حالة الإعلام أثناء الأزمات، والسرديات الرقمية، وانتشار الإشاعة والخوف الجماعي. - الأزمات اليومية وتمثلات الحياة
– مقاربات حول العمل غير الرسمي، الهشاشة الاجتماعية، الصحة النفسية، معاني التضامن والتعاطف. - السياقات الثقافية وتحولات المعنى: مقاربات مقارنة عابرة للتخصصات
– التركيز على الأدب والفنون والرموز والقيم، وكيف تُعاد صياغتها أثناء الأزمات الكبرى. - إعادة ترتيب الحاجات في الأزمات
_ تحديد الاولويات اثناء الأزمات
وقد سجل الملتقى مشاركة 116 باحث من الجزائر، العراق، فلسطين، والسعودية إلى جانب رؤساء مراكز بحثية وأكاديميين من جامعات مختلفة. وقد شهدت الجلسات نقاشًا ثريًا يعكس أهمية المقاربة البينية في فهم الأزمات المعاصرة
أبرزت المناقشات أن الأزمات لم تعد مجرد حوادث عابرة، بل أصبحت لحظة تأسيسية تعيد تشكيل علاقات الأفراد والمجتمعات. وخلص المشاركون إلى ضرورة:
اعتماد مناهج بحثية جديدة أكثر تفاعلية.
تعزيز التكامل بين العلوم الاجتماعية والعلوم التقنية والطبية.
دراسة البعد الثقافي للأزمات وعدم الاكتفاء بالتحليل الاقتصادي والسياسي.
تطوير آليات رصد مجتمعي تُمكّن من فهم التحولات في السلوك والمعنى والرموز.
لقد شكّل هذا الملتقى منصة أكاديمية مهمة للباحثين العرب، ليس فقط لعرض بحوثهم، بل أيضًا لبناء شبكة علمية للتفكير في كيفية تعزيز دور العلوم الاجتماعية في زمن تتسارع فيه الأزمات. وقد أظهر الحضور الكبير والتنوع الأكاديمي حاجة مجتمعاتنا إلى مقاربات متكاملة لفهم الواقع المعقّد وصياغة بدائل مستقبلية أكثر وعيًا وصلابة.
ومن أهم التوصيات التي خرج بها المتدخلون:
1 تعزيز حضور الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية في تحليل الأزمات، مع دعم البحوث التي تدرس إعادة تشكيل الطقوس، أنماط الحياة اليومية، تحولات المعنى، والرموز الجديدة التي تنتجها المجتمعات في الظروف المتغيرة.
2 تشجيع اعتماد ثقافة الأولويات داخل الأسرة والمؤسسات عبر برامج تدريبية محددة تشمل إدارة الوقت الرقمية، مهارات التفويض، والوعي بالقيم التربوية التي تساعد الأسر على الاستقرار خلال الفترات الصعبة.
3 دعم الأبحاث التي تدرس أثر التحول الرقمي على السلوك الفردي والجماعي، مع التركيز على العلاقة بين الفضاء الرقمي وصناعة المعنى، انتشار المعلومات الكاذبة، دور الميمات الساخرة، وسلوك المستخدم في حالات الطوارئ.
4 تطوير مقاربات متعددة التخصصات لدراسة الأزمات الصحية والنفسية، تربط بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبية، خاصة فيما يتعلق بالأمن الصحي، الاضطرابات النفسية، وإدارة الخطاب الصحي في الإعلام التقليدي والرقمي.
5 تشجيع البحوث التي تعالج قضية الهجرة بوصفها ظاهرة مركبة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وثقافية ونفسية، وفهم أثرها على الانتماء، التماسك الاجتماعي، وتمثلات المستقبل لدى الشباب والطلبة.
6 تعميق دراسة الأزمات داخل بيئة العمل والمؤسسات من زاوية نفسية وتنظيمية، مع وضع برامج وقائية عبر تعزيز الوعي التنظيمي، إدارة الصراعات، وتوسيع تكوين الفاعلين في إدارة المخاطر.
7 تعزيز الدراسات التي تربط بين التراث الديني والأنثروبولوجي والسلوك الاجتماعي في الأزمات، بما يسمح بفهم آليات التماسك المجتمعي، ديناميات الرموز، والدور التاريخي للطقوس والمناسبات الجماعية في امتصاص التوترات.
8 دعم البحث في الظواهر المرتبطة بالإعلام الرقمي في فترات الطوارئ، خاصة ما يتعلق بصناعة المحتوى، إنتاج الحقيقة، توجيه الجماهير، تغذية التضامن الرقمي، واستعمال الشبكات كفضاء للتعبئة أو التضليل.
9 تشجيع المقاربات النقدية لدراسة التحولات الثقافية والفكرية في زمن الأزمات، من خلال تحليل النصوص الأدبية، الخطابات الفلسفية، السرديات الرمزية، والعودة إلى قضايا المعنى والهوية في السياقات المعاصرة.
10 توسيع الاهتمام بالدراسات التي تتناول الفئات الهشة خلال الأزمات، مثل الأطفال ذوي الاضطرابات اللغوية، المطلقات، أو العمال الميدانيين، مع توصية المؤسسات بتطوير برامج دعم وتكوين موجهة إليهم.
11 إبراز الحاجة إلى استراتيجيات اتصال فعالة خلال الأزمات، تقوم على التنسيق بين المؤسسات، وضبط الرسائل، واستعمال المنصات الرقمية في التوعية الوقائية، مع الحد من التشويش المعلوماتي.
12 تشجيع إدماج مقررات تعليمية تخص الأزمات داخل البرامج الجامعية في العلوم الاجتماعية لتكوين باحثين قادرين على فهم التحولات المتسارعة، وصياغة حلول عملية تعالج أبعاد الأزمة ومعانيها على المدى البعيد.
13 توصية الهيئات العلمية بإنشاء فرق بحث دائمة حول ثقافة الأولويات، تضم خبراء من مختلف التخصصات، لإنتاج معرفة تطبيقية تساعد على إدارة الأزمات في مجالات الصحة، التعليم، العمل، الإعلام، والمجتمع.

شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .